من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. علي عبده أبو حميدي.
إجمالي القراءات : ﴿3752﴾.
عدد المشــاركات : ﴿37﴾.

التربية الإسلامية والتحديات المعاصرة «4».
■ توطئة :
العلم الذي تحتاج إليه الأمة هو الذي ينفعها وينفع كل فرد من أفرادها، فعندما يتربى الأفراد على طلب العلم للعلم يصبح لديهم الحس العلمي الذي يعرف به الحق فيتبعه، ويبتعد عن الضلال الذي يؤدي إلى الهلاك.
إن المتتبع للذين حاءهم الحق ولم يعملوا به نجد أن القرآن الكريم ينعتهم، فقال الله تعالى : (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) (الفاتحة : 7)، فإن لم يتبع الحق الذي عرفه فهو من المغضوب عليهم، وإن كان من الذين ضل وأضل غيره فهو من الضالين؛ لذا كانت تربية الأفراد على طلب العلم للعلم من الأمور المهمة والضرورية التي تعين على تحقيق الرفعة والمكانة في الأمة وبين الأمم؛ إذ بالعلم يتحقق ما يرجوه الأفراد في حياتهم الدنيا إذا ثم الاقتران بالعمل؛ لذا كان تحقيق شرف العلم بتربيتهم على طلب العلم للعلم الذي يحميهم من الوقوع في الشر الذي يواجهنه من كل عدو لهم، فالعلم هو الذي يرفع الأمة إلى مصافي الأمم، ولن يكون ذلك إلا إذ تحقق التعليم الذي يحقق ما تصبوا إليه الأمة.
إن التربية على طلب العلم للعلم تحقق الأمن والاستقرار الفكري الذي نرجوه، ذلك معين على إقامة أمة صالحة مصلحة بأفرادها، إن الذي ينظر إلى أحوال الأمة الإسلامية، وما فيها من عدم استقرار فكري بسبب عدم التربية على طلب العلم للعلم، وبما أن الإنسان له "قوتان قوة علمية نظرية وقوة علمية إرادية، وسعادته التامة موقوفة على استكمال قوته العلمية والإرادية".
واستكمال القوة العلمية إنما يكون بمعرفة فاطره وبارئه ومعرفة أسمائه وصفاته ومعرفة الطريق التي توصل إليه ومعرفة آفاتها، ومعرفة نفسه ومعرفة عيوبها، فبهذه المعارف الخمس يحصل كمال قوته العلمية واعلم الناس اعرفهم بها وافقهم فيها.
واستكمال القوة العلمية الإرادية لا يحصل إلا بمراعاة حقوقه سبحانه وتعالى على العبد والقيام بها إخلاصاً ونصحاً وصدقاً وإحساناً ومتابعة وشهوداً لمنته عليه وتقصيره هو في أداء حقه فهو مستحي من مواجهته بتلك الخدمة لعلمه أنها دون ما يستحقه عليه ودون دون ذلك، وإنه لا سبيل له إلى استكمال هاتين القوتين إلا بمعونته، فهو مضطر إلى أن يهديه الصراط المستقيم الذي هدى إليه أولياءه وخاصته، وأن يجنبه الخروج عن ذلك الصراط "إما بفساد في قوته العلمية فيقع في الضلال، وإما في قوته العملية فيوجب الغضب" (■).
(■) محمد أبو بكر بن القيم، الفوائد، محمد أبو بكر بن قيم الجوزية، الفوائد، تحقيق هشام عبدالعزيز عطا - عادل عبدالحميد العدوي - أشرف أحمد، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، 1416هـ - 1996م، جـ 1، صـ 19.