
اسمُ الكاتب : د. عبدالرحمن قاسم المهدلي.
عدد المشاهدات : ﴿2252﴾.
عدد المشـاركات : ﴿43﴾.
بسم الله الرحمن الرحيم
مجالس رياض التائبين : المجلس الرابع ــ بين النفس والذنب.
◄ المجلس بين النـفس والـذنب (1).
● أخي الراغب في طريق التوبة، أنظر إلى نفسك مع الذنب في أربعة أمور :
♦ أولاً : في اعتصامك بالله.
قال الله تعالى : (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) (آل عمران : 101) فمن كملت عصمته بالله لم يخذله أبدا.
وقال الله تعالى : (جَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) (الحج : 78) أي : متى اعتصمتم به، تولاكم ونصركم، ومن نصره لكم نصرُكُم على أنفسكم وعلى الشيطان، وهما العدوان اللذان لا يفارقان العبد، وعداوتهما أضر من عداوة العدو الخارج، فالنصر على هذا العدو أهم، والعبد إليه أحوج، وبحسب كمال الاعتصام بالله تكمل النصرة على العدو.
فما خلى الله بينك وبين الذنب إلا بعد أن خذلك وخلى بينك وبين نفسك، ولو عصمك ووفقك لما وجد الذنب إليك سبيلاً، وهو حقيقة الخذلان.
فقد أجمع العارفون بالله تعالى على أن الخذلان : أن يكلك الله إلى نفسك ويخلي بينك وبينها، والتوفيق : أن لا يكلك الله إلى نفسك، وله سبحانه في هذه التخلية بينك وبين الذنب وخذلانك حين واقعته حِكم وأسرار.
♦ ثانياً : في الفرح بالمعصية.
الفرح بالمعصية دليل على : شدة الرغبة فيها، والجهل بقدر من عصاه، والجهل بسوء عاقبتها وعظم خطرها، ففرحه بها غطى عليه ذلك كله.
والمؤمن لا تتم لذته بمعصية أبداً ولا يكملُ بها فرحهُ، بل لا يباشرها إلا والحزن مخالط لقلبه، ولكن سكر الشهوة يحجبه عن الشعور به.
ومتى خلا قلبه من هذا الحزن، واشتدت غبطته وسروره، فليتهم إيمانه، وليبك على موت قلبه، فإنه لو كان حياً، لأحزنه ارتكابه للذنب وغاظه وصعب عليه، ولأَحَسَّ القلب بذلك، فحيث لم يحس به، فما لجرح بميت إيلام.
وهذه النكتة في الذنب قل من يهتدي إليها أو ينتبه لها، وهي موضع مخوف جداً مترام إلى هلاك، إن لم يتدارك بثلاثة أشياء :
1ـ خوف من الموافاة عليه قبل التوبة.
2ـ وندم على ما فاته من الله بمخالفة أمره.
3ـ وتشمير للجد في استدراكه.
♦ ثالثاً : في الإصرار على الذنب.
والإصرار على الذنب هو البقاء على المخالفة، والعزم على المعاودة، وذلك ذنب آخر لعله أعظم من الذنب الأول بكثير.
وهذا من عقوبة الذنب، أنه يحدث ذنباً أكبر منه، ثم الثاني كذلك، ثم الثالث كذلك، حتى يستحكم الهلاك، فالإصرار على المعصية معصية أخرى، وعدم تدارك ما مضى من المعاصي إصرار ورضا بها وطمأنينة إليها وذلك علامة الهلاك.
♦ رابعاً : في المجاهرة بالذنب.
وأشد من هذا كله : المجاهرة بالذنب مع تيقن نظر الرب عز وجل من فوق عرشه إليه ! فإن آمن بنظره إليه وأقدم على المجاهرة، فعظيم.
وإن لم يؤمن بنظره إليه واطلاعه عليه، فكفر وانسلاخ من الإسلام بالكلية، فهو دائر بين الأمرين بين قلة الحياء ومجاهرة نظر الله إليه، وبين الكفر والانسلاخ من الدين، فلذلك يشترط في صحة التوبة تيقنه أن الله كان ناظرا ولا يزال مطلعا عليه يراه جهرة عند الوقوع في الذنب، لأن التوبة لا تصح إلا من مسلم، إلا أن يكون كافرا بنظر الله إليه جاحدا له، فتكون توبته دخوله في الإسلام وإقراره بصفات الرب جل جلاله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) : المدارج (1/248-249).
