من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : عبدالجليل عبدالله البشر.
إجمالي القراءات : ﴿5356﴾.
عدد المشــاركات : ﴿3﴾.

في الثقافة الأسرية : أحسنوا تربية أبنائكم.
■ يولد الطفل سواءً كان ذكراً أم أنثى ومع ولادته وخروجه إلى هذه الدنيا الفسيحة تبدأ معه المشاكل والمتاعب والتحديات بالنسبة للوالدين وتكثر الواجبات عليهم من عناية ورعاية وتوفير المستلزمات المادية والمعنوية ولكن هذا الطفل المسكين قد يكون ضحيّة تربية فاسدة أن لم يحسن الآباء والأمهات تربية أبنائهم. وفي هذا المقال سأتطرّق إلى عدّة محاور هي :
● أولاً : أن الآباء هم قدوة لأبنائهم وعليه فمن التناقض أن يأمر الأب ابنه بشيء وهو لا يفعله أصلاً وهذا خطأ كبير فالحاصل لدينا أن بعض الآباء يأمر ولده بعدم التدخين وهو يدخّن وأمام عينيه ! يأمر ابنه بالصلاة وهو لا يصلي ! لقد قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم : (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون) على الأب أن يكون قدوة لأبنائه لأن الابن يخرج إلى هذه الدنيا لا يعرف شيئاً عنها مطلقاً فهو يقلّد أباه في كل شيء حتى في طريقة أكله وشربه وحتى في صلاته وصومه وحتى في طريقة تعامله فإن رأى الابن أباه يضرب أمه فسيتعلم القسوة والضرب وأن رأى أباه يشتم أحد بالهاتف فسيتعلم الشتّم ويشتم زملاءه في المدرسة ! وإن رأى أباه يكذب فسيكذب وهكذا .. إلخ، والعكس صحيح إن رأى الابن أباه يذهب للمسجد فسيذهب معه إن رآه يسلم على من يمر أمامه في الطريق فسيتعلم هو أيضاً ويسلم إن رآه حسن الأخلاق فسيتخلّق بأخلاقه إن رآه يصوم يوم الاثنين والخميس فسيفعل ذلك احتذاءً بأبيه فهو القدوة الكبرى له وهذا بدوره ينعكس إيجاباً على الأب فتصبح سمعته حسنة وأينما يذهب الابن سيرحب به الناس ويعظمون شأن أبيه سيقولن له من أباك فيقول لهم اسمه فيقولون : والنعم والله وبيّض الله وجه أباك كان شخص وطيّب وهكذا. والعكس إن كانت سمعة الأب سيئة فعلينا أن نكون قدوة لأبنائنا فهم يعكسون أخلاقنا وصفاتنا وحتى شخصيتنا.

