من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : عبدالله علي الخريف.
إجمالي القراءات : ﴿8821﴾.
عدد المشــاركات : ﴿27﴾.

المدير والقائد .. الفرق !
■ هذه الكلمات موجهة لمدير المدرسة تحديداً.
التنظير كثير فيما يخص هذا الأمر.
الفرق بين القائد والمدير.
وكن قائداً ولا تكن مديراً.
ولكن ماذا عن الواقع وعن التطبيق.
وبعيداً عن الجدل البيزنطي فيما يتعلق بكون القيادة علم أم أنها جينات وقدرات ومواهب.
دعونا نتحدث حول بعض المؤشرات العاجلة التي يمكن أن نمسك بها.
تماماً مثل الدليل المدعو (catalogue) الذي يأتي مع الأجهزة أو ما شابه.
هل يمكن أن نصمم ونزيد وننقص ونضيف ونحذف ونعدل ونبدل حتى نضع لمدير ومديرة المدرسة تحديداً دليلاً صغيراً يخبره كيف يمكن أن يكون قائداً لا شرطياً ولا بواباً ولا حتى محاسب أو معقب !

لن نتحدث بعيداً.
ولن ننّظر لأساليب القيادة وتعاملاتها المعقدة.
لن نخاطب كل المديرين في الكوكب.
كما لن نكون محلقين كثيراً فنزعم أن هذا الدليل سيحول الجميع إلى عمر بن الخطاب.
لكننا سنكون واقعين كثيراً.
وسنبني هدفاً أو ثلاثة أو خمسة على الأكثر من وراء عملنا هذا.
وسننتظر أن يتحقق من هذه الأهداف الربع أو الثلث وإن تحقق النصف فهنيئا.
وسنبني هذا الدليل : لبنة لبنة وكلمة كلمة.
من واقع تجاربنا وميداننا وما نواجهه مع زملائنا من مواقف.
وما يمر علينا من أحداث رددنا طويلاً بعدها : لو أن المدير فعل كذا لكان أفضل.

ولكن !
لماذا بالذات مدير المدرسة.
لماذا لا يكون الحديث موجهاً لمدير التربية والتعليم أو لمدير الإشراف أو حتى للوزير.
ودون الكثير من التفاصيل أيضاً.
لأننا نريد أن نمسك بشيء.
لأننا نؤمن أيضاً بأهمية مدير المدرسة.
وبدوره وبأثره.
وليس جديداً أن نردد أن مدير المدرسة مثل ربان السفينة تحديداً.
فالأمواج تتلاطم من حوله.
والركاب معه في ذات المكان.
والطاقم يشاركه ذات المصير.
وأما صاحب شركة الملاحة وكل مديري الشركة وأقسامها وفروعها فإنهم هناك على اليابسة.
ولا شك أنهم يبنون ويخططون ويوجهون.
لكنهم إذا غرقت السفينة فلن تتبلل ثيابهم على أية حال.
أرجو ألا يشغلنا المثال عن الهدف العام كما نحب أن نفعل دائماً !

