من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. علي عبده أبو حميدي.
إجمالي القراءات : ﴿2926﴾.
عدد المشــاركات : ﴿37﴾.

المواطنة في الإسلام : حقوق وواجبات «7».
■ الأسس والمبادئ التي تقوم عليها المواطنة : توطئة.
تقوم المواطنة على أسس ومبادئ تستمدها من أساس واحد وهو الإسلام؛ إذ ينبثق منه علاقات هامة بين أفراد المجتمع المسلمين وغير المسلمين، وعلاقة الفرد المسلم وغير المسلم بالدولة، وبذلك يتمتع الإنسان بحقوق وواجبات، وممارستها في بقعة جغرافية معينة تستند إلى النظام القائم في الدولة، يكون فيها جميع المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات، لا تمييز بينهم بسبب الاختلاف في الدين أو النوع أو اللون أو العرق أو الموقع الجغرافي، فتتحقق المساواة داخل المجتمعات، ويفرض النظام، ويجعل العلاقات بين البشر واضحة المعالم، وفق تصور يرضاه الجميع.
إن المواطنة علاقة والتزام له صبغة سياسية وصبغة اجتماعية ونفسية، وهي صفة ينالها الفرد ليتمتع بالمشاركة في دولة أو التزامات متبادلة ما بين الأشخاص والدولة أو التعبير الاجتماعي لعملية انتماء الإنسان عملية انتماء تتجسد في قضية المواطنة وينتمي إلى موطن.
ومن خلال هذه العلاقـة يقدم الطرف الأول الـولاء، ويتولى الطرف الثاني الحماية، وتتحدد هذه العلاقة بين الشخص والدولة بالمساواة، فالفرد يكتسب صفة المواطنة بمجرد انتسابه إلى جماعة أو لدولة معينة، وعليه أن يقدم الولاء والانتماء الذي قد يمتزجان معاً حتى أنه يصعب الفصل بينهما؛ إذ الولاء هو صدق الانتماء.
تقوم المواطنة على أسس هامة وضرورية لتحقيقها، وهي علاقات تجتمع في المواطن والدولة لتحقق في النشاط السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وتتحدد المواطنة من الانتماء والولاء بأنواعهم، وطريقة الحكم، وأساس هذا الحكم.

• الانتماء.
يتحقق هذا الأساس بوجود علاقة بين أفراد المجتمع المسلمين مع بعضهم البعض فهي انتماء ديني ووطني، وعلاقة بين المسلمين وغير المسلمين وهي انتماء وطني، وتشكل هذه العلاقات علاقة المواطنة.
أ) الانتماء الديني :
يكون الانتماء الديني بين المسلمين بعضهم البعض، وهو أساس في الدولة الإسلامية ن وهو انتماء قلبي صادق، ليس مجرد انتماء اسمي، فالانتماء الديني بين المسلمين في الوطن الواحد والمسلمين في الأوطان الأخرى، وهي تحقيق مفهوم الأمة الإسلامية كما صورها الرسول صلى الله عليه وسلم.
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ في تَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) (1).
فالانتماء الديني ينبني عليه الأخوة الإسلامية وهي "ليست مجرد عاطفة ظاهرة، وإنما هي علاقة وثيقة تنفذ إلى أعماق القلوب، ودخائل النفوس فتحتم على المسلمين أن يشتركوا في البأساء والضراء" (2).
ويكون الانتماء الديني بين جميع المسلمين دون غيرهم سواء أكانوا داخل الدولة الإسلامية، أم خارجها، وهي الأخوة الدينية التي لا تفرق بين المسلمين مهما اختلفت بلدانهم وجنسياتهم، ولغاتهم.
قال الله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ) (الحجرات : آية 10).
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لاَ تَحَاسَدُوا وَلاَ تَبَاغَضُوا وَلاَ تَنَاجَشُوا وَلاَ تَدَابَرُوا وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يَخْذُلُهُ وَلاَ يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَا هُنَا) يُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ : (بِحَسْبِ امْرئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ) (3).
"لقد بنى الإسلام الأخوة الدينية على أسس عميقة ، فجعلها كالأخوة النسبية في قوتها ومكانتها ، وقد شرع أروع المناهج المؤدية إلى تلاحم تلك القوى ، كما نهى عن عوامل التفرقة والتفكك" (4).
فالانتماء الديني يعتبر أخوة دينية أساسية وهو أوثق الروابط، وأهم الوسائط وأشملها، لأنه إذا تحقق هذه الأخوة تحققت جميع أقسام الأخوة الحقيقة.
إن الفرق بين الانتماء الديني (الأخوة في الله) والانتماء السياسي (المواطنة)؛ إذ المواطنة رابطة التزاميه تقوم في زمان ومكان واحد، ولا تقوم على أساس الدين، أما الأخوة في الله فهي رابطة معنوية تتجاوز الزمان والمكان، وتقوم على أساس الدين (5).
إن التصور الإسلامي للانتماء بني على أن النفس البشرية واحدة، مصدرها واحد، منشئها واحد، وكلنا أبناء آدم عليه السلام، والله عز وجل كرمنا جميعاً بالعقل، كرمنا بالتكليف، كرمنا بالخلقة، كرمنا بخطاب الجميع المؤمن وغير المسلم، فهناك قدر مشترك بين البشر، ومن خلاله كانت رؤية الإسلام للنفس البشرية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
■ للمزيد .. المواطنة في الإسلام ـ تأليف : الدكتور علي عبده أبو حميدي.
(1) الجامع الصحيح المسمى صحيح مسلم، مرجع سابق، كتاب البر ولصلة والآداب، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم، جـ8، صـ 20.
(2) النظام التربوي في الإسلام، باقر شريف القرشي، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، 1403هـ ـ 1983م، صـ 322.
(3) الجامع الصحيح المسمى صحيح مسلم، مرجع سابق، كتاب البر ولصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم وخذله، جـ8، صـ 20.
(4) النظام التربوي في الإسلام، باقر شريف القرشي، مرجع سابق، صـ 322.
(5) المواطنة في المفهوم الإسلامي، عماد الدين محمد الرشيد، مرجع سابق، ص 28.


المواطنة في الإسلام : حقوق وواجبات «1».
المواطنة في الإسلام : حقوق وواجبات «2».
المواطنة في الإسلام : حقوق وواجبات «3».
المواطنة في الإسلام : حقوق وواجبات «4».
المواطنة في الإسلام : حقوق وواجبات «5».
المواطنة في الإسلام : حقوق وواجبات «6».
المواطنة في الإسلام : حقوق وواجبات «7».