من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. ممدوح محمد سبحي.
إجمالي القراءات : ﴿2237﴾.
عدد المشــاركات : ﴿13﴾.

المشرف التربوي بعد الخمسين ربيعا.
■ ترددت كَثِيرَا قبل كتابة هذا المقال وحارت الأفكار وتضاربت لكن شجعني الأستاذ عبدالله هادي حيث طلب مني أن أكتب موضوع عن المشرف التربوي بعد الخمسين فحارت أفكاري أكثر وأكثر وحاولت أن أكون منصفا وحياديا قدر المستطاع وحاولت أن أخلع حُلة الإشراف التربوي كون أني مشرف تربويا على أبواب الخمسين، لكن وبرغم جميع الرسائل التي أرسلتها لنفسي وجدت نفسي لا شعوريا منحازا لهم بالرغم من كل ما قيل ويقال عنهم من أنهم لا يعملون وتقتصر مهنتهم على إصدار الأوامر والتوجيهات وأدبا تسمى توصيات.
وجدت ومن خلال خبرتي المتواضعة في الإشراف التربوي التي بلغت ثلاثة عشرة عاما وأقول متواضعة لأني منذ التحاقي بالإشراف التربوي كل يوم أكتسب خبرة أو معلومة جديدة سواء كانت هذه الخبرة أو المعلومة من قائد مدرسة أو معلم أو طالب أو حتى من يتكرم علي بتقديم القهوة في المدرسة.
وجدت المشرف التربوي خلال ممارسة الإشراف مكلف بعدة مهام منها ما يجيده كالزيارة الصفية أو الفنية والاجتماع بالزملاء معلمي التخصص وتقديم بعض الخبرات وتعزيز ما لديهم من إيجابيات والعمل على تلافي بعض الملاحظات وجميعها تهدف إلى الرفع من مستوى العملية التربوية والتعليمية، ومنها ما لا يجيده !! نعم ما لا يجيده لأنه مضطر أن يقوم بهذا الدور فيجد المشرف التربوي نفسه أحيانا يجب أن يتقمص أكثر من شخصية فتارة يجد نفسه مرغما أن يكون مدرباً وتارة محققاً وتارة أخرى طبيباً نفسياً (حلَال مشاكل) وتارة كاتباً (يكتب تقارير أو محاضر) واحيانا مسوق !! - ليس مسوق لبضائع تجارية بل مسوق لأفكار واستراتيجيات قد لا يكون هو مقتنع بها- وأحيانا مراقب بلدية (عفوا على استخدام مصطلح كهذا لكن بحثت عن مسمى لشخص يقوم بالتأكد من نظافة المبنى ونظافة الخزانات ومخرج الطوارئ وكفاية الإضاءة وسلامة برادات الماء وخلو المقصف من الممنوعات اقصد الأغذية والمشروبات المضرة بالصحة والتي يجب ألا تُباع في المقصف المدرسي وسلامة طفايات الحريق ولا تكون منتهية الصلاحية .. وغيرها فلم أجد غير هذا المسمى)، وأحيانا يجب أن يكون المشرف التربوي ديكتاتوراً واحيانا أخرى يجب أن يكون ديموقراطياً. والعديد من الأدوار منها الآني ومنها المستمر، وبين هذا وذاك تم إلهاء المشرف عن دوره الأساسي في الميدان، وضاعت هويته.
الاستفسارات التي أود أن أطرحها أو تطرح نفسها : هل كل مشرف تربوي مدرباً؟ محققاً؟ طبيباً نفسياً؟ كاتباً؟ إجاباتي عليها أنا شخصيا (لا). وهل يؤثر هذا التنقل بين الشخصيات على نفسية المشرف التربوي؟ إجابتي الشخصية (نعم)!!
نحن بشر وتوجد بيننا فروق فردية وهذه من نعم الله سبحانه وتعالى علينا، فما استطيع القيام به فد يعجز عنه زميل آخر والعكس، قد تجد زميل مبدع في التدريب لكن إذا كلف بالتحقق من قضية ما في مدرسة يحتار ولا يعلم ما هو المطلوب منه تحديدا وحتى إن كان التكليف فيه كشف لبعض هذا الغموض تجده عند كتابة التقرير أو المحضر لا يدري ماذا يكتب ومن أين يبدأ، وقد يعود هذا إما لشخصية المشرف التربوي أو لبرنامج الإعداد الذي مر به بعد ترشيحه للإشراف وفي كلتا الحالتين الله المستعان.
فبعد أن يجتاز المرشح للإشراف الاختبار التحريري وبعدها المقابلة الشخصية ويحصل على دورة في الإشراف - التي في رأيي يجب أن يعاد النظر فيما يقدم فيها - وبعدها وأحيانا قبلها يتم توجيهه إلى أحد مكاتب الإشراف التربوي أو بما تسمى الآن بمكاتب التعليم ويجد نفسه مسئول عن متابعة عدد من معلمي التخصص ومدرسة أو مدارس تنسيق (إشراف اختبارات)، وتدريب وتحقيق (شخوص)، وزيارات فنية، وزيارات مدرسية، وزيارات مكوكية ومسميات عديدة لزيارات مختلفة، وتجد حقيبة المشرف التربوي مكدسة بالأوراق بالإضافة لجهاز الكمبيوتر المحمول وتجد حزم ورقية يحملها المشرف ذهابا وإيابا، والمشرف المتميز هو من لا يتخلص من أي ورقة لديه إلا بعد مرور ردح من الزمن –والردح المدة الطويلة -، هذا ما نصحني به أحد المشرفين الفضلاء في أول أسبوع إشراف مارسته، وحجته البليغة قد تُسأل عن قضية معلم أشرفت عليه قبل عدة سنوات.
وبعد أن استمر من كتب الله له الاستمرار في الإشراف إلى أن بلغ الخمسين أو أكثر ومن خلال ملاحظاتي الشخصية وجدت أن المشرفين في هذا السن وفي هذه المرحلة إما ما زال يتمتع بروحه الشبابية وكأنه ملتحق بالإشراف حديثا وإما تجده يؤدي الحد الأدنى من المهام وكل يوم ينظر إلى التقويم الزمني في انتظار ساعة المغادرة والترجل عن صهوة جواد الإشراف.

أحبتي رسالتنا –وليست مهنتنا ـووظيفتنا- ليس لها دخل بسن معين فرب مشرف تربوي تجاوز الخمسون عاما تجد عنده من المساهمات والمشاركات ما هو افضل واكثر ممن هو مازال حديث الالتحاق بالإشراف فإن لم تكن تعمل ما تحب فأحب ما تعمل.
والله نسأل الإخلاص في القول والعمل وتوبة نصوحة عند دنو الأجل.