■ ومن هنا وهناك وانطلاقاً من كل ما سبق.
فإنه يشرفني ويسرني كثيراً.
أن أبدأ.
وأن أضع بين يديكم معالم هذا الدليل على أن يكون فكرة قابلة للتطوير ولكل حق في ذلك.
واخترت أن تكون مجرد فقرات سريعة عملية مرنة يمكن للمدير أن يقيّم نفسه عبرها من خلال العديد من المواقف التربوية والتعليمية التي تمر عليه خلال اليوم الدراسي.
وأن يخبر نفسه قبل أن يخبرنا أنه قائد.
أو أن يخبر نفسه دون حتى أن يخبر أحداً آخر أنه : (بوّاب - محاسب - حارس - جلاد - مفتش - جندي - كاتب - معقب - محضر خصوم - موّقع دفاتر تحضير - وأشياء أخرى كثيرة محترمة وهامة لكنّها ليست من صنف قائد).
القائد لديه أهداف واضحة منها ما هو يومي ومنها ما هو أسبوعي شهري - سنوي أطول من ذلك. المدير يعمل بحسب الموقف فقط !
القائد يشرك الذين معه في رسم الأهداف وبنائها ومن ثم تقويمها وتحمل متابعة تنفيذها ونتائجها لاحقاً.
القائد يستبق المشكلات ويبني تراكمياً حلولاً افتراضية استباقية لكل مشكلة ويدون ذلك بدقة ويزرع شجرة كبيرة مثمرة كمذكرة ذكية خاصة لمواجهة كل مشكلة مشابهة قادمة.
القائد لا تشغله صغائر الأمور عن كبارها كما لا يغفل, بل يظل متيقظاً مرناً يمنح الجهد والوقت بحسب كل أمر.
القائد يعرف جيداً كيف يوزع جنوده في مهامهم فلا يطلب من الأعشى أن يبحث عن الحطب ليلاً, ولا من العجول المتذمر حراسة الجند !
القائد يمنح كل موقف التصرف الملائم, فلا يضعف حال لزوم القوة, ولا يشتد حال فضل اللين.
القائد ينظم أموره دون أن يكون التنظيم في حد ذاته هدفه وغايته, فلا ينشغل بالتنظيم إلا ليكون التنظيم خادماً أميناً له وقت الحاجة.
القائد يتعرف على جنوده جيداً, ويقترب منهم كثيراً, دون أن يكون ذلك مدعاة لنشر الفوضى أو فقد الهيبة, لكنه يعرف نفوسهم وطباعهم وحتى ظروفهم ويستفيد من ذلك في التعامل مع طبيعة أعمالهم ومستوى إنجازهم.
القائد لا يؤجل هدفاً لتحقيق هدف آخر ولا يلغي فكرة على حساب أمر طارئ, لكنّه يتعامل مع الأمر بمرونة كافية لا تميت الذئب ولا تفني القطيع.
القائد يتعامل بالعدل ويضع أمامه منهجاً واحداً فيما يخص الحقوق والواجبات, ويتحرى ألا يظلم أحداً مهما اختفت مظلمته.
القائد نزيه شريف نظيف, فلا يسمح لنفسه أولاً أن تتناول القليل المتروك لأنها ستألف قادماً أن تقتحم به الوعر, وسيتسخ كثيراً دون أن يجد خطاً للرجعة.
القائد يستشير من حوله, لكنّه يعرف من يستشير وبناء على نوع الاستشارة, فلا يطلب من الخباز رأيه في جهاز الحاسب لأنه سيفسده, لكنه لا يسأل المبرمج عن الخبز لأنه سيحرقه.
القائد يربي نفسه كثيراً لتكون متجردة, ويحاسبها لتكون منصفة منه ومنها, ولا يسمح أن يتكرر منه ذات الخطأ في قضيتين متشابهتين مرتين متتابعتين !
القائد منجز, فلا يسمح للأعمال أن تتراكم ولا تصرفه المعترضات عن تحقيق أهدافه وإنجاز أعماله, بل يستفيد من توزيع المهام جيداً.
القائد مفوّض, فإنه حين يختار جنوده جيداً فإنه أيضا يمنحهم الثقة والصلاحية للإنجاز, وإن أصبح مركزياً لا ينظر أبعد من أرنبة أنفه تكاثرت عليه الشواغل فلا أنجز ولا أنجز له.
القائد يملك روحاً رياضية كما يعبر البعض فلا يحوّل الخلافات العملية الوظيفية إلى شخصية ولا يأنف أن يقر بالخطأ ويتراجع عنه متى ما ظهر له الحق.
القائد واقعي, فلا يسترسل في عالم التنظير ولا يسمح للأحلام أن تفسد عليه مستوى الرؤية الواقعية, ولا يكلف من حوله شططاً في تحقيق ما لا يمكن.
القائد حليم, فلا يستفزه سفيه, ولا تحركه الأمواج القريبة من الشاطئ, ولا يتخذ قرارات هامة وقت الغضب أو العاطفة.
القائد كريم, وفق المفهوم العام للكرم, وإن كرم النفس يقع في الأعلى من ذلك السلم وإن النفوس تربى على ذلك كالأطفال تماماً.
القائد يتغابى دون أن يكون غبياً, وهو إلى ذلك واضح كالشمس دون أن يسمح للخب أن يخدعه أو ينال منه.
القائد يتعامل مع الأسرار بكل وسائل الحفظ, ولا يسمح لنفسه أن تتناول مع أي كائن ما يعتقد أنه يعتبر سراً خاصاً لأحد أو للعمل إلا في حدود ضيقة تفرضها الاستشارة للمؤتمن.
القائد متطور, وهو ينمي نفسه علمياً وثقافياً باستمرار ولا يفوّت فرصة لتطوير ذاته في كل الاتجاهات التي تخدم عمله وتعامله.
القائد جريء, ولن يكون المتردد والجبان قائداً أبداً, ولكنّ مفهوم الشجاعة يختلف حتما عن مفهوم التهور والحمق وإن كان يفصلهما شعرة كما تدعي العرب ذلك.
القائد ذكي, ومع أن الذكاء فطري فإن الأمر يتعدى القائد إلى الذين اختاروه ابتداء !
كل ما سبق مجرد مؤشرات تكاد تكون من المسلمات تنظيراً, لكنها وللأسف من المغيّبات المفقودات واقعاً وتطبيقاً. وهي كما أسلفت متطورة متغيرة متجددة, وكم يكون حسنا لكل من يفترض أن يتولى قيادة ولو على اثنين أن تكون حاضرة أمامه, ماثلة دوماً في كل تعاملاته, وأن يقوّم نفسه وتصرفاته بين الحين والآخر على أساسها وما تؤول إليه. طيّب الله أوقاتكم بذكره.