● ثانياً : من الأمور السيئة التي يقترفها الآباء بحق أبنائهم هو الحرمان العاطفي : فإننا نجد الكثير من الآباء منشغلين عن أبنائهم ولا يمنحونهم الجو العاطفي لا يشبعونهم عاطفياً بالحضن والتقبيل وغيرها وهذا أسوأ وأخطر شيء على وجه الإطلاق فقط يهتم الأب بالماديات يسأل ابنه هل أنت محتاج للمال ؟ فإن أجاب بنعم أغدق عليه من ماله الوفير وإن أجاب بـ : لا تركه ورحل. سأقول كلمة جيّد أننا نهتم بحاجاتنا أبنائنا المادية والمالية ومستلزماتهم المدرسية وتوفير الغذاء اللازم ولكن هذا لا يكفي أبداً مثلما أن هناك حاجات مادية فهناك حاجات معنوية وهي أهم بكثير من الماديّة هل تعرف لماذا أيها الأب وأيتها الأم ؟! لأن الابن أو البنت ستبحث عن إشباع هذه الحاجة بنفسها بطرق مشروعة أم غير مشروعة فتتعرف على الشباب المنحرفين وتنجرف وراءهم مندفعة لإشباع هذه الحاجة وهم يعتبرونها نزوة فقط لا أكثر فيأخذون منها أغلى ما عندها ومن ثم يتركونها ويرحلون عنها وتبقى في حزن وحيرة. الابن كذلك نفس الشيء يبحث عن طرق غير مشروعة لإشباع هذه الحاجيات قد يلجأ حتى إلى (اللواط) ولا يجد إلا هذه الوسيلة لإشباع نهمه الجنسي أو حتى زنا المحارم فإن لم يوفر الأب والأم هذا الجو العاطفي يلجأ حينئذ الأخ إلى أخته والأخت إلى أخيها وبنت الأخت إلى خالها والخال لابنة أخته وهكذا. ويبدأ دمار العائلة لهذا السبب الصغير إن أبنائنا بحاجة إلى هذه العاطفة هذا الحنان يجب توفيره لهما لكي لا يكونوا ضحيّة أفعال سيئة ومنحرفة وغير مشروعة. فإعطاءهم هذا الحنان وإشباعهم به يعد من حسن التربية ولنتعلّم من سيرة رسولنا الكريم صلى الله عليه واَله وسلم حيث كان يحبّ الأطفال ويعطف عليهم كثيراً وله من القصص الكثيرة في هذا الجانب فهذه قصّة الرسول صلى الله عليه واَله وسلّم مع الأعرابي حينما رأى الرسول يقبل حفيديه الحسن والحسين قال له متعجباً يا رسول الله إن لي عشرة من الأبناء لم أقبّل واحد منهم فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام وماذا أفعل لك وقد نزعت الرحمة من قلبك.

● ثالثاً : تربية قاسية وهمجيّة, لأنها فعلاَ قاسية وليست هذه تربية كلها ضرب وإهانات ومذّلات سببت للأبناء يضرب الأب ابنه أمام إخوانه وأخواله وأعمامه وأقاربه بل وحتى أصدقائه ! هذه مشكلة ليتك أيها الأب عندما تريد تأديب ابنك لا تحرجه وتهينه أمام مرأى من الناس ومسمع خذه في غرفة لوحده وأفعل به ما شئت لأنك إن ضربته أمام أقاربه أو أصدقائه فقد حطمته كسرته نفسياً وجسدياً أهنته جرحت كرامته دمرت شخصيّته سببت له العاهات والآلام النفسية بل والأمراض أيضاً. بفعلك هذا له تسبب له قلق واكتئاباً شعور بالقهر والظلم والاضطهاد النفسي نعم لا تستغرب أيها الأب فكثرة الظلم الضرب تسبب للابن مثل هذه الأمراض الخطيرة فأنا شخصياً أعرف أناساً أقارب لي يعانون من هذه الآلام بسبب هذه التربية وهذا القهر هذا حرام أيها الأب إن الله أحلّ لك الضرب ولكن ليس بهذا المقدار الذي يجعل الابن يفكر حتى بالانتحار من جرّاء وسوء هذه التربية الظالمة وأنت الخاسر في النهاية سيخرج ابنك من بيتك ولن يعود لأنه لن يتحمّل كل هذه الإهانات والظلم والجور والعدوان أنت أبوه وهو ابنك أتى من صلبك ولم يأتي من الشارع لتحكم عليه بالإعدام نتيجة هذه التربية المهلكة. نعم أقول إعدام لأن الابن لن ينسى تلك الماَسي وسيظل يفكر بها حتى يكبر ويصبح رجل فتشكّل عبئاً نفسياً عليه فيكره الحياة والزواج والأب والأم ويتمنى أنه لم يولد في هذه الدنيا التي كأنه ولد فيها ليتعذّب وأنت مهما فعلت أيها الأب فإنك محاسب على هذا كلّه إن الله وهب لك هذا الابن سعادة ونعمة لك وهو أيضاً يريد أن يختبرك فهل ستنجح في الاختبار بحسن تربيتك لابنك ليكون طيبّاً برّا تقيّاً ورعاً أم ستفشل فيه بجعل ابنك عاصياً عدوانياً شريراً قاسياً ؟ الخيار لك وفي الختام علينا أن نحرص على تربية أبنائنا تربية صحيحة سليمة فهم رجال الغد وجيل المستقبل.