من أحدث المقالات المضافة في القسم.

طارق يسن الطاهر.
عدد المشاركات : 76
1444/02/10 (06:01 صباحاً).
عدد المشاهدات :: ﴿﴿4108﴾﴾

في الرسائل التوعوية : بعد موتي.
بعد موتي ...
قد يحزن بعضهم
لكن لن يمتد الحزن طويلا
فلا فرحٌ يدومُ ولا سرورٌ • • • ولا حزنٌ عليك ولا رخاءُ

فالحياة تجرف الناس في خضم أحداثها
وتغرقهم في تفاصيل تخصهم، أكثر من ذلك الذي غادرهم،
فالإنسان ينسى، ويسلو سلوَّ البهائم.

لكن:
لن يهمني ذلك، مَن حَزِنَ، ومَن بكى قليلا، ومَن بكى كثيرا، ومن تبسم خفية... فالأمر سيان عندي.

بعد موتي ...
لن يهمني من افتقدني، ولا من تذكّرني؛ لأنه سيكون عندي ما يشغلني حينئذ.
سأفكِّر في نفسي ومآلي، وليس شيئا غير ذلك.
فليس هناك منطقة وسطى، ولا بقعة رمادية؛ فالمتاح -حينئذٍ- خياران، لا غير.

بعد موتي ...
سأدرك أنني أنفقتُ وقتا كثيرا لدى مَن لا يستحقون، وسأفهمُ أنني أضعت جهدا كبيرا عند من لا يستأهلونه، وربما أعطيت من لا يُقدِّر، ومنعت المستوجب.

بعد موتي ...
سأعلم أنَّ بوادر الأمور توحي بعواقبها، ومقدمات الأشياء دليل على نتائجها؛ فلا يليق بي حينها أن أصرخ: ربِّ ارجعون؛ لأن "كَلَّا" ستنتظرني.
ولكن يليق بي أن أقول لربي: أقمِ الساعة؛ لأنَّ ثمة سعادة آجلة تحثني لأنْ أطوي العاجل؛ لأبْلُغَها.

بعد موتي ...
حينما أوسد في التراب دفينًا، بِيَدِ مَن لو رأى على ثيابي ذرة تراب -إبان حياتي - لنَفَضَها، ثم أدخُلُ الامتحان المكشوف، لأجيب عن أسئلة معروفة، ويأتي الممتحِن ليمتحن الممتحَن، ساعتئذٍ تتمايز المواقف، وتتباين الصفوف، فليس ثمة منطقة وسطى للخلود فيها، فالخيار المطروح من طريقين فقط.

بعد موتي ...
ربما يُقام لي عزاء، وربما لا، ربما يقام لي تأبين، وربما لا، ربما يعدِّدون مآثري إن وجدوها تستحق، واقتنعوا بها، وربما لا؛ لأنهم سيكونون صادقين جدا، وسيقولون ما آمنتْ به قلوبهم تجاهي، لأنه ليس هناك مجال للرياء، ولا مساحة للنفاق، ولا مكان للخوف، فسيقولون ما لم يكن ليقال بألسنتهم، وأنا بينهم.

بعد موتي ...
ستختفي كل تلك الألقاب التي وصفوني بها: الأستاذ والأديب والكاتب والمربي والمعلم، وأبو فلان، وابن فلان...
سيبقى اسمي واحدا، وهو المرحوم فلان، سيتفقون عليه بعد موتي، كما لم يتفقوا في حياتي.
كل ذلك لا يهم كثيرا؛ فأنا أمام طريقين، فليس ثمة منطقة رمادية، وليس هناك مكان ثالث.
|| طارق يسن الطاهر : عضو منهل الثقافة التربوية.