×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
  • ×
×
  • ◄ الوثيقة.
  • ◄ الأقسام.
  • ◄ الأعضاء.
  • ◄ القرآن.
  • ◄ استقبال المشاركات.
  • الأعضاء
  • ﴿المقالات﴾
    • الثقافة المرجعية : الثقافة العامة.
    • الثقافة اللغوية : الثقافة العامة.
    • الثقافة اللغوية : اللغات العالمية.
    • المُنوَّعات الثقافية «1» : ﴿1445-1449﴾.
    • في المواد المعرفية : أعمار بعض الصحابة عند اعتناقهم الإسلام.
    • ثقافة الرسائل : الثقافة العامة.
    • المُنوَّعات المعرفية «2» : ﴿1448﴾.
    • في المفاهيمِ الوظيفية : برنامجُ العملِ الحر.
    • المُنوَّعات المعرفية «3» : ﴿1448﴾.
    • المُنوَّعات المعرفية «3» : الشخصيات الإسلامية.

    الرئيسية.

    ■ 35- قسم : المُنوَّعات المعرفية «2».

    طارق يسن الطاهر
    طارق يسن الطاهر.
    إجمالي المشاركات : ﴿87﴾.
    1447/05/22 (06:48 صباحاً).

    مآلات التأويل ودلالات اللغة : وقفات سريعة حول نص *قصة رحلة* للكاتبة الدكتورة ظافرة القحطاني.

    ■ أتوقف وقفات سريعة حول قصة قصيرة مميزة، بعنوان "قصة رحلة" للكاتبة الدكتورة ظافرة القحطاني، وهي أديبة وروائية وقاصة لها عدد من الإصدارات المتفردة في مجال القصة والرواية، منها "نجلاء" و"ماما حسناء" و"مات خوفي"...
    العنوان – في أي عمل أدبي- هو عتبة مهمة إنْ أحسن الأديب اختياره فسيفتح شهية المتلقي للمتابعة، وللعنوان عدة أغراض منها: التعيين، والتأثير على المتلقي، وتوجيه القارئ لمعرفة مضمون النص، والعنوان في الدراسات النقدية يكون تناوله من عدة جوانب، منها الدلالي والتركيبي...
    عنوان قصة الدكتورة ظافرة - قصة رحلة- مكون من كلمتين، تركيبيا "قصة" يجوز إعرابها خبرا، و"رحلة" مضافا إليه، ويكون المبتدأ محذوفا تقديره " هذه" أي: هذه قصةُ رحلةٍ، و"حذف ما يعلم جائز" كما يقول البلاغيون، والحذف من أبواب البلاغة التي توحي بالاختصار والتركيز، وهما من أهم سمات القصة القصيرة، وهي إلماحة ذكية من الكاتبة؛ حيث ربطت بين دلالة العنوان، وخصائص القصة القصيرة.
    دلاليا يوحي العنوان بوجود تتبع وحركة، سواء في كلمة "قصة"، ومنه قوله تعالى( وقالت لأخته قصيه) [القصص: 11] أي تتبعيه، أو في كلمة "رحلة" التي توحي بالتحرك والسير والانطلاق...
    فكرة النص تتمحور حول رحلة متأرجحة، ومنتقلة بين طرفي نقيض، رحلة ما بين الألم والأمل، بين الحلم والحقيقة، بين التغييب والوعي...، وهنا تتماهى الفكرة مع العنوان؛ ليكوِّنا نسيجا متحدا في المعنى والسياق.

    احتوى النص على عدد مقدر من الصور البلاغية، ومنها الاستعارات المميزة، ومن ذلك:
    وابتسم كل شيء.. الجدران.. الأبواب.. الأزهار.. والأوراق
    وانطلقت الكلمات متشابكة الأيدي ترقص رقصة فلوكلورية جميلة..
    أغمض الجسد عينيه وحضن الأرض وانطلق طائراً بين السحاب..

    سيطرت التناقضات في المواقف والأحداث على الموقف في القصة وهذا يؤهل القصة؛ لأن تدرس ضمن مربع جريماس السيميائي؛ فقد حفلت القصة بهذا الشد والجذب، حدث يقدم وحدث يؤخر، وما بين هذا وذاك جاءت الأحداث متحركة وفعالة، انظر معي وعورة الأرض، وصعوبة تضاريسها، وخطوات الدم التي توحي بصعوبة المسير فيه، ومقابل ذلك الأمل الذي يدفع إلى الأمام، ويحث على التقدم:
    وعورة الأرض وتضرسها اللامتناهي، صنعت خطوات من دم..
    ولكن كفي الأمل تدفعان إلى الأمام بنعومة وتحثان على المسير..

    ظل السرد هو الطاغي والمسيطر على القصة، وعبره وصلتنا الأحداث، ولكن هذا لا يعني غياب الحوار، وإن غاب بمفهومه الواضح المباشر بين الشخصيات، لكنه وُجد في المونولوج الداخلي وحوار النفس مع ذاتها، وكذلك وجد من خلال الصوت والصراخ:
    وأتى صوت خفيض ورقيق وهامس وخفي إنه صوت السعادة..

