من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : زهير محمد مليباري.
إجمالي القراءات : ﴿3031﴾.
عدد المشــاركات : ﴿15﴾.

العابثون بالفن التشكيلي.
■ إن هناك مجموعة من المتسللين إلى الفن التشكيلي اتخذوا من التجريد سلماَ يرتقون به منصاته، مستغلين سر غموض فن التجريد عند الأكثرية الساحقة، ما به من تلخيص وتبسيط للوصول إلى جوهر الكامن وراء الماديات الحسية فيعملون على هدم هذا المنطق الفني بتحطيم القيم الفنية والبناءات التشكيلية، مع استهتارهم المبالغ فيه لدور الفن في حياة الأمم المتقدمة والمتحضرة، كما ذكرنا الألوان دون أن يخرج العنصر عن مدلوله الواقعي، حيث يمكن قراءته بكل يسرو سهولة. والثاني هو التجريد المطلق الذي يسعى إلى التعبير عن غير المحدود وغير المرئي الواقعي، والاعتماد على الانفعال الذاتي للفنان في عملي الإبداع الفني مع تجاهله للحس المادي للمؤثرات الخارجية لمحاولة العثور على قيمة فنية مطلقة للجمال، وقد ظهر التجريد المطلق قديماَ في بعض الصور التي حملتها الأواني والأدوات وفي بعض الزخارف والمشغولات، ولكن لم يظهر في فن النحت إلا في القرن العشرين.
وهناك قولان متضاربان في فن التجريد المطلق : الأول يلخص الأشكال من خصائصها العضوية ويظهرها في نظام هندسي بسيط وثيق الصلة بالمفاهيم الرياضية للوصول إلى جوهر الأشكال وحقيقتها / وهو بهذا يمحو المحتوى الظاهر ويبحث عن المحتوى الكامن وراء الأشكال، أما القول الثاني : فيذهب إلى صياغة الأشكال والألوان في ذاتها دون الرجوع إلى الصور المادية المحسوسة، في رموز موضوعة تعبر عن روح الفنان وخلجاته وخيالاته الإبداعية، وتلعب الألوان دوراً هاماً ولكن ليس ممن حيث هو زينة أو وسيلة للتلوين، وإنما من حيث قوامه وكثافته وطاقته وتضاريسه، يشكله الفنان في صورة أحاسيس ونبضات وإلهامات مختلفة، دون الإجحاف للقيم الفنية أو البناءات التشكيلية.
إن الأقوال عن الفن التجريد في الفن التشكيلي تتأطر في مفهوم واحد رغم الاختلافات التحليلية له، وهذا يشكل صعوبة في إدراك دلالاته وفهمه فهماَ صائباَ، وقد استغل هذا بعض الدخلاء على الساحة الفنية وتسللوا إلى ردهاته، في ظل غياب الناقد الفني الدارس والمطلع والمجرب، فأصبحوا يبعثرون الألوان ويخلطونها ويشطحون بها يمن ويسرى دون وعي أو استدراك لقيم جمالية أو تعبيرات لونية أو فهم فكري أو تجربة صادقة لإحداث رؤية فنية مفعمة بالقدرة الأدائية وروحانية عميقة وعالية، ذلك لأنه لا يرتبط بالشكل التمثيلي الواقعي وقواعده ويراوغ على منوال عمله بالفوضى والتهكم على فضاءاته معللين هذا على فن التجريد فهو أكثر قدرة من الفن ألتشبيهي على التعبير عن ذاتيتهم وعالميتهم الفذة، فيستطيع دون ووساطة هذا الشكل الواقعي أن يثير مباشرة وحالاَ حالات عاطفية وانفعالات أكثر استجابة من تلك التي يثيرها الشكل التمثيلي الواقعي وبهذا يكون فن التجريد لقمة سائغة لكل من يحب أن يلهو بالألوان أو يحرك عنان يديه للأقلام.