
د. طارق عبدالرؤوف عامر
عدد المشاركات : ﴿2﴾
التسلسل الزمني : 1439/07/01 (06:01 صباحاً)
عدد القراءات : ﴿16288﴾
الذاكرة العاملة ــ ملخص بحث علمي.
◄ لقد أولى التربويون منذ مطلع القرن الماضي اهتماماً كبيراً بقدرة المتعلم على القراءة؛ باعتبارها حجر الزاوية في التَعلم الإنساني, وخاصة في بحوث التعلم. وخلال تلك العقود الماضية أصبح التربويون على وعي بأن المتعلمين يُعالجون المَهام المعرفية باستراتيجيات فَهم تقليدية.
فمعظم البحوث الحديثة في مجال علم النفس المعرفي ركزت على التدخل المبكر في المراحل الأولى من ظهور المشكلات الأكاديمية من أجل التعرف والتشخيص ومن ثَم التصدي لها. ثم تحول البحث في مجال علم النفس المعرفي مع النصف الثاني من القرن العشرين إلى ما يعرف بالتوجه التنظيري الذي بدوره أظهر الاهتمام بالعمليات المعرفية (Marting , 2000 , 21).
وباتت عملية القراءة كأحد العمليات المعرفية - ليست ببسيطة بل معقدة ومتشابكة وتتطلب من الفرد ضرورة امتلاك بعض المهارات التي تمكنه من قراءة ما يرى من رموز مكتوبة أو منسوخة، فجيدي القراءة يمكنهم التنبؤ بالمحتوى المقروء؛ لأنهم على وعي بالميكانيزمات والاستراتيجيات القرائية المستخدمة، كذلك تتبع الكلمات وتنظيم استدعائهم للجُمل والكلمات والعبارات وتنظيم النص وفق أسلوب التعلم والفهم.
ويبدو أن الفَهم عملية بنائية؛ فالنص المكتوب عبارة عن لغة في سياق يحوى رسالة مقصودة تتطلب من القارئ استخدام المعلومات الظاهرة والضمنية لفَهم هذه الرسالة واستخلاص المعني من خلال الجُمل والتراكيب اللغُوية في السياق (Mirhassani & Toosi , 2000 , 302).
ويعد الفَهم غاية كل قراءة والهدف المنشود لكل قارئ ومقصد كل معلم، وإنه أهم مهارة في عملية القراءة والهدف الرئيسي لها، بيد أنه من جهة آخري يعد أكثر العمليات العقلية المعرفية تعقيداً.
وبالتالي تعددت تعريفاته تبعاً لتعدد وجهات نظر المختصين واختلاف الزاوية التي ينظر كل واحد من خلالها؛ فالمتعلم قد يفَهم معني الكلمة, معني الجُملة, ومعني الفقرة كلها عندما يفَهم ما يرمى إليه الكاتب وينجح في ربط رسالته بالسياق الواسع لنظام المعرفة لديه.
ويرى البعض أن الفَهم غاية القراءة الصامتة، وعلى الرغم من مراجعة النماذج والنظريات والاستراتيجيات العديدة في هذا الإطار, فليس هناك اتفاق تام على طبيعة الفَهم أو مكوناته المعرفية إلا أن البحوث في مجال القراءة تحولت من التأكيد على العمليات الإدراكية إلى التأكيد على "فَهم بناء القصة, دمج الجُمل, الوصول إلى الفَهم, اختبار الفروض, ربط الخلفية المعرفية بالمعلومات في النص, والقراءة كعملية للبحث عن المعلومات" (Mirhassani & Toosi , 2000 , 303).
كما أن عملية الفَهم تتضمن المزج بين العديد من المهارات والعمليات التي تتداخل معاً ولا تتجزأ خلال قراءة النص (Vacce & Vacca , 1989 , 21).
ويهتم البحث الحالي بالفَهم القرائي؛ لكونه الأكثر استخداماً في النظام التعليمي الكائن وفق مستوياته الرأسية (حرفي - نقدي - استنتاجي) لدى تلاميذ الحلقة الثانية من مرحلة التعليم الأساسي.
