من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : إبراهيم علي سراج الدين.
إجمالي القراءات : ﴿4618﴾.
عدد المشــاركات : ﴿39﴾.

العقل بين نعمة ونقمة.
العقل هو تلك الماهية الغير مدركة واللامنتهية في عالم الممكنات، الكامنة في النفس، ذات قوة وغريزة تطَّرُّ الإنسانَ اضطراراً لإدراك الحقائق والضروريات.
والعقل منحة ربانية خُصَّ بها آدم وذريته عن سائر الموجودات, تكريماً وتشريفاً وتكليفاً.
والعقل إما نعمة وإما نقمة, فالعقل من إيجاد الله الذي أوجد سائر الموجودات, ولا تعارض بين شِرعة الخالق والعقل, أي : لا تعارض بين صريح العقل وصحيح النقل, وإدراك ذلك هو عين العقل, وبه يكون العقل نعمة موهوبة.
ويكون العقل نقمة على صاحبه, بإدراكه الحقائق على غير وجهها المراد, وقلب المفاهيم وفهمها على غير صورتها الموضوعة.
ومن صور ذلك إيجاد التعارض - الممتنع أصلاً - بين العقل والشريعة، وهذا عين ما يتجسد في واقعنا من سفهائنا من أعداء بني جلدتنا, إذ أهملوا جانب الشريعة التي يقتضيها العقل, والتي وضعها الشارع أصلاً لتقنين العقل على مراده الذي أراده الله, ولإرجاعه إلى أسسه وقواعده. فكل من أراد معارضة الشريعة بعقله لم يأتِ بغير التخبطات والمهلكات, وفي الكثير بالمضحكات.
وإعمال العقل بخلاف مراد الله يُخلُّ بنظام تلك الماهية, فتنتقل من كونها غير مدركة إلى مدركة, ومن كونها لا منتهية إلى محدودة ومتحيزة, ومن كونها في عالم الممكنات إلى عالم الممتنعات والمتناقضات، ويحدث ذلك لضعف المُضيف لذلك العقل, فيتحيَّز على قدر مُضيفه, فينتج عن ذلك النقص والخلل, وهنا يكون العقل نقمة ووبال على صاحبه.
وليست المشكلة في العقل ذاته, ولكن المشكلة في الحاوي لذلك العقل لعدم إعماله كما ينبغي, ولجعل الأصفاد عليه وتكييفه بحسب ما يمليه عليه هواه في حيز ضيق, فلا يزال في انخفاض ودنوٍّ إلى أن يقارب مستوى تفكيره تفكير البهائم, فيصبح جلُّ تدبيره في الشهوات والملذات والعياذ بالله، نسأل الله العافية والسلامة.
والعقل نعمة من نعم الله تعالى, فمن أدرك ذلك فقد أفلح, ومن غاب ذلك عن إدراكه فقد خسر, وربما أدى خسرانه خسران الدنيا والآخرة.
اللهم أنت القائل وقولك الحق (لئن شكرتم لأزيدنكم) نحمدك اللهم على نعمة العقل، نحمدك اللهم على نعمة العقل، نحمدك اللهم على نعمة العقل.