    اختارت الكاتبة أسلوب الراوي العليم لسرد أحداث القصة؛ إذ جاءت بضمير الغائب: "رفعه، تكور، تقذف به، انغرس ..." وهذا له فوائده؛ إذ لا يجعل الكاتب من ضمن شخصيات القصة، ومن فوائده أيضا حرية السرد وجرأة الحكي، والنظرة الثاقبة للأحداث.
    من سمات القصة القصيرة التكثيف والتركيز، وهذا ينسحب على قلة الأحداث، ووحدة الزمكان، وقلة الشخصيات، وتمثل كل ذلك جليا في قصة الدكتورة ظافرة؛ مما جعل القصة نموذجا منطقيا لفن القصة القصيرة.

    لغة القصة لغة واضحة،غير معقدة، لكنها ليست مباشرة، والكتابة بهذه اللغة يجعل مضمون النص يصل للمتلقي بكل سهولة ويسر ومتعة.
    تلاعبت الكاتبة باللغة، أو قل وظفتها بصورة بديعة، تدل على احترافية عالية جدا، ومن ذلك:
    التفصيل المقسم بطريقة رائعة ومنها:
    اليوم لا شقاء. لا ألم. لا دماء.
    وتبديل مواضع الكلمات بين جملة وأخرى، وهذا يمنح النص ديناميكية عالية جدا، ويهبه حياة دائمة، كما بين "جراح، الحياة" في قولها:
    لقد شفي من جراح الحياة، وخرج من حياة الجراح.
    وكذلك:
    شقائه اليائس ويأسه الشقي..
    ومخاطبة ما لا يعقل:
    أيها الثلج، أيها الجسد، أيتها الكلمة...
    تميزت لغة القصة بالرقة والإيحاء وظلال الكلمات، وعمق المعاني والتوصيف البديع الذي يرقى في بعض جوانبه إلى لغة الشعر.

    أبدعت الكاتبة في توظيف خصائص الحروف؛ مما منح النص جرسا موسيقيا، ولك أن تعد معي كم ورد حرف السين في هذا المقطع لترى عجبا:
    كم يغفل المرء عن بعض الوقائع وهو في أوج سعادته ناسياً أو متناسياً..
    انطلقت كلمة تسعى بكل قوة.
    تصعد طبقات الهواء المختلفة وتتشبث في طريقها بسلم من ذرات الغبار.
    أسنانها مشعة شديدة اللمعان.
    تمسك بيدها سوط لا سع.
    تسعى خلف الجسد مسرعة تطلب منه الخروج.
    وهو يجري محاولاً أن لا تمسكه..

    خلطت الكاتبة المصطلحات العلمية بالسياق القصصي الأدبي، ومن ذلك "ذرات الاكسجين"، وقد جاءت تلك المصطلحات منسجمة مع سياقها، ولم تقحم إقحاما فبدت متسقة غير شاذة ولا قلقة.
    تكررت كلمة الأمل كثيرا في القصة، فكأن الكاتبة تفتح أمام المتلقي نافذة من الحياة، ومشكاة فيها مصباح يضيء للآخرين.
    يكثر في النص توظيف الحقول الدلالية المختلفة، ومن ذلك حقل الطبيعة حيث ورد" الأرض، تضرسها، وعورة، الأشجار، رمال، زهرة...".

    تميزت هذه القصة بالاحتمالية – وهذا من ثرائها- ؛ إذ يمكن لكل ناقد أو قارئ أن يصنفها في قالب أدبي قصصي محدد، فمن ذلك يمكن تصنيفها بالغرائبية أو الواقعية السحرية، فكلاهما موجود في تراثنا، وله جذور فيه، ولكن بعض النقاد المفتونين بكل ما هو غير عربي، أو قصيري النظرة ينسبون ذلك للغرب، فمنهم من يرى أن الواقعية السحرية نشأت لدى كتاب أمريكا اللاتينية، ولا يعلمون أنها موجودة في أدبنا القديم منذ ألف ليلة وليلة، وتبلورت أكثر لدى روائيين كبار، ومنهم الطيب صالح الذي كتب معظم قصصه على الواقعية السحرية، وكذلك الغرائبية موجودة في تراثنا في قصص الجن والسير الشعبية وقصص الحيوان، وأدب الرحالة، في قصة الدكتورة ظافرة يمكن تلمس الغرائبية؛ لأنها تحدثت عن قصة رحلة.
    استفادت الكاتبة من دراستها -بوصفها طبيبة- في القصة؛ إذ تمكنت من تشخيص أحداثها، وتحليل عناصر الحكي فيها، بحذق بالغ، ومهارة عالية، ودقة متناهية.
    ■ إنها الدكتورة ظافرة القحطاني، طبيبة الأدب، وأديبة الطب، منحتْنَا نصا عميقا ممتعا.
    ■ انطلاق منتدى منهل الثقافة التربوية: يوم الأربعاء المصادف غرة شهر محرم 1429هـ، الموافق التاسع من يناير 2008م.
    ■ المواد المنشورة في مَنْهَل تعبر عن رأي كاتبها. ويحق للقارئ الاستفادة من محتوياته في الاستخدام الشخصي مع ذكر المصدر. مُعظَم المقالات أعيد ترتيب نشرها ليتوافق مع الفهرسة الزمنية للقسم.
    Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
    Copyright© Dimensions Of Information.