بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. عبدالرحمن قاسم المهدلي.
إجمالي القراءات : ﴿3347﴾.
عدد المشــاركات : ﴿76﴾.

مجالس رياض التائبين : المجلس العشرون ــ الكبائر.
■ الكبائر :
اختلف السلف في المراد من الكبائر اختلافا لا يرجع إلى تباين وتضاد، وأقوالهم متقاربة.
قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : (أكبر الكبائر : الشرك بالله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله).
قال سعيد بن جبير : سأل رجل ابن عباس رضي الله عنه عن الكبائر أسبع هن ؟ قال : هن إلى السبعمائة أقرب، إلا أنه لا كبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار، وقال رضي الله عنه : كل شيء عصي الله به فهو كبيرة، من عمل شيئا منها، فليستغفر الله، فإن الله لا يخلد في النار من هذه الأمة، إلا من كان راجعاً عن الإسلام، أو جاحدا فريضة، أو مكذبا بالقدر.
وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : ما نهى الله عنه في سورة النساء من أولها إلى قوله : (إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً) (النساء : 31) فهو كبيرة.
وقال علي بن أبي طلحة : هي كل ذنب ختمه الله بنار، أو غضب، أو لعنة، أو عذاب.
وقال الضحاك : هي ما أوعد الله عليه حدا في الدنيا، أو عذابا في الآخرة.
وقال الحسين بن الفضل : ما سماه الله في القرآن كبيرا، أو عظيما نحو.
قوله : (وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً) (النساء : 2).
قوله : (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءاً كَبِيراً) (الإسراء : 31).
قوله : (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (لقمان : 13).
قوله : (فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) (يوسف : 28).
قوله : (وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ) (النور : 16).
قوله : َ(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً) (الأحزاب : 53).
وقال سفيان الثورى : الكبائر ما كان فيه من المظالم بينك وبين العباد، والصغائر ما كان بينك وبين الله، لأن الله كريم يعفو.
قلت (ابن قيم) : مراد سفيان الثوري أن الذنوب التي بين العبد وبين الله أسهل أمرا من مظالم العباد، فإنها تزول بالاستغفار والعفو والشفاعة وغيرها، وأما مظالم العباد فلا بد من استيفائها.
وقال مالك بن مغول : الكبائر ذنوب أهل البدع، والسيئات ذنوب أهل السنة.
قلت (ابن قيم) : يريد أن البدعة من الكبائر، وأنها أكبر من كبائر أهل السنة، فكبائر أهل السنة، صغائر بالنسبة إلى البدع، وهذا معنى قول بعض السلف : البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، لأن البدعة لا يتاب منها، والمعصية يتاب منها (1).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) : المدارج (1/ 395 - 404).ـ


image في علم المستقبل : مجالس رياض التائبين.