وفي هذه الإطار تلعب الذاكرة دوراً محورياً، وبات الاهتمام بدورها منذ أن نشر وليام جيمس كتابه عام (1890) وميز بين الذاكرة الأولية والذاكرة الثانوية؛ حيث تمثل الأولى المحتويات الراهنة للشعور، والثانية تتحرك بعيداً عن الشعور (لطفي عبدالباسط إبراهيم ، 1998 ، 114).
كما تعد الذاكرة الركيزة الأساسية المميزة للنشاط النفسي، فبفضل الذاكرة تمتلئ الحياة العقلية بتصورات متعددة عما أدركه الفرد من أشياء أو ظواهر في مواقف سابقة، ونتيجة لذلك لا يتقيد مضمون وعيه بالإحساسات والإدراكات المباشرة الموجودة، ولكن يتضمن وعيه أيضاً ما اكتسبه من معايير وخبرات في الماضي، فنحن نتذكر أفكارنا ونحتفظ في الذاكرة بما تكوّن لدينا من مفاهيم عن الأشياء، وقوانين وجودها، والذاكرة تسمح لنا باستخدام هذه المفاهيم من أجل تنظيم سلوكنا ونشاطنا في المواقف التالية في المستقبل.
والذاكرة الجيدة هي التي يتذكر صاحبها مادة التذكر بسرعة، ويحتفظ بها لفترة طويلة ويسترجعها بدقة (طلعت منصور وآخرون ، 1986 ، 18).
وبتعمق الباحثون في دراسة الذاكرة، لفت أنظارهم مرحلة ما بعد الانتباه؛ لضرورة وجود مرحلة ما تسمح ببقاء المعلومات المستقبلة والمنتقاة في مخزن وقتي يسمح بإتمام العديد من المهام المعقدة؛ حيث أشار عدد من الباحثين إلى تلك المرحلة على أنها موجودة في الذاكرة قصيرة المدى، أو أنها موجودة في الذاكرة طويلة المدى أو في جزء من أي منهما (Margaret , 2005 , 142).
وظلت هذه التناقضات حول موضع تجهيز ومعالجة وتخزين المعلومات في الذاكرة موضع جدل دراسات عديدة، وظهر مفهوم ربما يجيب أو يطرح عدد من التساؤلات : هل الذاكرة العاملة هي نفسها الذاكرة قصيرة المدى أم جزء منها أم هي الذاكرة طويلة المدى أم جزء منها ؛ فأشار (Ellis , 1996) إلى أن الفرق بينهما يكمن في مكون الانتباه؛ فالذاكرة قصيرة المدى هي نظام فرعي من الذاكرة العاملة أي أنها مكون بسيط للتخزين، أما الذاكرة العاملة فهي تتضمن مكون تخزين ومكون انتباه لذلك فهي تتضمن محتويات الذاكرة قصيرة المدى والانتباه المضبوط.
ويؤكد القول : (Engle , 1999) بأن الفرق بينهما يكمن فيما يسمى (الانتباه المضبوط) وعن الذاكرة طويلة المدى تشير العالمة (Margaret , 2005) إلى أنها تمثل نظاماً مستقلاً تعمل الذاكرة العاملة على تنشيط المعلومات التي به. أو قد تكون المستودع المعلوماتي المخزن به المعلومات السابقة التي تستدعيه الذاكرة العاملة لتحقيق التكامل بين العمليات الجديدة والمعلومات السابقة (Just & Carpenter , 1992).
لذلك فهي فالذاكرة طويلة المدى تقوم بالاحتفاظ بالمعلومات فترة أطول زمنياً من الذاكرة قصيرة المدى وتقوم بتجهيز تلك المعلومات وتصنيفها تبعاً لنوعها (Logie , 1996 188) على حين تعمل على تنشيط المعلومات التي تحتويها الذاكرة طويلة المدى وتجعلها قادرة على تجهيز المعلومات لفترة طويلة وإحداث التكامل والتنسيق بين المعلومات القديمة والجديدة حتى يتم إصدار الاستجابة (Ericsson & Kimsch , 1995 , 211).
