من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

فوائد المرض ﴿5622﴾.
بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. بدر فارس الحمد.
إجمالي القراءات : ﴿10038﴾.
عدد المشــاركات : ﴿5﴾.

زراعة القوقعة : الشروط والمعايير والمضاعفات والسلبيات.
■ تعد حاسة السمع واحدة من النعم التي وهبنا الله إياها, قال تعالى : (قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۖ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ) (الملك : 23) وتمثل حاسة السمع تحدياً لنمو اللغة الطبيعي عند الأطفال, كما أنها تلعب دوراً رئيساً في النمو النفسي والاجتماعي والمعرفي والتحصيل الأكاديمي, وحدوث أي خلل أو قصور في هذه الحاسة من شأنه أن يُحدث صعوبات من أهمها لغة التواصل الطبيعي بين فئة الصم والمجتمع. فالأفراد الصم يتواصلون بلغة الإشارة وهو ما يزيد من صعوبة قبولهم في المجتمع على اعتبار أن المجتمع لا يمتلك هذه اللغة.
وحسب الإحصائيات المعلنة في المملكة العربية السعودية أن ما يقارب (720) ألف من أفراد مجتمعنا يعانون فقدان سمعي, وتقدر نسبة الإعاقة السمعية 06% أي ما يقارب حالة لكل (200) حالة ولادة.
وتتراوح نسبة الفقدان السمعي من البسيط - متوسط - شديدة - شديدة جداً, يحددها الاختصاصي السمعي (audiologist) والجدول التالي يوضح تصنيف الإعاقة السمعية وفقاً لدرجات الفقدان السمعي بالديسبل (dB).

● مستوى الخسارة السمعية بالديسبل (dB) ------------- الفئة
0 - 25 ---------------------------------------------- عاديون normal
26 - 54 -------------------------------------------- بسيطة mild
55 - 69 -------------------------------------------- متوسطة moderate
70 - 89 -------------------------------------------- شديدة severe
90 فما فوق --------------------------------------- شديدة جداً (حادة) profound

من هنا يتضح أن هناك أكثر من تصنيف للإعاقة السمعية, فمنهم من يوصف بالأصم (deaf) : وهو الشخص الذي يعاني من عجز سمعي يعيقه عن المعالجة الناجحة للمعلومات اللغوية من خلال السمع باستعمال السماعات الطبية أو بدون استعمالها.
أما التصنيف الآخر فهو ضعف السمع : (hard of hearing) وهو الشخص الذي يوجد لديه بقايا سمعية يستطيع من خلال استعمال السماعة الطبية معالجة المعلومات اللغوية بنجاح من خلال السمع.

● وتنقسم الأذن إلى ثلاثة أجزاء رئيسة :
1- الأذن الخارجية : وتشمل صيوان الأذن وقناة السمع الخارجية.
2- الأذن الوسطى : وتشمل طبلة الأذن والعظيمات الثلاث وهي على التوالي المطرقة والسندان والركاب.
3- الأذن الداخلية : وتشمل القوقعة (cochlea) والنافذة البيضاوية والجهاز الدهليزي.

■ الصورة التالية توضح أجزاء الأذن.


image

وتأتي زراعة القوقعة للأفراد الصم واحدة من الحلول العلمية لإعادة السمع للمصاب والتي تهدف إلى تحسين سماع الأصوات المحيطة والتمييز بين هذه الأصوات, كذلك تحسن النمو اللغوي للطفل, بالإضافة إلى تنمية المهارات الاجتماعية والدراسية.

