من أحدث المقالات المضافة.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. محمد علي المسعري.
إجمالي القراءات : ﴿3586﴾.
عدد المشــاركات : ﴿30﴾.

حجر من لحم ودم.
مناظرة :
عجبت لهذا الحجر أشد العجب ! كيف تحول هذا التحول ؟
كنت أعهده رقيق البشرة، لين الملمس، طري المجس، أشبه ما يكون بالإسفنج يعجب بصفته كل البشر، وخاصة لونه الأرجواني الذي يميزه.
شكله مميز، ولا يعرف خواصه إلا من كان ضليعاً من دراسته، ومتبحراً في علمه يا له من حجر عجيب !
كيف يكون حجراً، وهو بهذه الصفات ؟ والحجارة كلها عكس صفاته.
غضب حجر من الحجارة، وأراد أن ينتصر لبني جنسه، واصطدم بالحجر العجيب الذي سأرمز لاسمه بـ ■ العجيب، والآخر بـ ● الحجر، وتناظر الحجران.
■ العجيب : الكل يهتم بي ويعتني، ويعجب مني، لست صلباً جامداً، ولا معرضاً للأرواح والأهواء، ولا يعرفني إلا ذو عقل حصيف.
● الحجر : هذه صفات لا أرغب فيها، ولا أحب أن أكون بمعزل عن المخلوقات الأخرى بل أنا طوع كل شخص، وينتفع بي كل من يريد، ولي من الخاصة الذين يتعرفون على عن كثب، ولست ممن تهزه الأرواح، وتفزعه الأشباح.
■ العجيب : صاحب البرج العاجي يبقى في برجه يُنظر إليه من أسفل منه، لا تصل إليه الأيدي. أما أنت فعرضة لكل قدم تدوس، ويد تعوس، ليس لك رفعة، ولا مجد، ولا سؤدد، وعرضة لأيدي العابثين.
● الحجر : أنا أصاحب الناس جميعاً، وأمنحهم كل قدراتي، أجري لهم الأنهار من صخري ونحري، وأنبت لهم من بين ثناياي ألذ ما يأكلون، وأمتع أنظارهم بأبهى وأروع ما يعجبون، ولست كالذي لا يمنح شيئاً، بل هو مثل الماكينة التي لا يطلع عليها إلا المهندس إذا حَدَثَ بها خلل. أما أنت فلا تجري الأنهار، ولا تنبت الأشجار، ولا تعبق بالأسحار.
■ العجيب : أنا لا أحد يستغني عني في كل وقت، عملي دائم بالليل والنهار، في اليقظة والنوم، لا أمل من الحركة الدائبة، ثابت على مبدأي، لا أتزحزح عنه مهما حصل، ولست مثلك تتشقق، وتنفلق، وتتفتت، وتنبجس عيونك، بل أنت ألين مني، وليس لك من الصلابة سوى اسمك، أما أنا فأشد قسوة منك، والصلابة ليست في جسمي وإنما هي في فعلي.
● الحجر : أنا اجتماعي بطبعي آلف البشر، ويألفوني، أعطيهم، ولا آخذ منهم، اؤثرهم على نفسي رغم ما أعانيه منهم، أعطي عطاء من لا يخشى الفقر، ويلتمس من الله الثواب والأجر، أما أنت فعطاؤك بثمن، ومدلل دائماً، لا ترغب كثرة الإجهاد، ولا يعرف لك رأي، فتكون ضاحكاً في الوقت الذي تكون فيه باكياً والعكس، معزول تماماً في غرفة مقفلة لا تستقبل أحداً، ولا ترحب بأحد، وأناني لا تتعامل إلا مع شخص واحد فقط، ليس لك سواه، إن أحببت حاولت أن تأخذ كل شيء، وإن كرهت لم تتورع عن فعل أي شيء، متقلب الأهواء ومتعدد الأمزجة، صامت لا تتكلم سوى تلك الحركة المضطردة، أما أنا فقد ورد عني أني سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
● العجيب : كل ما قلت يعد ميزة لي، وليس سبة، فأنا لا أحب الثبات على شيء إذا ما رأيت غيره أفضل منه، ويكفيني فخراً أني بين أصبعين من أصابع الرحمن، فأنا القلب النابض بالحياة.