من أحدث المقالات المضافة.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : عبدالله علي الخريف.
إجمالي القراءات : ﴿4663﴾.
عدد المشــاركات : ﴿27﴾.

مقال ساخر : حفلة شواء أجساد المترفين.
■ خلف تلك الأسوار المرتفعة الكثير من السوء، هذه الكلمات هربت من بين شدقيه اليابسين كورقة عنب تستقبل فصل الشتاء بسبب المعاناة من نقص حاد في الكثير من الفيتامينات !
لم يكن الأمر مفاجئاً .. لطالما عبر عن استيائه وحقده الدفين تجاه الأثرياء المتخمين خلف أسوار قصورهم الباذخة في الترف، ولطالما امتد النقاش بيننا لساعات حول ذات الموضوع لم يستثن أحداً من قائمة الترف، كلهم سواء يحملون ذات الصفات، ويعيشون بنفس العقول، وهم السبب الأول خلف كل بلاء !
يتساوى في منطقه الذي يستحم بدهن العود، ويبني المساجد، ويوزع الصدقات. وهو في ذات الوقت يعقد المزيد من الصفقات، ويبدو لاهثاً خلف تكديس المزيد من الدراهم - كما يحب أن يعبر - لا يعنيني كل ما يفعله من خير كما يعبر المنتفعون منه لأنه يتعامل مع الأمر وفق نفس المعادلة. وهو يكذب علينا وعلى نفسه باتساخ لأنه ينغمس مع حريمه وأبنائه في نفق الترف ويرمي الفتات في تعال منتن لينال لقب الشيخ المحسن الكبير، وحينما يمر السواك بين أنيابه الصدئة فإنه يمر المزيد من الضحايا بين ذات الأنياب عبر ممارسات نفعية تهلك المساكين، ولذلك فكلهم سفلة !
يتساوى مع الثري العربيد الذي يمنح نفسه كل المسوغات ليهلك الحرث والنسل، كلهم بلاء علينا وعلى الأرض تاريخهم حافل بالمقت، كاذبون متعالون لئام ومحتالون وأنانيون، لا تصدقهم، اقترب إن شئت من مصالحهم وانظر كيف سيصبحون أشرس من خنزير هائج !
صدقني : كلهم هكذا لم يكذب الأنبياء والرسل سواهم، ولم يفسد القرى غيرهم، سيتبعون الدين إن ضمن لهم المزيد من الانتفاخ، وسيصبحون زنادقة حين يقف بينهم وبين مستنقع ترفهم.
لا فرق : الذين يرتدون عباءات الدين، يهمهم أن يمتطوا البانوراما، وأن يرتدوا مشالح مذهبة ومبهرة، يهمهم أن يكونوا في الحج ضمن حملات vip وأن يسحقوا كل من أراد أن يسبقهم على تحقيق ملذاتهم !
راقب جيدا كيف ينمو أبناء المترفين كفطر عفن فينشأ بليداً نهماً أو ثعلباً مسخاً انتهازياً تدرب على جلب المزيد من البلاء فوق أجساد المعدمين.
هكذا دفعة واحدة. ودوماً حين نفتح نافذة هذا الأمر تصبح ليلتنا بمنجل ! لم يصدقني حين أخبرته أن لديه أفكارا اشتراكية، ولطالما أخبرني أن المترفين أكثر المخلوقات مقتاً، وكم وضع أمامي الكثير من الشواهد التي تثبت أن الترف والمترفين لعنة ماحقة ! حتى الرسول عليه الصلاة والسلام لم يقبل أن يكون ضمن تلك القائمة المتسخة !
كل مصائب الدنيا خرجت من بين طبقات بطونهم المتورمة، الفساد الخلقي والانحراف البهيمي هم الذين يحملون أوزاره، لا وقت أصلاً لدى المعدمين للبحث عن الغواية وإن تعثروا ذات مأساة فلأن مترفاً حفر خندقه العفن أمامهم. لم يتسخ يوسف عليه السلام بعهر الترف، لكن امرأة العزيز فعلت ! ولم يحرك زوجها البغيض ساكناً حين اكتشف غيها. هم هكذا يعيشون، لن يكدروا متعهم الدائمة بمبادئ مقلقة، ولن يتقدموا خطوة واحدة في الاتجاه الصحيح حيال أي أمر نافع، بل إنهم سيكونون العائق الصلب أمام كل الأبواب التي يدخل معها الهواء النقي، لأنهم ألفوا التلوث الذي يضمن امتداد ترفهم !
أخبرته مرة أخرى أن تهمة الحسد يمكن بقوة أن تنال منك، لكنه ابتسم ! لا أحسدهم أمقتهم يا سيدي، لن أكون محظوظاً لو أنني أحدهم ! أنت تكذب ! أنت أحدهم، الترف اليوم أصبح مشاعاً أنت تتقاطع معهم في الكثير من تفاصيل حياتك، تستمتع بالكثير من المباهج، الفرق أنهم يملكون أرصدة أكثر !
هل أصبح مترفاً لأني أستخدم الجوال لينهب ثمن حقيبة معقولة لابنتي الذكية والجميلة، لكن التي تعاني من فقر الدم؛ هل تعدني مترفاً لأن في بيتي المستأجر تضاعف ثمن الإيجار ثلاث مرات في عقارات، لأن في بيتي غسالة وسخانة تستخدمها زوجتي المريضة بدون خادمة ! هل تعدني من المترفين لأنني أركب سيارة مؤجرة تنتهي بالتمليك.
