من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : عماري جمال الدين.
إجمالي القراءات : ﴿11125﴾.
عدد المشــاركات : ﴿20﴾.

الإشراف التربوي واقع وآفاق ــ ورقة عمل.
■ مقدمة عن أهمية الإشراف التربوي :
إن كفاءة العملية التعليمية التعلمية رهن بجودة وكفاءة الإشراف التربوي، فهو محور رئيس في تحقيق النوعية المطلوبة، وأهم حلقة في سلسلة تنظيم التعليم، وأهم أداة لتطوير البيئة التعليمية بحيث يقع على عاتقه واجب السهر على تنفيذ السياسة التعليمية، وترشيد العاملين بصفة عامة، والمنفذين للمناهج بصفة خاصة (المعلمون)، وذلك بمرافقتهم ومد يد المساعدة لهم، بتكوينهم وتدريبهم وتوعيتهم، ومتابعة أعمالهم وترشيدهم، وتحفيزهم للنهوض بأعباء رسالة التربية والتعليم، ولذلك تبرز مكانته وتتميز في الهيكل التنظيمي لكل نظام تربوي.
إن الميدان التربوي في حاجة ماسة لجهود جميع الشركاء التربويين، وخاصة المشرفين منهم، لذلك تجد في القوانين التوجهية التي تصدرها وزارة التربية ما يؤكد على أهمية دور السيد المشرف، وضرورة تمكينه من أن يؤدي دوره القيادي، ويحقق غرضه الأساسي في تطوير مدخلات العملية التربوية، وفي تحسين مخرجاتها، وإحداث الأثر المطلوب. وعليه فالمشرف التربوي رقم صعب في المعادلة، وعنصر مفتاحي، وتفعيل دوره ضرورة وحتمية لازمة لإحداث التطوير.

■ تعريف الإشراف التربوي :
1- يستخدم الإشراف في نواحي الحياة بشكل عام بمعنى : مباشرة الآخرين أو مراقبتهم وإثارة نشاطهم بقصد تحسينهم، ويحمل في التعليم هذا المفهوم العام نفسه، لكنه يطبق عادة على أوجه النشاط المتعلقة بالتعليم والتعلم.
2- لقد تعددت التعريفات للإشراف التربوي ولكنها تصب في مصب واحد في النهاية هو النهوض بعمليتي التعليم والتعلم.
3- أما التعريف الذي سأعتمده فهو تعريف إيزابيل فيفر وجين دنلاب (1993) فقد عرفتا الإشراف التربوي في كتابهما : "الإشراف التربوي على المعلمين" الصادر 1982 والذي ترجمه محمد عيد ديراني عام 1993 على أنه : "عملية التفاعل التي تتم بين فرد أو أكثر وبين المعلمين بقصد تحسين أدائهم، وأن الهدف النهائي من ذلك كله هو تحسين تعليم التلاميذ".
4- أما المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم فقد عرفت الإشراف التربوي بأنه عملية شاملة للموقف التعليمي بكل عناصره : (المعلم - الطالب - المنهج - البيئة المدرسية) كما أنه أداة اتصال بين المؤسسات التعليمية والإدارة وتنمية شاملة لقدرات العناصر المشاركة في العملية التعليمية.
5- كما أنه تحسين الواقع الميداني (حسين عوض الله -2006) ويجمع التربويون على أن عملية الإشراف التربوي هي خدمة فنية متخصصة يقدمها المشرف التربوي المختص إلى المعلمين الذين يعملون معه بقصد تحسين عمليتي التعلم والتعليم.
6- وتعمل الخدمة الإشرافية على تمكين المعلم من المعرفة العلمية المطلوبة والمهارات الأدائية اللازمة، على أن تقدم بطريقة إنسانية تكسب ثقة المعلمين وتزيد من تقبلهم، وتحسن من اتجاههم (2001،231).
ولكون تنمية الإنسان في مختلف مجالات شخصيته، وفي شتى جوانب حياته الاجتماعية والثقافية والاقتصادية هي المحصلة التي تهدف إليها عملية التعليم لأنها تمثل تنمية المجتمع نفسه.
فالتعليم هو مفتاح التنمية المستدامة وبوابة التطور واللحاق بركب العالم المتقدم في جميع المجالات، لتحقيق الجودة الشاملة، وهكذا يعتبر الإشراف التربوي صمام أمان العملية التعليمية، والمسئول عن تحقيق العديد من محاور الجودة في النظام التعليمي.
قال أحد المربين : "الإشراف التربوي سفينة النجاة، في يم العمل التربوي المتجدد، والمشرف التربوي ربانها، يرسو بها على مرافئ النجاح".
وقال آخر : "الإشراف التربوي هو الجهاز العصبي للعملية التربوية التعليمية".
وقال آخر : "الإشراف التربوي هو روح العملية التعليمية التعلمية.

