من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

مثلث الكوتش ﴿4494﴾.
بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. وليد فؤاد ردنه.
إجمالي القراءات : ﴿6493﴾.
عدد المشــاركات : ﴿2﴾.

القيادة مصدر الإحباط الوظيفي.
■ توطئة :
يلاحظ في الآونة الأخيرة تفشى حالة الإحباط الوظيفي بين العاملين بالجهاز الإداري لمنظومة التعليم بكافة فئاته وتقسيماته ونوعياته الوظيفية، وهذه الحالة تعد أمراً على درجة بالغة في الأهمية والخطورة لما لها من تأثير على نجاح اى مؤسسة تعليمية، ومن أعراض هذه الحالة النقاشات الكثيرة والجدل الواسع بين العاملين الذين على هم على رأس العمل، فهناك من يتحدث عن هموم العمل الوظيفي، وهناك من يعبر عن وجهة نظره وعدم ارتياحه أو سعادته فيما يقوم به من عمل ويشعر بالذنب حيال تقصيره من واجبات للمضايقات النفسية التي من رؤسائه والتي عادة ما تكون بسبب الإحباط الوظيفي، ومنهم الكثيرين الذين يجتمعون في إعمالهم أو خارج أعمالهم يوجهون انتقادات لاذعة لما يشعرون به من خيبة أمل عما يدور تجاه مستقبلهم الوظيفي أو تجاه المنشأة التي يعملون بها.
ومما لا شك فيه إن هذا المؤشر، وما يتبعه من عقبات يؤثر بشكل سلبي على سير العمل بالمنشأة التي يعملون بها، فالذين يعانون من الإحباط الوظيفي يواجهون ضغوطاً نفسية وعصيبة، أقلها بأن يتولد لديهم الشعور بعدم الرغبة في التوجه إلى أعمالهم، أو عدم سعادتهم بما يقومون به من أعمال، ولا يستطيعون التعبير بصراحة للمسئولين الذين يعملون معهم أو إيصال ما بداخلهم أمام من يتعاملون معهم من رؤسائهم، ثم يتحول هذا الشعور فيما بعد إلى نتائج عكسية صعبة وحرجة ربما يصاب أصحابها بأعراض نفسية قاتلة أقلها تأثيراً هو الهروب من هذه الوظيفة بالبحث عن مكان عمل آخر حتى وان كان اقل مستوى وراتب أو أحياناً إلى ترك العمل بأساليب ملتوية كأن يحصل العامل على ترخيص بإجازة مرضية مفتوحة إلى أن يحال إلى التقاعد أو أن يبتعد عن أنظار الإدارة العليا ويقتصر عمله على مجرد الحضور والانصراف للتوقيع فقط لا غير.

● القيادة مصدر الإحباط الوظيفي :
وللإحباط الوظيفي أسباب كثيرة منها غياب العلاقة الإدارية بين الرئيس المباشر والمرؤوس بما يسمى التسلط الإداري، وكذلك غياب العلاقة بين الإدارة العليا والموظفين يتبعها بعض الظروف التي تزيد من الإحباط وهي التجميد الوظيفي، غياب الحافز المادي والمعنوي، عدم الشعور بالانتماء للمنشأة، إهمال جانب التدريب، والمنشآت التي تتجاهل مبدأ التدريب والتطوير أو تجعله في الحد الأدنى من اهتماماتها يؤدي إلى انعكاسات سلبية على المنشأة أو يهدد وضعها وضعف العائد منها على المدى البعيد وذلك لكون التدريب من شأنه تزويد العاملين بمهارات إضافية وصقل في المواهب واكتشاف الكثير من نقاط القوة والضعف وتصحيح الكثير من المفاهيم الخاطئة التي كانت تنفذ بشكل غير سليم وينعكس بالتالي بشكل إيجابي لصالح المنشأة.
