من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : طارق يسن الطاهر.
إجمالي القراءات : ﴿2282﴾.
عدد المشــاركات : ﴿78﴾.

مسلسل الرسوم : سوء الإخراج وسذاجة ردة الفعل.
■ أعادت فرنسا ما سبقتْها عليه الدنمارك من قبل، ونحن المسلمين أعدنا ردة فعلنا السلبية نفسها التي فعلناها أيام الدنمارك، لا هم غيروا طريقتهم، ولا نحن طورنا أسلوبنا.
مصطلح "رسوم مسيئة" الذي يردده المسلمون كثيرا، أراه مصطلحا غير ملائم، وفي غير مكانه، هذه الرسوم الكاريكاتورية لا تسيء للرسول صلى الله عليه وسلم، رسول نبي من عند الله، مرسل للعالمين كافة، كيف يسيء له رسم؟! رجل كفاه الله شرور المستهزئين بنص القرآن: "إنا كفيناك المستهزئين"، رجل عصمه الله بنص كتابه الكريم: "والله يعصمك من الناس".
زكى الله عقله فقال : (ما ضل صاحبكم وما غوى).
وزكى نطقه فقال : (وما ينطق عن الهوى).
وزكى شرعه فقال : (إن هو إلا وحي يوحى).
وزكى معلمه فقال : (علمه شديد القوى).
وزكى فؤاده فقال : (ما كذب الفؤاد ما رأى).
وزكى بصره فقال : (ما زاغ البصر وما طغى).
وزكى سمعه وأذنه فقال : (ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم).
وزكى استقامته فقال : (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى).
وزكى ذكره فقال : (ورفعنا لك ذكرك).
وزكى خلقه فقال : (وإنك لعلى خلق عظيم).
وزكاه كله فقال : (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).
نبي بهذه التزكية الكاملة ظاهرة وباطنة، كيف يمكن أن يسيء له رسم كاريكاتوري في ضواحي باريس أو في قلب الدنمارك؟!
الكلب ينبح والقافلة تسير، ولو تحول العالم كله لكناسين ليغبروا السماء، ما وصل غبارهم السماء، بل ارتد إليهم ليعفّر رؤوسهم ووجوههم.
علينا -نحن المسلمين - اتخاذ خطوة الفعل، وليس انتظار فعل الآخر حتى نتخذ ردة الفعل، هذا هو المهم في تعاملنا مع الآخرين.
كما علينا نحن المسلمين تجاوز ردود الفعل الهشة، وترك الأفعال السطحية، في التعامل مع هذه المواقف، على المسلمين أن يُروا الآخرين الإسلام الصحيح يمشي على الأرض في سلوكنا وأخلاقنا وتعاملاتنا، وحسن خلقنا، وكأني بالغرب يتفنن في استفزازانا، مرة رسوم ومرة حرق مصحف، حتى يستمتعوا بردات فعلنا الهزيلة، وحتى ردات الفعل الأخرى –مثل قتل المعلم الفرنسي - فهي عنيفة، وتسيء للمسلمين أكثر من خدمتها للإسلام، فليحرقوا كل يوم مصحف، فالقرآن ليس ورقا، وإنما كلام الله المحفوظ في الصدور المتعبد به، وتعهد الله بحفظه: "إنا نزلنا الذكر وإنا له لحافظون".
طاف النبي صلى الله عليه وسلم حول الكعبة وبها أصنام، ولم يأمر بتحطيمها؛ لأنهم كانوا قليلين مستضعفين؛ فمقاصد الأمور تقول إنه ليس الوقت المناسب لذلك، والخسائر ستكون أكبر من المنافع، وحين تبدل الحال وقوي المسلمون، وكثر سوادهم دخلوا مكة بعشرة آلاف رجل، ساعتئذ حطم النبي صلى الله عليه وسلم الأصنام، ولنتعلم من ذلك أن فعلك قد يكون صحيحا، لكن وقته غير صحيح.
فلترسم فرنسا ما تشاء، وليرسم الجميع ما يشاؤون، وليقيموا معرضا للوحاتهم هذه، ولكن علينا نحن المسلمين عدم التفاعل السلبي مع ذلك، وعلينا تجاهل ما يفعلونه، وكثير من الأمور تكون إماتتها بالتجاهل، ولنتعظ من قصة سلمان رشدي، حين نشر كتابه "آيات شيطانية" في أواخر الثمانينات من القرن الماضي، كاتب مغمور، لم يكن شيئا مذكورا، نشر كتابا سيئا تجرأ فيه على ثوابت الدين، كان يمكن للكتاب ألا يباع، وكان يمكن لسلمان رشدي ألا يعرفه أحد، لكن تطوعت إيران وعرضت مبلغا كبيرا من المال لمن يقتل سلمان رشدي، هنا بدأ الجميع يتساءلون عن الكاتب، وعن الكتاب، وانتشر الكتاب واشتهر الكاتب، ولولا تصرف إيران ما سمع أحد لا بالكاتب لا بالكتاب.
علينا الاستفادة من التجارب السابقة، وعلينا تطوير وسائل دفاعنا، لأن الآخر يتطور، فالجمود، وردّات الفعل الساذجة تجعلنا سخرية لدى الآخرين، ولا تحقق لنا أية نجاحات، فقد قيل: من الغباء أن تتصرف بالطريقة نفسها مرتين، وتنتظر نتيجة مختلفة.
■ فلماذا نغضب من فرنسا حين رسمت رسما ظنته مسيئا، فهي ما فعلت إلا ما تمليه عليها عقيدتها الكافرة بنبينا - وليس بعد الكفر ذنب - فلماذا لا نتعامل نحن بعقيدتنا المؤمنة بنبينا ونبيهم؟