من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : عبدالله يوسف النافع.
إجمالي القراءات : ﴿2398﴾.
عدد المشــاركات : ﴿110﴾.

يقول يا ليتني قدمت لحياتي : قراءة تحليلية.[/B]
■ عندما كنت أسمع والدي (رحمه الله) يتحدث عن ثلاثين أو أربعين سنة مضت (وأنا صغير)، كنت أقول في نفسي: (زمن بعيد جداً !). وعندما كنت أسمع أن فلاناً مات وعمره في الأربعين أو الخمسين، كنت أراه (كبيراً في السن !).

والآن، وبعد أن مضى قطار العمر سريعاً قاطعاً عقوداً من الزمن، صرت أتحدث عن ذلك (الزمن البعيد جداً !) بل صرت أرى من يموت في الخمسين أو الستين (صغيراً في السن !).

يكبر الإنسان ويظل صغيراً في نظره ونظر والديه ... تمر الأيام سريعاً دون أن يشعر ... ويمضي الوقت غالباً دون أن ينتبه. يتجدد معه الأمل دوماً ! بل إنه يشعر أنه لم يستمتع بحياته بعد ! ولا زلت أذكر مقولة الإخوة المصريين في بعض أعمالهم الفنية : (حناخذ زمنا وزمن غيرنا ؟!).

ذات يوم، قال لي أحد كبار السن (رحمه الله) : "يا ولدي! كنا صغاراً وكنا نظن أن العمر سيمضي ببطء ولم ننتبه إلاّ قد أصبحنا كما ترى! هرمنا وما زلنا نتعجب من تسارع انصرام الأوقات !".

■ قال إيليا أبو ماضي :
ضحك الشباب من الكهول فأغرقوا • • • واستيقظوا فإذا الشباب كهول
عندما أمرّ على بعض الأماكن القديمة في مكة المكرمة (التي تعرضت لإزالة) أتعجب وأسأل نفسي : هل فعلا كان هنا كذا وكذا (من المباني المَحَالّ التجارية) ؟ لقد أصبحت أثراً بعد عين ولم يبقَ منها سوى الذكريات الجميلة!

يولد المرء صغيراً فيتمنى أن يكبر ولما يكبر يتمنى أن يعود صغيراً أو أن تتوقف عجلة الزمن (على الأقل) لكيلا يشيب !
فيا سعد من ترك خلفه أثراً طيباً يُتذكر به ويُدعى له بسببه.

{يقول يا ليتني قدمت لحياتي} (سورة الفجر ــ الآية 24 ) تلكم هي الحياة الحقة، أيها الأعزاء الكرام! فلا تعب ولا نصب! لا هرم ولا مرض! لا هم ولا غم! لا غل ولا حسد! لا تقدم في السن ولا ندم! سعادة دائمة وفرح لا ينتهي واجتماع دائم بمن نحب! وأكل وشرب مما لذ وطاب وتلذذ دائم بكل متعة تشتهيها النفس! لا موت ولا فَنَاء ولا حتى نوم! خلود دائم وهناء دائم!

فاللهم اجعلنا ووالدينا وذرياتنا وأهلينا وأحبتنا ومن له حق علينا من أهلها ... اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بسوء ما عندنا.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا وحبيبنا وسيدنا وشفيعنا وإمامنا وقدوتنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وكل عام وأنتم بخير وصحة وسعادة.