لذا يمكن القول أن الذاكرة العاملة هي المكون المعرفي المسئول عن عمليتي التجهيز والتخزين الوقتي للمعلومات إذ أنها المنظومة المعرفية التي تسهم بدور محوري في الأداء العقلي المعرفي ويمكن تصورها كمنظومة للتجهيز والتخزين قصير المدى تشتمل على منفذ مركزي للمراقبة التنفيذية يخضع له منظومتان فرعيتان إحداهما لتجهيز المعلومات اللفظية والأخرى للمعلومات البصرية المكانية (لطفي عبد الباسط إبراهيم، 1998، 119).
وفيما يخص علاقة الذاكرة العاملة بالفَهم القرائي، فقد أيدت دراسات وبحوث عديدة؛ منها (Engle , 1991 ; O,Reilly & Caswell , 1992 ; Seigneuric & Ehrlich , 2005 ; Cain et al , 2004-A ; Carrett et al , 2005 ; Was & Woltz , 2007 , 88) أن القدرة العالية على فَهم النص ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأداء أفضل للذاكرة العاملة؛ أي أن ذوي الفَهم الجيد لديهم ذاكرة عاملة جيدة.
وبُرهن (Walczyk et al., 2001 , 750) على أن هناك علاقة موجبة بين سعة الذاكرة العاملة اللفظية والفَهم الاستنتاجي.
وعن استراتيجيات فَهم النص؛ وجد أن الذاكرة العاملة تلعب دوراً فعالاً أثناء عملية القراءة، فقدرة الفرد على فَهم ما يقرأ تساعده في نقل المعلومة ومن ثمَّ تخزين أفضل لها عبر الذاكرة العاملة؛ فمدخل دراسة الفَهم من أهم المداخل التي من خلالها يمكن معرفة دور وأداء الذاكرة بوجه عام والذاكرة العاملة بوجه خاص، وهذا المدخل يعتمد على العديد من الاستراتيجيات الفعالة كالتلخيص والتساؤل والتنبؤ (Margaret , 2005 , 316) حيث تتميز تلك الاستراتيجيات بدور واضح في تحسين أداء الذاكرة العاملة (LeBlance & Weber , 1996 , 357).
وفي إطار التدريب على فَهم مجموعة من النصوص جهرياً أو بصورة صامتة؛ فقد أيدت دراسات وبحوث كل من (Carpenter , 1980 ; Swanson , 1996 ; Bayliss et al , 2005) أن ذلك التدريب يحسن من أداء الذاكرة العاملة لدى التلاميذ.
ووجد أن التدريب على إستراتيجية التلخيص من أفضل الاستراتيجيات لتحسين الأداء المعرفي (Brown & Day , 1983 , 1) كذلك الفَهم الجيد عنصر هام يتضمن التنبؤ بما يحتويه النص (Girbau & Schwarty , 2007 , 59 ; Savage et al., 2007 , 185 ; Goff et al., 2005 , 583).
وعن وجود التساؤلات مع النص المعروض على المتعلم يزيد من قدرته على فَهم النص (Betty et al , 2005 , 170).
وتعد الفروق الفردية في سعة الذاكرة العاملة عنصراً هاماً في تحديد درجة الفَهم ومعالجة المعلومات (Cain et al., 2004-B , 671).
وهناك من الأدلة ما يؤكد على أن ضعف القدرة على الفَهم مؤشر دال على وجود قصور في أداء الذاكرة العاملة (Swanson & Jerman , 2007 , 249 ; Bayliss et al., 2005 , 76).
وعلى الرغم من ذلك فإن الدور الهام للذاكرة العاملة في فَهم الجُملة، مازال غير واضحاً بصورة كافية، ونادي الباحثون بضرورة إجراء مزيد من الدراسات في هذا الإطار (Burton & Daneman,2007,163;Moser et al.,2007,147;Fedorenko et al.,2006,541).