الثقافة المجتمعية : مجالس رياض التائبين.
◄ المجلس بين النـفس والـذنب (1).
● أخي الراغب في طريق التوبة، أنظر إلى نفسك مع الذنب في أربعة أمور :
♦ أولاً : في اعتصامك بالله.
قال الله تعالى : (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) (آل عمران : 101) فمن كملت عصمته بالله لم يخذله أبدا.
وقال الله تعالى : (جَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) (الحج : 78) أي : متى اعتصمتم به، تولاكم ونصركم، ومن نصره لكم نصرُكُم على أنفسكم وعلى الشيطان، وهما العدوان اللذان لا يفارقان العبد، وعداوتهما أضر من عداوة العدو الخارج، فالنصر على هذا العدو أهم، والعبد إليه أحوج، وبحسب كمال الاعتصام بالله تكمل النصرة على العدو.
فما خلى الله بينك وبين الذنب إلا بعد أن خذلك وخلى بينك وبين نفسك، ولو عصمك ووفقك لما وجد الذنب إليك سبيلاً، وهو حقيقة الخذلان.
فقد أجمع العارفون بالله تعالى على أن الخذلان : أن يكلك الله إلى نفسك ويخلي بينك وبينها، والتوفيق : أن لا يكلك الله إلى نفسك، وله سبحانه في هذه التخلية بينك وبين الذنب وخذلانك حين واقعته حِكم وأسرار.
♦ ثانياً : في الفرح بالمعصية.
الفرح بالمعصية دليل على : شدة الرغبة فيها، والجهل بقدر من عصاه، والجهل بسوء عاقبتها وعظم خطرها، ففرحه بها غطى عليه ذلك كله.
والمؤمن لا تتم لذته بمعصية أبداً ولا يكملُ بها فرحهُ، بل لا يباشرها إلا والحزن مخالط لقلبه، ولكن سكر الشهوة يحجبه عن الشعور به.
ومتى خلا قلبه من هذا الحزن، واشتدت غبطته وسروره، فليتهم إيمانه، وليبك على موت قلبه، فإنه لو كان حياً، لأحزنه ارتكابه للذنب وغاظه وصعب عليه، ولأَحَسَّ القلب بذلك، فحيث لم يحس به، فما لجرح بميت إيلام.
وهذه النكتة في الذنب قل من يهتدي إليها أو ينتبه لها، وهي موضع مخوف جداً مترام إلى هلاك، إن لم يتدارك بثلاثة أشياء :
1ـ خوف من الموافاة عليه قبل التوبة.
2ـ وندم على ما فاته من الله بمخالفة أمره.
3ـ وتشمير للجد في استدراكه.
♦ ثالثاً : في الإصرار على الذنب.
والإصرار على الذنب هو البقاء على المخالفة، والعزم على المعاودة، وذلك ذنب آخر لعله أعظم من الذنب الأول بكثير.
وهذا من عقوبة الذنب، أنه يحدث ذنباً أكبر منه، ثم الثاني كذلك، ثم الثالث كذلك، حتى يستحكم الهلاك، فالإصرار على المعصية معصية أخرى، وعدم تدارك ما مضى من المعاصي إصرار ورضا بها وطمأنينة إليها وذلك علامة الهلاك.
♦ رابعاً : في المجاهرة بالذنب.
وأشد من هذا كله : المجاهرة بالذنب مع تيقن نظر الرب عز وجل من فوق عرشه إليه ! فإن آمن بنظره إليه وأقدم على المجاهرة، فعظيم.
وإن لم يؤمن بنظره إليه واطلاعه عليه، فكفر وانسلاخ من الإسلام بالكلية، فهو دائر بين الأمرين بين قلة الحياء ومجاهرة نظر الله إليه، وبين الكفر والانسلاخ من الدين، فلذلك يشترط في صحة التوبة تيقنه أن الله كان ناظرا ولا يزال مطلعا عليه يراه جهرة عند الوقوع في الذنب، لأن التوبة لا تصح إلا من مسلم، إلا أن يكون كافرا بنظر الله إليه جاحدا له، فتكون توبته دخوله في الإسلام وإقراره بصفات الرب جل جلاله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) : المدارج (1/248-249).
