من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. عبدالرحمن قاسم المهدلي.
إجمالي القراءات : ﴿2955﴾.
عدد المشــاركات : ﴿77﴾.

◄ مجالس رياض التائبين : المجلس السابع عشر ــ عقبات إبليس في الطريق إلى الله «1»
■ عقبات إبليس في الطريق إلى الله (1).
على السائر في طريقه إلى الله أن يمعن "نظره إلى الآمر له بالمعصية، المزين له فعلها، الحاض له عليها، وهو شيطانه الموكل به" (2).
فيفيده النظر إليه وملاحظته : اتخاذه عدوا، وكمال الاحتراز منه والتحفظ، واليقظة والانتباه لما يريد منه عدوه وهو لا يشعر، فإنه يريد أن يظفر به في عقبة من سبع عقبات، بعضها أصعب من بعض، لا ينزل منه من العقبة السابقة إلى ما دونها إلا إذا عجز عن الظفر به فيها.

● العقبة الأولى :
عقبة الكفر بالله وبدينه ولقائه وبصفات كماله وبما أخبرت به رسله عنه، فإنه إن ظفر به في هذه العقبة بردت نار عداوته واستراح، فإن اقتحم هذه العقبة ونجا منها ببصيرة الهداية وسلم معه نور الإيمان طلبه على : العقبة الثانية : وهي عقبة البدعة.
● العقبة الثانية : عقبة البدعة.
إما باعتقاد خلاف الحق الذي أرسل الله به رسوله صلى الله عليه وسلم وأنزل به كتابه، وإما بالتعبد بما لم يأذن به الله من الأوضاع والرسوم المحدثة في الدين التي لا يقبل الله منها شيئا.
والظفر به في عقبة البدعة أحب إليه : لمناقضة البدعة للدين ودفعها لما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم، وصاحبها لا يتوب منها ولا يرجع عنها بل يدعو الخلق إليها.
ولتضمنها : القول على الله بلا علم، ومعاداة صريح السنة ومعاداة أهلها، والاجتهاد على إطفاء نور السنة، وتولية من عزله الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وعزل من ولاه الله ورسوله، واعتبار مارده الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ورد ما اعتبره، وموالاة من عاداه ومعاداة من والاه، وإثبات ما نفاه ونفي ما أثبته، وتكذيب الصادق وتصديق الكاذب، ومعارضة الحق بالباطل، وقلب الحقائق بجعل الحق باطلا والباطل حقا، والإلحاد في دين الله، وتعمية الحق على القلوب، وطلب العوج لصراط الله المستقيم، وفتح باب تبديل الدين جملة، فإن البدع تستدرج بصغيرها إلى كبيرها حتى ينسلخ صاحبها من الدين كما تنسل الشعرة من العجين.
فمفاسد البدع لا يقف عليها إلا أرباب البصائر، والعميان ضالون في ظلمة العمى، ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور.
فإن قطع هذه العقبة بعصمة من الله أو بتوبة نصوح تنجيه منها، وخلص منها بنور السنة، واعتصم منها بحقيقة المتابعة لما مضى عليه السلف الأخيار من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، فإذا وفقه الله لقطع هذه العقبة طلبه على : العقبة الثالثة : عقبة الكبائر.
● العقبة الثالثة : عقبة الكبائر.
فإن ظفر به فيها زينها له وحسنها في عينه وسوف به، وربما أجرى على لسانه وأذنه كلمة طالما أهلك بها الخلق وهي قوله : لا يضر مع التوحيد ذنب كما لا ينفع مع الشرك حسنة. فإن قطع هذه العقبة بعصمة من الله أو بتوبة نصوح تنجيه منها طلبه على : العقبة الرابعة عقبة الصغائر.
● العقبة الرابعة : عقبة الصغائر .
فكال له منها، وقال : ما عليك إذا اجتنبت الكبائر ما غشيت من اللمم ! أوما علمت بأنها تكفر باجتناب الكبائر وبالحسنات ؟! ولا يزال يهون عليه أمرها حتى يصر عليها، فيكون مرتكب الكبيرة الخائف الوجل النادم أحسن حالا منه، فإن الإصرار على الذنب أقبح منه، ولا كبيرة مع التوبة والاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار، وقد قال صلى الله عليه وسلم : (إياكم ومحقرات الذنوب).
ثم ضرب لذلك مثلا بـ (قوم نزلوا بفلاة من الأرض، فأعوزهم الحطب، فجعل هذا يجيء بعود وهذا بعود حتى جمعوا حطبا كثيراً، فأوقدوا ناراً وأنضجوا خبزتهم، فكذلك فإن محقرات الذنوب تجتمع على العبد وهو يستهين بشأنها حتى تهلكه) (3) .
فإن نجا من هذه العقبة بالتحرز والتحفظ ودوام التوبة والاستغفار وأتبع السيئة الحسنة طلبه على (4).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) : المدارج (1/ 297).
(2) : هذا من كلام الإمام الهروي في منازل السائرين.
(3) : رواه أحمد (5/331)، والطبراني في الكبير (6/165)، وقال الهيثمي في المجمع (10/193) : "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، ورواه الطبراني في الثلاثة من طريقين، ورجال إحداهما رجال الصحيح غير عبد الوهاب بن عبد الحكيم وهو ثقة".
(4) : تابع بقية العقبات في المجلس التالي.


image في المشاركاتِ المُتتابِعة : مجالس رياض التائبين