● إلا أن هناك شروطاً ومعايير يجب التأكد من توفرها قبل إجراء عملية زراعة القوقعة وهي :
1- أن يكون الطفل لديه صمم كامل في كلتا الأذنين : أي أنه لا يمكن زراعة القوقعة للطفل الذي تكون احد أذنيه سليمة.
2- أن لا يتجاوز عمر الطفل خمس سنوات كل ما أمكن ذلك : حيث أن هذه المرحلة تعتبر مرحلة اكتساب اللغة, وكلما تجاوز الطفل هذه المرحلة قلت الفائدة. وقد أثبتت الدراسات العلمية أنه كلما كان عمر الطفل مبكراً كانت النتائج أفضل. ومن المهم أيضاً التنويه إلى أن زراعة القوقعة يمكن أن تكون في الستة أشهر الأولى من عمر الطفل, ومن هنا تكمن أهمية الكشف والتدخل المبكر.
3- تجربة السماعات الطبية بفترة لا تقل عن ثلاثة أشهر : لا يمكن زراعة القوقعة قبل التأكد من أن الطفل لم يستجب للسماعات الطبية العادية للمدة المذكورة.
4- الذين يعانون من ضعف السمع بالقوقعة (الصمم العصبي).

وتنقسم القوقعة إلى جزأين رئيسين جزء داخلي يتم غرسه داخل الجمجمة والصورة التالية توضح الجزء الداخلي من القوقعة الذي يتم غرسه.

image

أما الصورة التالية فتوضح الجزء الخارجي للقوقعة والذي يتكون من جزأين كما هو موضح بالأرقام في الصورة.

image

1- السماعة الطبية التي تلتقط الأصوات وتوضع خلف صيوان الأذن.
2- جهاز الاستقبال والذي يتم وضعه من الخارج على القوقعة التي تم غرسها. وهذين الجهازين الخارجيين يمكن إزالتهما بكل سهولة عند الحاجة مثل ممارسة الرياضة للحفاظ على الجهاز من الكسر أو السباحة والاستحمام لكي لا يتعرض الجهاز للماء فيصاب بالعطل أو أثناء النوم أو غير ذلك.
ومن الأهمية بمكان توضيح أن عملية زراعة القوقعة ليس لها قيمة دون عملية التأهيل الجيد, وإذا افترضنا أن نسبة نجاح عملية زراعة القوقعة تمثل 50% فالنسبة المتبقية تتمثل فيما بعد إجراء عملية زراعة القوقعة وهي عملية التأهيل والتدريب السمعي والذي يمكن أن يصل إلى أربع سنوات, فالطفل زارع القوقعة يعتبر مثل الوليد يحتاج للوقت والتدريب والتأهيل السمعي للتمييز بين الأصوات والكلمات, وكلما أعطي الطفل اهتمام أكبر كانت النتائج أفضل.
في حال لم تتوفر فرص التأهيل والتدريب للطفل بعد إجراء عملية الزراعة فإن الأسرة والطفل سيصابون بالإحباط الشديد لعدم وجود نتائج إيجابية, وهناك حالات كثيرة لم تستفد من هذه التقنية بسبب عدم خضوع زارع القوقعة لفترة التدريب والتأهيل الجيد ما بعد إجراء العملية.
هذا كله لا ينفي ربما وجود بعض المشاكل التي يمكن أن يتعرض لها زارع القوقعة لذلك يجب أن يعرف الوالدين (أو الفرد نفسه إذا كان قادراً على اتخاذ القرار) المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها, والتي أشار لها موقع هيئة الغذاء والدواء الأمريكية عبر موقعها الإلكتروني على الإنترنت, وكذلك مجموعة مراسلات الصم العرب وهي : إصابة العصب الوجهي, يكون عرضة لالتهاب السحايا, تسرب السائل النخاعي والسائل اللمفاوي, كذلك نوبات الدوخة والدوار والطنين, خدر حول الأذن, الجرح الناتج عن العملة يكون معرضاً للعدوى والالتهابات, اضطرابات في حاسة الذوق.
لذلك لابد من نشر الوعي بين الأفراد الصم وأسرهم في هذه القضية تحديداً, كما يجب أن يكون لديهم الثقافة الكافية في هذا الشأن لمناقشة الطبيب في كافة التفاصيل المتعلقة بعملية الزراعة ومناقشة أخصائي النطق والتخاطب حول البرامج التأهيلية والتدريبية التي يحتاجها الطفل ما بعد إجراء العملية فالقرار في النهاية لا يملكه الطبيب ولا أخصائي النطق والتخاطب إنما الفرد نفسه إن كان قادراً على اتخاذ القرار أو أسرة الطفل.