من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

متلاعبون ﴿2789﴾.
ظلم الأحبة ﴿5416﴾.
بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. عبدالله سافر الغامدي.
إجمالي القراءات : ﴿3418﴾.
عدد المشــاركات : ﴿32﴾.

يطلق على فئة من الشباب المنحرفين قولاً وفعلاً؛ مصطلح الدرباوية، والذين ظهروا قبل ربع قرن من الزمان في دول الخليج، ثم اشتهر فسقهم، وانتشر شرهم في بعض مناطق المملكة، بعد أن ساهم الإنترنت في تيسير التواصل فيما بينهم، ونشر كل ما يتعلق بحراكهم وأمورهم.

● وهم من المجموعات المنحرفة التي تنفرد ببعض المظاهر المعينة والطقوس الغريبة منها :
ما تراه عليهم من إطالة لشعر الرأس ولبس للملابس الغريبة، والأشمغة الملونة، التي يربطونها على شكل عصابة رأس، أو على هيئة لثام، وقد لا يهتم بعضهم بمظهره، ويتعمد الخروج في أسوأ مظهر، حيث يرتدي ثياباً متسخة، وأحياناً ملطخة ببقع من الزيت.
كذلك تجدهم يحرصون على تزيين سياراتهم وتنجيدها بأشكال ووشاحات غريبة، كما يعمدون إلى ترفيعها، أو تنزيلها، ثم السير بها خلف بعضهم بعضاً، حيث يقودونها ببطء شديد، وفي وسط الطريق، وعلى إيقاعات الأغاني، وصخب الموسيقى؛ مما يتسببون في إعاقة السير، وسد الطرقات، ومضايقة الآخرين.
ومن مظاهر الدرباوية : ممارسة الطيش، والعبث بالسيارة في مواقعهم المعروفة لديهم، وأمام المدارس في فترة الاختبارات؛ حيث يقومون ـ وهم تحت تأثير المسكرات، أو المخدرات ـ بالتفحيط بها، وقيادتها بحركات خطيرة ومهلكة، ويستخدمون لذلك إطارات قديمة؛ لكي تشتعل فيها النيران، وتكون سريعة الانفجار.
ومما يصنعه هؤلاء بالسيارات؛ تعمدهم إيقافها على مكان مرتفع، أو تنزيلها في حفرة، ثم بناء الحجارة عليها من كل جانب، دون هدف معلوم، ولا مصلحة ظاهرة من ذلك؛ سوى التسلي، ولفت الانتباه، والبحث عن الإثارة والإعجاب.
ولعل من أهم القضايا الجنائية التي يتكرر وقوعها من شباب الدرباوية؛ قضايا المغازلات والمعاكسات، والممارسات الشاذة، والميول المثلية، وحوادث السطو والسرقة، والمشاجرات بالأسلحة والآلات الحادة، والتي تكشف لنا عن أنفس مملوكة بالغفلة والجهالة، ومملوءة بالغواية والجناية.
ومن محاورات شخصية معهم؛ وقد كنت عضوا في أكثر من ستين قروباً من قروباتهم الإلكترونية في برنامج الويتساب (دخول وخروج)، والتي نشرت صوراً من بعض محادثاتهم؛ في موقعي بتويتر والفيس بوك، حيث أفصحت مجموعاتهم عن اللفظ البذيء، والكلام الرديء، مع تنابز بالألقاب، وعصبية وعنصرية، كما تجد فيها صور للوشم في أجسامهم، والتعذيب لأنفسهم، وتقطيع في أيديهم، ونشر للرموز الغريبة، والطلاسم الغامضة، والتي هي أقرب لعبدة الشيطان (والعياذ بالله تعالى)، والتي تتكرر بشكل كبير وبشع.
كما يقومون في مجموعاتهم بتغيير أسمائها بعبارات وضيعة، وصور منحطة، وكذلك يعرضون أنفسهم، أو يطلبون ممارسة الشذوذ، والفعل اللوطي، مع نشر صور ومقاطع لأشكال من العهر والشذوذ، والخلاعة والمجون، وكذلك يقومون بترويج للمسكرات، ونشر للمخدرات، وقد برروا أفعالهم بالفراغ والبطالة، والحاجة للمال، والشعور بالطفش، وعدم وجود ساحات للعب ومساحات لممارسة الهوايات.
وتعد هذه الفئة بصنائعها وأفعالها؛ شخصيات سيكوباتية جانحة، تعادي المجتمع، وتقوم بالتخريب والتدمير، وإثارة الخوف، ونشر الرعب، وإشاعة الفساد، كما إن السلوكيات الشاذة الصادرة منهم؛ تعني وجود حالات نفسية مضطربة، يجب معالجتها بصورة عاجلة.
ومما هو مؤكد عليهم؛ التهاون في تأدية الفرائض الدينية، والقيام بالواجبات الشرعية، وكذلك عقولهم المتهورة، وأمزجتهم السيئة، ونفسياتهم الملوثة، وحياتهم السائبة الضائعة، إضافة إلى أهم الأسباب الرئيسة لحالتهم هو الإهمال الكبير من قبل الأسرة، وكذلك المدرسة والجامعة؛ التي لا تعتني بتربيتهم، ولا تهتم برعايتهم، ولا تحرص على متابعتهم ولا محاسبتهم.
لهذا يجب علينا نحو هؤلاء؛ أن نعتني بتوعيتهم دينياً، وإرشادهم أخلاقياً، وأن نعالج أمورهم المحبطة، وقضاياهم المعلقة، كالفراغ، والبطالة، واضطراب الهوية، كما ينبغي استثمار طاقاتهم المعطلة، وقدراتهم المهدرة؛ في بناء مشاريع صالحة، وبرامج نافعة، يرفعون بها أنفسهم، وينفعون بها مجتمعهم.
كذلك يجب علينا توجيه الأسر الغافلة عن ممارسات أبنائها السلبية، والنظر في محاسبتها على تفريطها في التربية، وتهاونها في الرعاية والمتابعة.
ويظل العبء الأكبر على الجهات الأمنية؛ من خلال ضبط المفحطين والمنحرفين، وبطريقة غرس المرور السري فيما بينهم؛ حتى نستفيد منه في قمع الجانحين المجرمين، وردع المعاندين المفسدين.

وأتمنى أخيراً من الباحثين أن يهتموا بتحليل أكثر لواقعهم، ودراسة أكبر لمشاكلهم، بحيث نسمع من الدرباوية أنفسهم أسباب هذه الظاهرة, وكيفية معالجتها من وجهة نظرهم، ثم نقدم الحلول العلمية الملائمة، والرعاية التربوية المناسبة.