من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

النادرون ﴿3288﴾.
بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. أحمد محمد أبو عوض.
إجمالي القراءات : ﴿7464﴾.
عدد المشــاركات : ﴿723﴾.

بينما كنت مدرساً بمدينة أضم بني مالك - الليث - أو كما تسمى بأطلس المملكة العربية السعودية للمهندس زكي باسم (أضم الحُليّ) والمدرسة تعج بمعظم الجنسيات العربية في بداية سنوات السبعينات من القرن الماضي، وطبعاً معنا بعض الأشقاء المدرسين السعوديين من مدينة جدة - عروس البحر الأحمر - قال المدرس السعودي عبدالقادر الشيخ :
يوجد عندنا في جدة القديمة حي يسمى حي المظلوم، ولهذه التسمية قصة مؤثرة ملخصها كالتالي : لقد تم اتهام شيخ بريء بجريمة قتل كتهمة كيدية من شخص حاقد آخر، فاشتكى على شخص برئ ليس له كما يقولون - لا في العير ولا في النفير - وليس بينهما أية عداوة أو معرفة حقيقية سابقة، وإنما من باب الكيد والحسد فادعى أو شهد على ذلك الشخص البريء بأنه هو القاتل، ونظراً لعدم وجود شهود مع المتهم بأنه في غير مكان الجريمة، وأن شقيق القتيل حلف الأيمان المغلظة وهو صاحب الدم من الناحية الشرعية، فقد تم الحكم الشرعي بالقصاص على المتهم بالقتل بحد السيف أمام جمهور المشاهدين في تلك الساحة القريبة من باب مكة بالأحياء القديمة (وأنا اعرفها شخصياً نظراً لترددي الكثير على جدة طيلة 21 سنة متوالية خلال عملي كاملاً بمنطقة الليث التعليمية).
وفي اليوم الوعود للقصاص أعاد المتهم الرجاء وألح في الطلب بالعفو عنه لأنه برئ حقاً وصدقاً. وعندما لم يسمع منه الاسترحام بتاتاً وانقطع رجاؤه من جميع أحبال الدنيا وحكامها، استمسك بحبل الله الواحد الأحد وأقسم للجميع بأن الله وحده سوف يظهر براته بعد القصاص منه، فطلب القيام بصلاة ركعتين ملتجئ بهما إلى الله وحده، ثم استسلم للقتل (وعادة وكما شاهدت حالة واحدة طيلة حياتي خلال زيارتي في يوم جمعة لمدينة الباحة - جنوب الطائف) بأن الشرطة يقيدون المتهم بكلتا يديه ورجليه من الخلف ويجمعون القيد في مكان واحد ويصبح المتهم كالعصفور، لا يستطيع الحراك بتاتاً، ورأسه منكساً إلى الأمام فيقوم (السياف - الأمور بالقتل رسمياً من الجهات الأمنية فقط بناء على تنفيذ الأوامر الشرعية) بضربه ضربة واحدة على فقرات رقبته من الخلف - ونظراً لضعف فقرات الرقبة وانقطاع الحبل الشوكي والعصب المساند - فيتدلى الرأس فوراً على صدر المقتول - وذلك بعد قراءة قرار الحكم الشرعي من الجهات المختصة. وبعد أن أتم المتهم صلاة الوداع من الحياة الدنيا قال لجميع المشاهدين - الذين يجتمعون بالمئات أو الآلاف لمشاهدة هذا المنظر للاعتبار مستقبلاً مصداقاً لقوله تعالى : (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) أي من أجل أن لا تقتوا نفساً بريئة بغير ذنب شرعي. فقال المتهم : أقسم بالله العظيم الذي لا إله غيره بأن براءتي ستظهر لكم فوراً، وبعد تنفيذ القصاص نفر الدم من رقبه كاتباً على الجدار القريب (مظلوم) ولا زال الحي يسمى في جدة باسم حي المظلوم. وصاح الناس جميعاً عن بكرة أبيهم ومنهم السياف نفسه والدموع تنحدر بقوة السهم إلى الأرض جميعاً مرددين: الله اكبر .. مظلوم والله مظلوم، لكن الله بالمرصاد فقد هرب شقيق القتيل الأول إلى جهة مجهولة ليقابل الله بما سوف يواجه التهمة والكيد ضد ذلك المظلوم.