وهذه الأسباب تجعل مؤشر الإحباط الوظيفي مقبول ومعقول ولا تزيد من درجته بين العاملين، لكن الأخطر والأشد خطراً في إيجاد هذا الإحباط ما يسمى بالتسلط الإداري بين الرئيس المباشر والمرؤوس حيث انه هو محور الارتكاز والشرارة التي تؤزم العلاقة بينهما، فأحياناً يؤدي سوء الاختيار أو غياب المعايير في اختيار الشخصية القيادية والتي تناط بها مسئولية العمل كمدير أو ما يسمى (الرئيس المباشر) وتكون هذه الشخصية مفتقره لمقومات القيادة، مثل القدرة على إدارة مجموعة من الأفراد وحسن استغلال طاقاتهم واكتشاف مواهبهم، وتفتقر أيضاً لمقومات القيادة التربوية السليمة، وليس لديها أي خلفية عن طبيعة العمل الذي ستقبل عليه هذه الشخصية حتى ولو على سبيل المعلومات العامة، كما أنه يفتقد إلى ثقافة التواصل والاستمرارية فلا يواصل عمل المدير السابق أو على الأقل استمرار الحفاظ على ما تم من أعمال إيجابية لصالح العمل، ثم يبدأ من جديد الأمر الذي يؤدى إلى ضياع الوقت في إيضاح الرؤية للعاملين مرؤوسيه وهذا تحت شعار (أنا لي سياستي الخاصة) وأن أعمال المدير السابق كلها خاطئة ويتفرغ في البحث عن سوءات المدير السابق ويظهرها ويتعمد إعلانها بشكل واضح على العامة والخاصة لكى يثبت أنه الأفضل والأكفأ وأنه كان الأحق يتولى هذا المنصب، كل هذا يؤدى إلى إرباك مسيرة العمل، والأكثر من هذا أن كثيراً ما يشعر هؤلاء الرؤساء الذين تخدمهم الظروف أو الحظ في التعيين كمدراء بالنقص في الشخصية، فهم بالصدفة يجدون أنهم على وظيفة غير متوقعة بل وتكون مفاجأة لهم، نتيجة عوامل وظروف وتقارير كتبت لصالحهم على غير الواقع والحقيقة كما هو الحال في اختيار القيادات في كافة المجلات حالياً، وبذلك ومنذ بداية توليهم إدارة شئون العمل تتولد لديهم عدم الثقة بالنفس في القرارات والتوجيهات التي يتخذونها وبالتالي تندرج تحتها الارتجالية والعشوائية والتخطيط غير السليم في إدارة الإفراد أو المجموعات، فهم دوماً يتعاملون بصيغة الأمر وعدم الرجوع عن قراراتهم حتى وإن كانت خطأ، ويتحدثون بلغة ألانا، كما إنهم يغيبون العامل الإنساني والاجتماعي في تعاملهم مع مرؤوسيهم، ولذلك فهم غير قادرين على التخطيط أو التطوير مهما فعلوا من أجل تطوير قدراتهم الإدارية بما يتناسب مع حجم مسئولياتهم الوظيفية أو حتى القبول بأي مقترح يشعر بالتغيير أو التطوير لكون أن ذلك يعتبر تجاوزاً في إظهار إمكانيات تفوق إمكانيات الرئيس المباشر وهذا يعتبر في منظورهم تعدياً غير مشروع، لذا فإن هؤلاء يكونون مقلدين لغيرهم ممن هم أفضل منهم ويحاولون سرقة أفكار غيرهم ونسبها إليهم بل والتفاخر بأنها من صنيعهم، ويشتغل هؤلاء على مقاومة من هم أقل مستوى وظيفياً، والخوف منهم ووضعهم في قائمة (الضد) (إن لم تكن معي فأنت ضدي)، ويكون تعامله مع العاملين على أساس التفرقة بين العاملين وتخصيص فئة منهم من مقدمي الشكاوى وفئة الحاقدين عليه وأحياناً يتصفح شبكة الإنترنت للتعرف على ماذا يقال عنه بدلاً من أن يتصف لزيادة المعارف والمعلومات عن كافة مجالات القيادة الصحيحة والسليمة للاستفادة منها في تطوير منظومة العمل التي يديرها، وأحياناً يصل الشعور لديه بانعدام الثقة والخوف على الكرسي بأن يوصى بمجموعة عمل تكتب شكاوى كيدية ضده على النت وقد تتضمن بعض المعلومات التي لا يعلم بها أي أحد سواه ومجموعته حتى تكتمل الحبكة القصصية في هذه الشكاوى الكيدية وتلصق بأسماء بعض العاملين المراد التخلص منهم، وتستغل للتأثير على الإدارة الأعلى منه