◄ لقد أولى التربويون منذ مطلع القرن الماضي اهتماماً كبيراً بقدرة المتعلم على القراءة؛ باعتبارها حجر الزاوية في التَعلم الإنساني, وخاصة في بحوث التعلم. وخلال تلك العقود الماضية أصبح التربويون على وعي بأن المتعلمين يُعالجون المَهام المعرفية باستراتيجيات فَهم تقليدية.
فمعظم البحوث الحديثة في مجال علم النفس المعرفي ركزت على التدخل المبكر في المراحل الأولى من ظهور المشكلات الأكاديمية من أجل التعرف والتشخيص ومن ثَم التصدي لها. ثم تحول البحث في مجال علم النفس المعرفي مع النصف الثاني من القرن العشرين إلى ما يعرف بالتوجه التنظيري الذي بدوره أظهر الاهتمام بالعمليات المعرفية (Marting , 2000 , 21).
وباتت عملية القراءة كأحد العمليات المعرفية - ليست ببسيطة بل معقدة ومتشابكة وتتطلب من الفرد ضرورة امتلاك بعض المهارات التي تمكنه من قراءة ما يرى من رموز مكتوبة أو منسوخة، فجيدي القراءة يمكنهم التنبؤ بالمحتوى المقروء؛ لأنهم على وعي بالميكانيزمات والاستراتيجيات القرائية المستخدمة، كذلك تتبع الكلمات وتنظيم استدعائهم للجُمل والكلمات والعبارات وتنظيم النص وفق أسلوب التعلم والفهم.
ويبدو أن الفَهم عملية بنائية؛ فالنص المكتوب عبارة عن لغة في سياق يحوى رسالة مقصودة تتطلب من القارئ استخدام المعلومات الظاهرة والضمنية لفَهم هذه الرسالة واستخلاص المعني من خلال الجُمل والتراكيب اللغُوية في السياق (Mirhassani & Toosi , 2000 , 302).
ويعد الفَهم غاية كل قراءة والهدف المنشود لكل قارئ ومقصد كل معلم، وإنه أهم مهارة في عملية القراءة والهدف الرئيسي لها، بيد أنه من جهة آخري يعد أكثر العمليات العقلية المعرفية تعقيداً.
وبالتالي تعددت تعريفاته تبعاً لتعدد وجهات نظر المختصين واختلاف الزاوية التي ينظر كل واحد من خلالها؛ فالمتعلم قد يفَهم معني الكلمة, معني الجُملة, ومعني الفقرة كلها عندما يفَهم ما يرمى إليه الكاتب وينجح في ربط رسالته بالسياق الواسع لنظام المعرفة لديه.
ويرى البعض أن الفَهم غاية القراءة الصامتة، وعلى الرغم من مراجعة النماذج والنظريات والاستراتيجيات العديدة في هذا الإطار, فليس هناك اتفاق تام على طبيعة الفَهم أو مكوناته المعرفية إلا أن البحوث في مجال القراءة تحولت من التأكيد على العمليات الإدراكية إلى التأكيد على "فَهم بناء القصة, دمج الجُمل, الوصول إلى الفَهم, اختبار الفروض, ربط الخلفية المعرفية بالمعلومات في النص, والقراءة كعملية للبحث عن المعلومات" (Mirhassani & Toosi , 2000 , 303).
كما أن عملية الفَهم تتضمن المزج بين العديد من المهارات والعمليات التي تتداخل معاً ولا تتجزأ خلال قراءة النص (Vacce & Vacca , 1989 , 21).
ويهتم البحث الحالي بالفَهم القرائي؛ لكونه الأكثر استخداماً في النظام التعليمي الكائن وفق مستوياته الرأسية (حرفي - نقدي - استنتاجي) لدى تلاميذ الحلقة الثانية من مرحلة التعليم الأساسي.