كلا، أخبرني أنه ليس منهم، أدخل هواء عميقاً قبل أن يخبرني أنه فقد ولده لأنه لم يملك مالاً يدخله المستشفى الكبير، أخبرني أن ولده دخل مستشفى الفقراء والتقط هناك فيروساً قاتلاً منتشراً في وحدة العناية المركزة في مستشفى يسكن في مبنى فندق فاشل، وأن المبنى المتهالك بيع على وزارة الصحة منذ عقود ليمنع خسارة أحد المترفين، وليتحول إلى زريبة يموت بين جدرانها العفنة ولدي في مدينة الرياض !
إذا : أنت ناقم .. أنت هنا تنتقم .. سيكون حديثك إذا بلا مصداقية !
لم أسمح له أن يسوق المزيد من الأدلة التي تثبت أنه لا ينتمي إلى المترفين على أية حال لكنه بداء مليئاً بالمزيد من الكلمات التي تهجوهم يمكنك أن تندس بينهم كأنك - معاذ الله أحدهم - ثم شاركهم في حديث مخملي عن المجتمع، عن أمراضه، عن الناس، عن الشارع، عن الغلاء، عن الأمن، عن .. الخ.
ستسمع بعينيك البائستين قبل أذنيك كيف يتحدثون، ستكتشف كم هم أذناب تهتز باستمرار بلا هدف ! ستخبرني أنهم أوسخ وأضر على الكرة الأرضية من ثقب الأوزون ! ومن قنابل الدنيا وأوجاعها، وأن داء الخنزير سيكون مفيداً لو أبادهم !
اسمع وانظر إلى نسائهم ! تأمل كيف يحيون في وسخ الترف ثم يتعالون على الضعفاء الذين هم أطهر منهم ! ربما ظهر بأني ترفهم عاقلاً ومتزناً لأنه لم يبن جسده الأجوف كله من لحم السمان المكتنز لكن كل من حوله سيبدو فطراً خبيثاً نبت من سحت وترف ! لكنك لا تحب السمان ! لأنه يشبههم ! تبدو اليوم متهوراً وحانقاً ! يمكنني أن أحدث أحدهم ليسهم في حل مشكلاتك ! ابتسم هادئاً : لا مشكلات لدي، أعيش حياة هادئة وجميلة، فقط أردت أن أمارس لعنهم في الهواء الطلق : اللعنة على كل المترفين، محقاً وسحقاً وهلاكاً، فقراً بعد غناهم، ذلاً بعد فخرهم، خوفاً بعد أمنهم، العنوهم فلعل المحقة تتأخر، العنوهم جهراً وسراً .. امنعوهم أن يتسببوا في انفجار الكرة الأرضية ! إنها سنة كونية دائمة، إنهم دوماً من يجر ثوب اللعنة ويوقد النار في شعرها المنفوش، لكن الكادحين دوماً يحترقون معهم ! إن المترفين ليسوا مخلوقات مختلفة بالطبع. لكن الإنسان يطغى إذا استغنى بالنص القرآني، وبالتالي فإنهم ليسوا سوى طغاة ولصوص ولئام .. وبالتالي فإن الترف في حد ذاته هو الداء، لا يوجد مترف بالجنسية أو بالتقادم، بمجرد أن يصبح الإنسان مترفاً فإنه سيصبح فاسداً ومنحطاً. بالطبع لا يمكن أن تظهر هيئات ولجان ومنظمات للقضاء على الترف والمترفين، لكن الأكيد دائماً أن المترفين هم من سيذهب بالحياة إلى الجحيم !
وبناء عليه : فإن بغضهم ولعنهم سيكون خياراً استراتيجياً على الأقل الذين يهمهم أن تتأخر الماحقة ! إن أنفاس المترفين البغيضة ستلوث الأنحاء، تذكر ذلك جيداً ! إن الإنسان خلق كائناً يحمل كل المتناقضات، وبقدر ما ترى مترفين متكبرين وفجرة فإنك ستجد أذناباً جائعين يكبرون على الذل. إن المترف - وهذا ما يقهرني ! - مرحب به حتى في خرائب الفاقة، ليس لأنهم سيحولها لهم إلى بيوت معقولة، فقط لمجرد أنه مر بهم هناك !
جبلت النفس البشرية الكلبية (ليست كل النفوس كذلك) على أن تمد اللسان عشرات السنتيمترات لاهثة خلف الأثرياء والمترفين ولو لم تنل حتى عظمة نجسة ! إنني سأحمل على عاتقي نشر الكراهية تجاه المترفين !
أعلم أنها مهمة كبيرة ومتعبة لأنني سأتعامل مع أعداء فوق كل أرض إلا أنني أجدني ملزماً بحمل هذه المهمة لكي أضمن على الأقل أنني لم أسجل يوماً ضمن الأحذية، إن التافهين حتى وهم في النار يتذمرون من أنهم كانوا ذيولاً منسية في أعقاب المترفين المتورمة ولن ينفعهم ذات عذاب أنهم يلعنونهم هناك !
إذا : العنوهم الآن، تبرأوا منهم الآن، احتقروهم، امنعوهم من أن يذهبوا بكم إلى جهنم قبل أن تشربوا عصارة شواء أجسادهم العفنة هناك ! أنا لو نالني معهم شيء، سأردد أنني لطالما لعنتهم، ولم أردد يوماً : يا ليت لي مثل قارون ! تذكر ذلك جيداً !
ترجل من السيارة رفض أن أقربه إلى منزله، أخبرني أنه يريد أن يمر بالمساكين، نسي معي جهازه الجوال، ونسي أن يخبرني عن قصة عامل البلدية في المقبرة الذي وقف على رأسه وهو يدفن ولده ليطلب منه رسوم حفر القبر، ثمن القبر ! ونسيت أن أخبره أنه سيختلف حين يصبح مترفاً، وأن الترف أقرب إليه من وجه طفلته المبتسمة التي تستقبله الآن !