من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : منصور حسن الفاسي.
إجمالي القراءات : ﴿5335﴾.
عدد المشــاركات : ﴿2﴾.

أمتنا أمة واحدة، والشعوب الإسلامية يربطهم رابط واحد، (وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) (المؤمنون : 52) وبالأمس حدث لإخواننا في مصر العروبة والإسلام حدث جلل، أودى بحياة أكثر من السبعين، ونحو الألف من الجرحى والمصابين، أهي معركة مع اليهود ؟ أم ملحمة سطرت في الدفاع عن العرض والشرف ؟ أم ماذا ؟! شهداء بدر أربعة عشر، وشهدا أحد سبعين رضي الله عنهم، والموت في هذا الحدث قارب الثمانين، وللأسف كان بسبب مباراة كروية.

■ وأحب قبل أن ألج في الموضوع أن أنبه إلى أمرين اثنين :
1- حديثنا لا يخص إخواننا أهل مصر، وبعيداً عن القرارات الإدارية والأمنية والسياسية التي اتخذت من الحكومة المصرية عقب الحدث، وإنما هو لعموم المسلمين، وبالدرجة الأولى لمن هم في مملكتنا الحبيبة.
2- نحن نكن للشعب المصري كل حب وتقدير، وسيبقى ذخراً للأمة والدين، ولا ننتقص من أحد وإنما نأخذ العبرة مما يحدث حولنا بقصد الفائدة.

ونذكر بأن هذا الحدث لم يكن هو الحدث الكروي الأول الذي يموت بسببه عدد كبير من الناس فهناك عشرات الأحداث الكروية التي مات بسببها الكثير من الناس، ولن يكون الأخير.
ومن هنا نزداد يقيناً بأهمية الأخذ بالسنة ومنها أذكار الخروج من المنزل (بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله) و(اللهم إني أعوذ بك من أن أزل أو أُزل أو أضل أو أًضل أو أظلم أو أُظلم أو أجهل أو يجهل علي) ونزداد يقيناً بأهمية أذكار الصباح والمساء، وأهمية البقاء على الطهارة - الوضوء -، وأهمية المحافظة على الصلاة في وقتها وعدم تأخيرها لأي حدث مهما كان في أعيننا عظيما، والاستعداد للموت فقد يأتي في أي لحظة، وعلى العاقل كذلك أن يبعد بنفسه عن تجمعات العامة التي لا تنفعه وإنما قد تضره وخصوصاً لو كان هناك بديلاً جيداً عن معاناة حضور الملعب بمشاهدة المباراة على الهواء مباشرة.
والتشجيع للأندية الرياضية ينبغي أن يكون منضبطاً بالشرع، فيؤدي التشجيع الجيد لمزيد من المعارف والمتعة والألفة، ويشغل المشجع بالترفيه البريء والترويح عن النفس، بل ويسهم في تلاقح الأفكار وتربية الأجسام وإعدادها لموجهة صعوبات الحياة.

وأما التشجيع السلبي - المتعصب - فهو الذي يودي إلى التجمعات الجوفاء والانفلات الأخلاقي والتقصير الشرعي والذي غالباً ما يكون في الصلاة وبر الوالدين وصلة الرحم، وهو الذي يضر بالناس ويعطل مصالحهم (المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه) والذي يحصل من بعض المشجعين حين فوز فريقهم، من قفل للشوارع، وتأخير لحركة السير، هو من الحرام الذي لا خلاف في حرمته.
وبعض المشجعين يصلون بأنفسهم، وأهليهم، ومجتمعهم، إلى الهلاك دون أن يشعروا، فكم ممن قتل نفسه بسبب الحماسة، و التعصب في التشجيع، البعض أصابته نوبة قلبية مات على أثرها، والبعض أصيب بالضغط أو السكري، وهناك من الأسر التي تفككت وضعفت تربية أبنائها بسبب انشغال ولي الأمر بالتشجيع عن مسؤولياته الأسرية، وكذا يقال في التفكك الاجتماعي بسبب حماس التشجيع، فحضرته لا يحضر أي مناسبة اجتماعية إذا كانت تتعارض في زمنها مع مباراة فريقه.

■ ومن الحلول المقترحة للتخفيف من حدة التعصب في التشجيع :
♦ أولها وأعلاها أن ينشغل المسلم بتزكية نفسه ويبعد بها تماماً عن التشجيع الذي لا فائدة فيه.
♦ أن يتعمد المشجع ترك مشاهدة بعض مباريات فريقه تربية لنفسه.
♦ الوضوء والطهارة قبل مشاهدة المباراة ففي الوضوء أثر عجيب في حفظ النفس من الآفات.
♦ تشجيع أكثر من نادي حتى يتوزع الحماس بينهم فيخف تعلقه الكامل بناد واحد كأن يشجع أندية الغربية كلها مثلاً فيرضيه أيها فاز بالمسابقة.
♦ إرغام النفس ومعاهدتها بالبعد عن الجدل والمهاترات التي تقتل الروح والأخلاق الفاضلة.
♦ تعويد النفس على الإنصاف مع الخصم في اللعب، بل والإشادة به إن كان يستحق.
♦ الحرص على عدم مشاهدة كامل المباراة، بل يشغل نفسه عنها في أولها وفي وسطها، حتى لا ترتفع كمية الحماس تراكمياً.
♦ الحرص على روية المباراة بصحبة أناس أفاضل عقلاء والبعد عن المتعصبين.
وصلى الله على سيدنا محمد، وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

بين مكة المكرمة وبين القاهرة جسر من عقيدتنا.
فضل الإكثار من قول : سبحان الله وبحمده ــ حديث صحيح.