وفي هذه الإطار تلعب الذاكرة دوراً محورياً، وبات الاهتمام بدورها منذ أن نشر وليام جيمس كتابه عام (1890) وميز بين الذاكرة الأولية والذاكرة الثانوية؛ حيث تمثل الأولى المحتويات الراهنة للشعور، والثانية تتحرك بعيداً عن الشعور (لطفي عبدالباسط إبراهيم ، 1998 ، 114).
كما تعد الذاكرة الركيزة الأساسية المميزة للنشاط النفسي، فبفضل الذاكرة تمتلئ الحياة العقلية بتصورات متعددة عما أدركه الفرد من أشياء أو ظواهر في مواقف سابقة، ونتيجة لذلك لا يتقيد مضمون وعيه بالإحساسات والإدراكات المباشرة الموجودة، ولكن يتضمن وعيه أيضاً ما اكتسبه من معايير وخبرات في الماضي، فنحن نتذكر أفكارنا ونحتفظ في الذاكرة بما تكوّن لدينا من مفاهيم عن الأشياء، وقوانين وجودها، والذاكرة تسمح لنا باستخدام هذه المفاهيم من أجل تنظيم سلوكنا ونشاطنا في المواقف التالية في المستقبل.
والذاكرة الجيدة هي التي يتذكر صاحبها مادة التذكر بسرعة، ويحتفظ بها لفترة طويلة ويسترجعها بدقة (طلعت منصور وآخرون ، 1986 ، 18).
وبتعمق الباحثون في دراسة الذاكرة، لفت أنظارهم مرحلة ما بعد الانتباه؛ لضرورة وجود مرحلة ما تسمح ببقاء المعلومات المستقبلة والمنتقاة في مخزن وقتي يسمح بإتمام العديد من المهام المعقدة؛ حيث أشار عدد من الباحثين إلى تلك المرحلة على أنها موجودة في الذاكرة قصيرة المدى، أو أنها موجودة في الذاكرة طويلة المدى أو في جزء من أي منهما (Margaret , 2005 , 142).
وظلت هذه التناقضات حول موضع تجهيز ومعالجة وتخزين المعلومات في الذاكرة موضع جدل دراسات عديدة، وظهر مفهوم ربما يجيب أو يطرح عدد من التساؤلات : هل الذاكرة العاملة هي نفسها الذاكرة قصيرة المدى أم جزء منها أم هي الذاكرة طويلة المدى أم جزء منها ؛ فأشار (Ellis , 1996) إلى أن الفرق بينهما يكمن في مكون الانتباه؛ فالذاكرة قصيرة المدى هي نظام فرعي من الذاكرة العاملة أي أنها مكون بسيط للتخزين، أما الذاكرة العاملة فهي تتضمن مكون تخزين ومكون انتباه لذلك فهي تتضمن محتويات الذاكرة قصيرة المدى والانتباه المضبوط.
ويؤكد القول : (Engle , 1999) بأن الفرق بينهما يكمن فيما يسمى (الانتباه المضبوط) وعن الذاكرة طويلة المدى تشير العالمة (Margaret , 2005) إلى أنها تمثل نظاماً مستقلاً تعمل الذاكرة العاملة على تنشيط المعلومات التي به. أو قد تكون المستودع المعلوماتي المخزن به المعلومات السابقة التي تستدعيه الذاكرة العاملة لتحقيق التكامل بين العمليات الجديدة والمعلومات السابقة (Just & Carpenter , 1992).
لذلك فهي فالذاكرة طويلة المدى تقوم بالاحتفاظ بالمعلومات فترة أطول زمنياً من الذاكرة قصيرة المدى وتقوم بتجهيز تلك المعلومات وتصنيفها تبعاً لنوعها (Logie , 1996 188) على حين تعمل على تنشيط المعلومات التي تحتويها الذاكرة طويلة المدى وتجعلها قادرة على تجهيز المعلومات لفترة طويلة وإحداث التكامل والتنسيق بين المعلومات القديمة والجديدة حتى يتم إصدار الاستجابة (Ericsson & Kimsch , 1995 , 211).
