من أحدث المقالات المضافة.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. أحمد حمود الحرازي.
إجمالي القراءات : ﴿5441﴾.
عدد المشــاركات : ﴿6﴾.

الفوضى «2».
■ في المقال السابق (الفوضى : «1») تكلمنا عن معنى الفوضى وآثارها وقد وعدنا بأن نستكمل الموضوع بطرح صور للفوضى والفوضوية في التعامل مع ألأوقات والعبادات. وسنعرج للأسباب فأقول إن من صور الفوضى :
• إعطاء العمل البسيط فوق ما يستحق من الجهد والوقت هذا من الفوضى؛ لأن فيه تضيع للجهد والوقت.
• ومن صور الفوضى تضييع الساعات الطوال دون عمل وهذا نجده كثيراً في أبنائنا وبناتنا وأنفسنا.
• من صور الفوضى كلك تراكم أكثر من عمل في وقت واحد حتى لا يستطيع أن يعرف من أين يبدأ.
• قتل الأوقات في أمور تافهة وهذا كذلك من صور الفوضى المنتشرة عن الكبار والصغار.
• ومن الصور الخطوات اليومية تمضي بلا تخطيط.
• كذلك الفوضوية في الصحبة والزيارة.

• ومن صور الفوضوية في العبادات أننا نجد أنفسنا نكثر من العبادة ثم ننشغل عنها وربما تركناها، ففي رمضان مثلاً يُقبل الكثير من الناس على تلاوة القرآن ثم يتركه حتى يصدق عليه أنه هاجر للقرآن، فهذا من الفوضوية في العبادات.

■ ويبقى لنا أن نجيب على سؤال ما هي أسباب الفوضى ؟
● تجتمع الأسباب في أمرين الأول التشتت الذهني : ويعني عدم القدرة على اتخاذ قرار صحيح بسبب عدة أمور منها :
1- الركون إلى الدنيا : قال صلى الله عليه وسلم : (من كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له).
2- القلق وكثرة الهموم : وشر آثار القلق تبديد القدرة على التركيز الذهني، فنحن عندما نقلق تتشتت أفكارنا ونعجز عن حسم المشكلات واتخاذ قرار فيها.
3- كثرة الخلطة : يقول ابن القيم في مدارج السالكين (1 / 984) : (فأما ما تؤثره كثرة الخلطة : فامتلاء القلب من دخان أنفاس بني آدم حتى يسود ويوجب له تشتتاً وتفرقاً وهماً وغماً وضعفاً وحملاً لما يعجز عن حمله من مؤنة قرناء السوء وإضاعة مصالحه والاشتغال عنها بهم وبأمورهم وتقسم فكره في أودية مطالبهم وإراداتهم فماذا يبقى منه لله والدار الآخرة هذا وكم جلبت خلطة الناس من نقمة ودفعت من نعمة وأنزلت من منحة وعطلت من منحة وأحلت من رزية وأوقعت في بلية وهل آفة الناس إلا الناس وهل كان على أبي طالب عند الوفاة أضر من قرناء السوء لم يزالوا به حتى حالوا بينه وبين كلمة واحدة توجب له سعادة الأبد وهذه الخلطة التي تكون على نوع مودة في الدنيا وقضاء وطر بعضهم من بعض تنقلب إذا حقت الحقائق عداوة ويعض المخلط عليها يديه ندما).

● السبب الثاني : ضعف التربية فالذين تربوا على أن لا يجعلوا المسؤولية عليهم وإنما على غيرهم وعطلوا طاقاتهم فستأتي عليهم الأيام بمسؤوليات جسام لا يدرون كيف يتعاملون معها وتراهم هكذا في فوضوية من أمرهم لا يحسنون إدارة أمورهم؛ لأنهم اعتادوا أن يدبر أمورهم غيرهم.

● وهناك أسباب أخرى، منها :
• الجليس الفوضوي : يبدأ بالأسرة الفوضوية فقد ينشأ الإنسان في أسرة فوضوية لا تعطي للنظام أدنى رعاية أو أهميه، أو يصاحب صديق فوضوي، وقد أحسن أبو بكر الخوارزمي حين قال :
لا تَصْحَبِ الكسلانَ في حاجاتهِ • • • كم صالحٍ لفسادِ آخَرَ يفسدُ
عَدْوى البليدِ إِلى البليدِ سريعةْ • • • والجمرُ يوضعُ في الرمادِ فيخمدُ


• ومن الأسباب ضعف الإرادة : فإن ضعيف الإرادة يتخاذل فتميل نفسه إلى الكسل فلا يكون حازماً في تنفيذ أعماله فمن الصعب من كان هذا حاله أن يرتب أعماله وواجباته وفق نظام عمل سليم.
أأبيت سهران الدجى وتبيته • • • نوماً وتبغي بعد ذاك لحاقي


• ومن الأسباب عدم المتابعة والمحاسبة : فقد يحرم المرء ممن يتابعه ويحاسبه على عمله وعلى خطواته أولاً بأول فتكون النتيجة الفوضوية.
• ومن الأسباب عدم وضوح الهدف : يتحرك دون تحديد لهدف عام أو خاص وغير واضح ولكنه رأى الناس يعملون فعمل معهم فهو لا يدري لماذا يسير ؟ ولا كيف يسير ؟ والجهل بهذين مصيبة وأي مصيبة.
إن كنت لا تدري فتلك مصيبة • • • وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم

• ومن الأسباب عدم فقه الأولويات : والصوارف الطارئة التي منها موت قريب، والمشاكل الأسرية، والمرض، والخسارة المالية، وقدوم الضيوف الثقلاء.
• ومن الأسباب عدم توزيع الأعمال : فإذا كانت الأعمال متشعبة فإن هذا يعني صعوبة متابعتها فضلاً عن القيام بها، كما قيل : (الذي يعمل كل شيء لا يعمل شيئاً) فقد تتعطل بعض الأعمال، وتتوقف؛ لأنها ربما تصطدم بالمسؤول الذي يحسن الظن بجهوده وقدراته أو أنه لا يثق في الآخرين.
• ومن الأسباب المعاصي والذنوب : يقول ابن القيم رحمه الله : (الْعَبْدُ إِذَا أَعْرَضَ عَنِ اللَّهِ وَاشْتَغَلَ بِالْمَعَاصِي ضَاعَتْ عَلَيْهِ أَيَّامُ حَيَاتِهِ الْحَقِيقِيَّةُ الَّتِي يَجِدُ غِبَّ إِضَاعَتِهَا يَوْمَ يَقُولُ : يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي).

الفوضى «1».
الفوضى «2».