■ تطور مفهوم الإشراف التربوي .
1 ـ مرَّ مفهوم الإشراف التربوي بتطورات كثيرة ومتنوعة، حيث حددت وظيفته بالمراقبة الدورية على المدارس وهياكلها وأجهزتها ومديريها، ومعلميها ومدى تقدم المتعلمين من النواحي العلمية، ثم الحكم وما يتبع ذلك من اتخاذ قرارات بالثواب أو العقاب، إلى أن أخذ الإشراف بالمفهوم الشامل للإشراف والذي يسعى لتحليل جميع العناصر المؤثرة في عمليتي التعليم والتعلم.
2 ـ ومن خلال تأملنا في الممارسات الإشرافية التقليدية نرصد كثيرا من الإيجابيات، وكذلك بعض السلبيات، فقد كان المفتشون يمارسون أعمالهم بالتفتيش على المعلمين من خلال الزيارات المفاجئة إلى الصفوف لمعرفة مدى تقيدهم بالتعليمات والأوامر التي تصدر إليهم، ومعرفة عيوبهم وأخطائهم من أجل محاسبتهم عليها، وكان للمفتش سلطة قوية تمكنه من نقل المعلمين وترقيتهم من عدمه، وكتابة التقارير بعزلهم، والهدف الأساسي للتفتيش كان مراقبة المدارس والمعلمين للتأكد من قيامهم بالتدريس الجيد، وكان المفتش غالباً ما يمارس عمله بكل تعال وجفوة وتسلط، فكان مجيئه للمعلم عملية مزعجة، وأصبح المعلمون يتزلفون إليه ليس حبا فيه بل خوفا من عقابه فنتج عن ذلك سلبيات كثيرة منها :
● اهتمام المعلمين بإخفاء عيوبهم وأخطائهم خوفاً من محاسبة المفتش.
● تعطل إبداع المعلمين حيث اهتموا باتباع التعليمات وعدم الخروج عليها.
● وجود علاقات متوترة وسيئة بين المفتشين والمعلمين.
● تنمي الخوف وعدم الثقة لدى المعلم.
ولإبراز التطور الحاصل على مستوى التصور والممارسة إليكم مقارنة بين الإشراف التقليدي والحديث :
● الإشراف التقليدي :
1) ركز على الهفوات وتصيد الأخطاء.
2) إصدار الأحكام.
3) تقديم الوصفات الجاهزة.
4) مراقبة وتقويم إجمالي.
5) له طابع فردي عمودي.
6) تركيز على عمل المعلم وشخصيته.
7) تهيب وتخوف وتحفظ.
8) مجرد منفذ للتعليمات.
9) تفتيش ومراقبة وتوجيه.

● الإشراف الحديث :
1) الاهتمام بنمو المعلم.
2) ملاحظة وتحليل وتشخيص العوائق.
3) مصاحبة المعلم في عملية التحليل الذاتي، وجعله منخرطاً في عملية تحسين أدائه.
4) إشراك المعلم في التخطيط والملاحظة والتحليل والاقتراح والتقويم والعلاج.
5) له طابع جماعي تشاركي.
6) تركيز على تقويم الموقف الصفي.
7) ثقة واحترام متبادل، وتواصل مفتوح، وعلاقة حميمية.
8) تقدير شخصية المعلم، واعتباره شريكاً أساسياً.
9) مرافقة وتنسيق وتعاون.

■ وعليه فالإشراف التربوي :
● إشراف وليس تفتيش .
● مرافقة وليس مراقبة .
● مشاركة وليس سيطرة .
● دعم وليس تحطيم .
● مساندة وليس تجريد .
● تطوير وليس تتبع عثرات .

■ ملاحظة :
إن الانتقال والتحول من منطق التفتيش، إلى منطق الإشراف التربوي، ومن دور المراقب إلى دور المدرب والمرشد والقدوة والباحث، لهو أكثر من ضروري لإحراز إيجابيات أخرى، ولتحقيق إنجازات أكبر، على ساحات العمل التربوي. إن المراجعة، وإعادة ترتيب الأوراق والقناعات، لتحسين الأداء الإشرافي وتطويره، أمر مهم للغاية وللجميع، وإلا فإن عجلة التجديد لا تتوقف أبداً.

■ خصائص ومميزات الإشراف التربوي :
● عملية استشارية :
تقوم على احترام رأي كل من المعلم والطالب، وتهدف إلى تهيئة فرص تعليمية متكاملة، وتشجع على الابتكار والإبداع من ناحية، والمشاركة في صنع واتخاذ القرارات من ناحية أخرى.

● عملية منظمة :
تعتمد على التخطيط أساسا لها.

● عملية قيادية :
تتمثل في القدرة على التأثير في المعلمين والمديرين والتلاميذ، وغيرهم ممن له علاقة بالعملية التعليمية، لتنسيق جهودهم من أجل الارتقاء بهم.

● عملية تعاونية :
حيث يتعاون كل من المشرف ومدير المدرسة والمعلم والولي والمسئول وحتى الحارس ولما لا، لإنجاح العملية التربوية والتعليمية.