من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : عبدالله محمد عسيري.
إجمالي القراءات : ﴿4398﴾.
عدد المشــاركات : ﴿11﴾.

حاجة الصغار إلى الإبداع ــ تجربة ميدانية.
■ أنا معلم عمل ثلاثين عاماً في عسير وعاد للتدريس بعد عشرين سنة عملها مرشداً طلابياً لظروف النقل الخارجي هذا العام كان توجيهي لمدرسة ابتدائية (معلم صف ثاني) وأنا سعيد جداً بهذا العمل وأعلم يقيناً أنا العبرة ليست بالنجاح فقد وصلت إلى ذلك في عملي السابق وتحقق لي عضويات في عدة مجالس وكنت مدرباً معتمداً لكثير من البرامج - وهذا بفضل الله أولاً وآخراً - ثم بدافع الرغبة في النجاح واكتمال دائرة الرضا الوظيفي لدي. وهذا ما جعلني أتأمل أحد مطالب النمو الملحّة عند أحبابي الصغار فكان تركيزي على إشباع إحدى الحاجات النفسية لديهم.

■ كانت فكرة ..
تنمية أحد جوانب الإبداع من خلال استرجاع الصور الحسية في الذهن وتمثيلها إنشائياً بعد سماع قصة مؤثرة. إذ يولد الطفل وليس لديه أي فكر, أو لغة أو معتقد فتسارع البيئة المحيطة للطفل بشغل هذه المساحات لتشكل عقل الطفل ووجدانه, حيث تمثل الأسرة العامل الأول المباشر نحو تأدية الدور الذي يكتمل بدور المدرسة فيسهمان في صياغة السلوك وتعديله ويتكون لدى الطفل فكر ولغة ومعتقد ويتشكل سلوكه ليصبح إنساناً متكامل العمليات العقلية والمعرفية والوجدانية التي تزيد وتنقص فيما بعد حتى تتشكل شخصية الفرد وتكتمل.
وعندما نحاول أن نحصي العمليات العقلية والمعرفية والوجدانية التي تعلمها واكتسبها الطفل خلال الثمان سنوات الأولى من حياته نكون غير قادرين, غير أننا نستطيع ملاحظة ومتابعة عملاً ما نحاول اكسباه الطفل الصغير وخاصة في مرحلة تعليمه المبكر (الثاني ابتدائي تحديداً).

■ فيما يلي تجربة خاصة :
داخل قاعة الدرس حيث حاولت خلق بيئة مثيرة تستدعي الإبداع وتنمي الخيال من خلال التركيز على الطلاقة التعبيرية لمجموعة طلاب الصف فكان لي بفضل الله ما أردت وفي أجواء يسودها الحب والأمن والدفئ العاطفي، تمثلت تجربتي في سرد عدة قصص تنطوي على مضامين أخلاقية إيجابية تلامس حاجات الطلاب النفسية والاجتماعية، وقصص أخرى علمية خيالية عن الاختراعات والمستقبل حيث يتم وضع بذرة صغيرة داخل عقل الطفل وذكائه لتنمو وتصبح دافع محرك لرغبة الطالب نحو الالتزام بمبادئ أو المحافظة على ثوابت وكذلك تكوين تطلعات مبكرة بسيطة وبريئة وعفوية نحو المستقبل من خلال محاولات الابتكار والاختراع، كما أن مثل هذا النشاط الاجتهادي الخاص يكوّن لدى الطفل الصغير مفاهيم صحيحة وواقعية عن الحياة والعيش فيها ودحر وتجاهل ما تحمله البرامج الكرتونية من تشويه لخيال الطفل ووضعه أمام تحديات وخرافات وتصرفات خارقة أوهمت الكثير من أبناء هذا الجيل بأن المغامرات والبطولات وإثبات الذات فيما تحمله تلك البرامج الجاذبة الهادفة للسوء والضياع.

ولك - أخي القارئ - أن تتخيل مشاعر الصغار ودقة الإصغاء لديهم وتساؤلاتهم البريئة وتفاعلهم الصادق مع أحداث ومجريات القصة المخصصة لهذا اليوم.
ورغم أن هذا النشاط يحدث في الفواصل فيما بين الحصص أو ما يتوفر من أوقات بنهاية الحصة أو حينما يحل السأم والملل ضيفان ثقيلان علينا داخل مكان إقامتنا ما يقارب ست ساعات يومياً إلا أن أحبابي الصغار كانت تستثيرهم القصة لدرجة أن أحدهم قد يستوقفنا جميعاً ونحن في وسط درس ما ثم يوجه أحد الأسئلة أو الاستفسار عن أمر ما يريد استكمال صورته الذهنية وكأنه في محاولات ذاتية لإعادة إنشاء ما استمع إليه بل أننا كنا نخصص أوقات لإعادة ما جاء في أحداث القصة ومجرياتها فتظهر لنا مواهب إبداعية ذات قدرة إنشائية واعدة فضلاً عن إثراء قاموس لغة الطالب وزيادة مفرداته اللغوية.
وهذا بعض ما كنا نطمح إليه، مع القدرة على استرجاع الصور الحسية في الذهن وتمثيلها إنشائياً عقب سماع قصة هادفة مؤثرة.
وتبقى الفكرة قابلة للتطوير ومطروحة للنقاش وتبادل الرؤى والمقترحات فهي ما تزال في بداياتها.