لذا يمكن القول أن الذاكرة العاملة هي المكون المعرفي المسئول عن عمليتي التجهيز والتخزين الوقتي للمعلومات إذ أنها المنظومة المعرفية التي تسهم بدور محوري في الأداء العقلي المعرفي ويمكن تصورها كمنظومة للتجهيز والتخزين قصير المدى تشتمل على منفذ مركزي للمراقبة التنفيذية يخضع له منظومتان فرعيتان إحداهما لتجهيز المعلومات اللفظية والأخرى للمعلومات البصرية المكانية (لطفي عبد الباسط إبراهيم، 1998، 119).
وفيما يخص علاقة الذاكرة العاملة بالفَهم القرائي، فقد أيدت دراسات وبحوث عديدة؛ منها (Engle , 1991 ; O,Reilly & Caswell , 1992 ; Seigneuric & Ehrlich , 2005 ; Cain et al , 2004-A ; Carrett et al , 2005 ; Was & Woltz , 2007 , 88) أن القدرة العالية على فَهم النص ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأداء أفضل للذاكرة العاملة؛ أي أن ذوي الفَهم الجيد لديهم ذاكرة عاملة جيدة.
وبُرهن (Walczyk et al., 2001 , 750) على أن هناك علاقة موجبة بين سعة الذاكرة العاملة اللفظية والفَهم الاستنتاجي.
وعن استراتيجيات فَهم النص؛ وجد أن الذاكرة العاملة تلعب دوراً فعالاً أثناء عملية القراءة، فقدرة الفرد على فَهم ما يقرأ تساعده في نقل المعلومة ومن ثمَّ تخزين أفضل لها عبر الذاكرة العاملة؛ فمدخل دراسة الفَهم من أهم المداخل التي من خلالها يمكن معرفة دور وأداء الذاكرة بوجه عام والذاكرة العاملة بوجه خاص، وهذا المدخل يعتمد على العديد من الاستراتيجيات الفعالة كالتلخيص والتساؤل والتنبؤ (Margaret , 2005 , 316) حيث تتميز تلك الاستراتيجيات بدور واضح في تحسين أداء الذاكرة العاملة (LeBlance & Weber , 1996 , 357).
وفي إطار التدريب على فَهم مجموعة من النصوص جهرياً أو بصورة صامتة؛ فقد أيدت دراسات وبحوث كل من (Carpenter , 1980 ; Swanson , 1996 ; Bayliss et al , 2005) أن ذلك التدريب يحسن من أداء الذاكرة العاملة لدى التلاميذ.
ووجد أن التدريب على إستراتيجية التلخيص من أفضل الاستراتيجيات لتحسين الأداء المعرفي (Brown & Day , 1983 , 1) كذلك الفَهم الجيد عنصر هام يتضمن التنبؤ بما يحتويه النص (Girbau & Schwarty , 2007 , 59 ; Savage et al., 2007 , 185 ; Goff et al., 2005 , 583).
وعن وجود التساؤلات مع النص المعروض على المتعلم يزيد من قدرته على فَهم النص (Betty et al , 2005 , 170).
وتعد الفروق الفردية في سعة الذاكرة العاملة عنصراً هاماً في تحديد درجة الفَهم ومعالجة المعلومات (Cain et al., 2004-B , 671).
وهناك من الأدلة ما يؤكد على أن ضعف القدرة على الفَهم مؤشر دال على وجود قصور في أداء الذاكرة العاملة (Swanson & Jerman , 2007 , 249 ; Bayliss et al., 2005 , 76).
وعلى الرغم من ذلك فإن الدور الهام للذاكرة العاملة في فَهم الجُملة، مازال غير واضحاً بصورة كافية، ونادي الباحثون بضرورة إجراء مزيد من الدراسات في هذا الإطار (Burton & Daneman,2007,163;Moser et al.,2007,147;Fedorenko et al.,2006,541).