سواء كان الوزير أو المحافظ أو أي من الجهات الرقابية الواقعة في نطاق عمله ويخلق لديهم حالة من القناعة الوهمية بانه في حالة صراعات دائمة مع العاملين التابعين للمدير السابق وأن هذه الفئة ترفض تنفيذ تعليماته وأنهم جواسيس عليه لصالح المدير السابق وأنه يحاول تحقيق الانضباط وهم رافضين، ويحاول إصلاح أخطاء المدير السابق وإبعاد المفسدين، وكلها مبررات لتغطية فشله الإداري ويتمكن من تصفية العاملين الأحق منه والأكثر كفاءة وخبره عنه عن طريق تكوين رؤية خاطئة عنهم لدى الإدارة العليا وكسب تأييد هذه الإدارة أو مختلف الجهات ويجعلها ضمانه من ضمانات استمراره في موقعه بصرف النظر عن صالح العمل والعاملين فيه، بل ويذهب أبعد من هذا بأن يطلب من مجموعة كتابة الشكاوى الكيدية والرد عليها، حتى يتمكن من تهميش المقصود الانتقام منهم وقتل روح الإبداع فيهم بل ويضعهم في بؤرة الغضب العارم من الإدارة العليا وتنسب إليهم كل عوامل الفشل والتدهور في منظومة العمل التي يديرها هذا المدير الذي ولد وجاء لهذا المنصب من رحم شيطاني، وهذا التصرف نتيجة الخوف من بروزهم أمام الإدارة الأعلى.
هذا بالنسبة للمدير بالصدفة، أما المدير المختار بالانطباع وليس الاقتناع لا يقل سوءا عن مدير الصدفة والحظ، والمقصود بالمدير المختار بالانطباع هو الذي تم اختياره لمجرد الإعجاب به فقط، أو لأنه يحوز على إعجاب بعض أو كل أعضاء اللجنة ولا يهم في اختياره أن يكون صاحب خبرة أو إنجاز ولا أفكار ولا أي شيء تؤهله لتولى هذا المنصب المهم، إنه يقع عليه الاختيار لمجرد إعجاباً شخصياً فقط لا غير، وعند التجديد يعلم هذا المدير المختار بالانطباع سيتم التجديد له تلقائياً، وبالتالي تكون مقترحاته وإنجازاته عند التجديد هي نفس مقترحاته وإنجازاته عن بداية التعيين لهذا المنصب لأنه يعلم أنه لن تراجع أعماله ولن يسأل عن ما تم إنجازه من مقترحات سبق أن تقدم بها، وتكون النتيجة استمراره في منصبه مع المزيد من الإحباط للكفاءات التي لا ترى النور والتي سرقت أعمالها وإبداعاتها وابتكاراتها لتكون إنجازاً للمدير الذي هبط من السماء أو الذي ظهر على فجأة، والكل يصمت أمامه لأنه يثير الرعب فيهم لأنه إذا خرج يدعى أنه كان عند فلان وإذا أصدر أمراً لابد من أن يبدأه بناء على تعليمات معالي السيد 0000 وتكون النتيجة الصامتون يزداد صمتهم والمحبطون يزداد إحباطهم وتنتشر بين العاملين سلوكيات ثلاث لا أسمع، لا أرى، لا أتكلم.

● ولكن ما الحل ؟
يمكن لأي موظف أن يمارس القيادة، ولكن ممارسة القيادة تعتمد على عدد من المقومات والإمكانات والقدرات، وهى مختلفة من فرد لآخر بما يسمى الفروق الفردية بين الأفراد، ويجب أن تكون هذه القدرات والإمكانات هي يجب أن تكون المعايير الموضوعية للاختيار، ويجب أن توضع مقاييس إحصائية لهذه القدرات بمعرفة علماء النفس المتخصصين وذلك في صورة مجموعة من الأسئلة يتم الإجابة عليها من جانب الشخص أو الأشخاص المرشحين، وتضاف إلى مجموع الدرجات التي يحصل عليها المرشح في البحث المقدم منه، وعلى ضوء هذه الدرجات يمكن أن يتم الاختيار، بصرف النظر عن أي اعتبار آخر، ويجب أن يتم عمل اختبار دوري لهم بعد تولى كلى منهم الوظيفة التي تقدم لها، وعند التجديد له لا بد أن يكون للسادة علماء النفس رأى يؤخذ به عند التجديد للخروج من دائرة التجديد التلقائي للمدير أو للرئيس المباشر، ومن هذه القدرات :
الشعور بأهمية الرسالة : وتعنى قياس درجة الإيمان بقدرة الشخص على القيادة وحبه للعمل كقائد.
