من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : طارق عبدالفتاح الجعبري.
إجمالي القراءات : ﴿8782﴾.
عدد المشــاركات : ﴿8﴾.

صعقة إبليس لجنده : فلا تلوموني ولوموا أنفسكم.
■ فلا تلوموني ولوموا أنفسكم.
(وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ • وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ۖ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ) (22 ــ 23 سورة إبراهيم).

■ فلا تلوموني ولوموا أنفسكم.
صرخة إبليس لأتباعه صعقة إبليس لجنده حسرة الكافرين يوم لا ينفع مال ولا بنون.
إلى كل ضحايا القدر وحاصل أخطاء الآخرين.
إلى كل المظلومين وليس بيدهم حيلة إلا ما كان لمن عاشها غفلة وحسبها لحظة وظنها لهوا ومزحا.
إلى كل المستضعفين في الأرض ومن جار الزمن عليهم ووقف العالم ضدهم.
إلى كل السابحين في الخطيئة.
إلى كل المنحرفين عن الحقيقة.
إلى الذين سلبوا إرادتهم بأيديهم وعبّدوا أنفسهم شهواتهم وملّكوا أمرهم شيطانهم، لا تلوموني ولوموا أنفسكم. نعم، لا تلوموني ولوموا أنفسكم.
إلى الذين يعدّون قائمة مبرراتهم ويعملون ليل نهار في إقناع أنفسهم بأنهم مسيّرون لما هم فيه وليس في الإمكان أفضل مما كان (لا تلوموني ولوموا أنفسكم) (ولا تزر وازرة وزر أخرى) (وليس للعبد إلا ما سعى) وما الشيطان بمساعدكم وما أنتم بمساعديه وما هو بمصرخكم وما أنتم بمصرخيه {فلا تلوموني} اليوم {ولوموا أنفسكم} فإن الذنب لكم لكونكم خالفتم الحجج واتبعتموني بمجرد ما دعوتكم إلى الباطل، أنه (إبليس) يخلي بكم وينفض يده منكم، وهو الذي وعدكم من قبل ومنّاكم، ووسوس لكم أن لا غالب لكم، فأما الساعة فما هو بملبّيكم إذا صرختم كما أنكم لن تنجدوه إذا صرخ.
لا تلوموني على إجابتكم إياي ولوموا أنفسكم عليها، فروى ابن المبارك من حديث عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة قال : فيقول عيسى أدلكم على النبي الأمي فيأتوني فيأذن الله لي أن أقوم فيثور مجلسي من أطيب ريح شمها أحد حتى آتي ربي فيشفعني ويجعل لي نوراً من شعر رأسي إلى ظفر قدمي ثم يقول الكافرون قد وجه المؤمنون من يشفع لهم فمن يشفع لنا فيقولون ماهو غير إبليس هو الذي أضلنا فيأتونه فيقولون قد وجد المؤمنون من يشفع لهم فاشفع لنا فإنك أضللتنا فيثور مجلسه من أنتن ريح شمها أحد ثم يعظم نحيبهم ويقول عند ذلك (إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم) (وعد الحق) وعدكم الله وعد اليوم الحق ووعدكم وعد الوعد الحق فصدقكم (وما كان لي عليكم من سلطان) وليس لي من حجة وبيان؛ وما أظهرت لكم حجة على ما وعدتكم وزينته لكم في الدنيا، (إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي) فأغويتكم فاتبعتموني ولم أقهركم على ما دعوتكم إليه (إلا أن دعوتكم) ولكن دعوتكم بالوسواس والأماني فاستجبتم لي باختياركم، (فلا تلوموني ولوموا أنفسكم) (فلا تلوموني ولوموا أنفسكم) إذا جئتموني من غير حجة (ما أنا بمغيثكم) وما أنتم أي بمغيثي. والصارخ والمستصرخ هو الذي يطلب النصرة والمعاونة، والمصرخ هو المغيث قال سلامة بن جندل :
كنا إذا ما أتانا صارخ فزع • • • وكان الصراخ له قرع الظنابيب


إن إبليس متلبّس بيننا بوجوه وأشخاص قد لا تعدّ ولا تحصى، فهو بين أفكارنا وفي أعمالنا ومؤسساتنا، في ساستنا ومدراؤنا وموظفينا وأسواقنا، فصرخات وتلبيسات أباليس وشياطين الإنس والجنّ مشرعة علينا ليل نهار، أفلا تستحق الانتباه والتمحيص بل إلا تستوجب النفير والاجتهاد في صدّها، فسلعة الله الجنة هي سلعة غالية، وثمنها عظيم ولا تمنح لمتقاعس أو كسول يرمي على غيره عيوبه وتقصيره وتقاعسه، أنه الإيمان والعمل الصالح الذي يستطيعه كل واحد منا القيام به حتى يمتلك مفتاح أبواب الجنة قال تعالى : (وَأُدْخِلَ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبّهِمْ تَحِيّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ).

فاتركوا وتبرّؤا من كل مبررات الكسل والإحباط والقهر والضعف، ولا تلوموا إلا أنفسكم، فلن تتحصّلوا ما تريدون من حسن الآخرة إلا بأنفسكم وجهدكم، مهما علا الطغيان وحل الفساد.
◄ المراجع : تفاسير القرطبي وابن كثير والظلال والطبري.