الشخصية القوية : وتعنى قياس درجة القدرة على مواجهة الحقائق القاسية والحالات الكريهة بشجاعة وإقدام.
النضج والآراء الجيدة : وتعنى قياس قدرات البراعة والذوق، والبصيرة والحكمة، والتمييز بين المهم وغير المهم.
الطاقة والنشاط : قياس قدرات الحماس، الرغبة في العمل، والمبادرة.
الحزم : الثقة في اتخاذ القرارات المستعجلة والاستعداد للعمل بها.
التضحية : وتعنى قياس مدى اهتمام المرشح على أن يضحي برغباته واحتياجاته الشخصية لتحقيق الصالح العام، وهو بذلك على أن يشعر العاملين معه أنهم بدونهم لن تكون قائداً، ومن غيرهم لن ينجز العمل. فقوته تكون مستمدة منهم، ويجب أن تكون احتياجاتهم موضع الاهتمام وأن يراعى قدراتهم وميولهم، فالموظفين المتعلمين الأكفاء الواثقين من قدراتهم يبحثون عن الاستقلالية لإثبات قدرتهم على إنجاز الأعمال بمفردهم، ويتوجب عليه في هذه الحالة معرفة احتياجاتهم لإمكان تحفيزهم وتشجيعهم.
مهارات الاتصال والتخاطب : وتعنى توفر قدر كبير من فصاحة اللسان وقوة التعبير وذلك لبيان المقدرة على التأثير في المرؤوسين لأن لهذه المهارة أثر كبير على مخرجات العمل المطلوب إنجازه، فكلما كان تأثير القائد أكبر كلما كانت احتمالية المخرجات المرضية أكبر، وكلما زادت معرفة المدير بالمرؤوسين كلما زادت قدرته على قيادتهم.
القدرات الإدارية : القدرة على التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة وتشكيل فرق العمل وتقويم الأداء .. الخ، بالإضافة إلى مجموعة من القياسات تتعلق بالأمور التالية :
1- الريادة : وتعنى قياس ما يتمتع به المرشح بمواهب مميزة للقيادة، ويكونون محط أنظار من حولهم، وكثيراً ما يحتلون مركز الصدارة ويتوقع منهم التقدم للقيادة في أي عمل.
2- أصالة التفكير : وتعنى قياس قدرات التفكير عند المرشح للقيادة للتعرف على طريقة تفكيره ومدى ما يتمتع من استقلاليه وإبداع في التفكير، وقدرته على فهم الأمور وتحليلها وتفسيرها للتوصل إلى أفكار واقتراحات أصيلة حول منهج العمل.
3- سحر الشخصية : وتعنى قياس قدرة ما يتمتع المرشح على إشاعة البشاشة فيمن حوله، ومدى تأثير هذه البشاشة للترحيب به في كل مكان وتأتيه الدعوات من كل جانب ويكثر أصحابه ومعارفه.
4- الاتصال بالناس : وتعنى قياس القدرة على التحدث بأسلوب يجذب اهتمام الآخرين وعلى توصيل أفكاره بصورة تلقائية وواضحة.
5- أمين ويُمكن الاعتماد عليه : وتعنى قياس مدى الأمانة وثقة الآخرين به، وهذا يساهم لأن يحوز المرشح على احترام الجميع.
◄ صلاح مصطفى علي بيومي ــ مدير إدارة تنسيق وظائف التعليم الفني ــ مديرية التربية والتعليم بشمال سيناء.

|| القائد الذي نحتاج إليه في المؤسسات التعليمية.
|| القيادة مصدر الإحباط الوظيفي.