
اسمُ الكاتب : د. أحمد محمد أبو عوض.
عدد المشاهدات : ﴿6507﴾.
عدد المشـاركات : ﴿719﴾.
بسم الله الرحمن الرحيم
أثر تعليم القرآن الكريم «1».
◄ المبحث الأول : الأثر التربوي والخُلقي لتعليم القرآن الكريم على الفرد.
بحمد الله تعالى ثنيتُ ركبي في هذه الحلق، متعلمًا أمسك بألواحي، وأتلقى عن معلمي، فيقوّم عوج لساني ويسدد خلله، وسوف أحاول بيان بعض الآثار التربوية والخلقية التي شعرتُ بها، ولمستها في تجربتي، من ذلك :
1- حفظ الأوقات واستثمارها : إنّ الطالب في حلق تحفيظ القرآن الكريم يقضي فيها ما لا يقل عن ساعتين يوميًا في قراءة القرآن الكريم، واستظهار آياته، وللمنعم للنظر أن يتأمل قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول : ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف) (1).
فينظر أي حفظ للأوقات واستثمار لها في حلق تحفيظ القرآن الكريم، ولو أجرينا معادلة يسيرة في سورة الفاتحة، ونظرنا إلى عدد حروفها ومضاعفة المجموع عشر مرات، مع ما تأخذه من وقت لقراءتها، لرجونا أن يكون الطالب في حلق تحفيظ القرآن الكريم أحد الاثنين الذين جاء ذكرهم في قول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : (لا حسد إلا في اثنتين؛ رجل علمه الله القرآن، فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فسمعه جار له، فقال : ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان، فعملت مثل ما يعمل. ورجل آتاه الله مالاً، فهو يهلكه في الحق، فقال رجل : ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل) (2).
غير أن الوقت الذي يقضيه الطالب في حلق التحفيظ يُحْفَظُ فيه من أمور كثيرة إن لم تؤثر فيه سلبًا، فإنها لن تجرّ إليه نفعًا.
2- زيادة الإيمان : إن النفس تزكو، والإيمان يزداد بصحبة القرآن الكريم، سواء أكان ذلك في حلق تحفيظ القرآن الكريم أو كان القارئ في خلوة بعيدًا عن أعين الناس.
وقد صرّح الله تبارك وتعالى بزيادة الإيمان عند تلاوة كتابه، والاستماع إليها ومذاكرتها في أكثر من آية، قال الله تعالى : ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ (الأنفال : 2).
وقال الله الكريم الرحيم : ﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ (التوبة : 124).
قال الشنقيطي رحمه الله تعالى : (فكل هذه الآيات فيها الدلالة على أنهم إذا سمعوا آيات ربهم تتلى تأثروا تأثراً عظيماً يحصل منه لبعضهم البكاء والسجود ولبعضهم قشعريرة الجلد ولين القلوب والجلود ونحو ذلك) (3).
وقال رسول الله الهُدى صلى الله عليه وآله وسلم : (وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده) (4).
قال النوويوفي هذا : (دليل لفضل الاجتماع على تلاوة القرآن في المسجد وهو مذهبنا ومذهب الجمهور) شرح صحيح مسلم.
3- التميز : إن الذي يتعلّم القرآن الكريم في حلق تحفيظ القرآن الكريم أو في غيرها، يجد من نفسه ميلاً إلى تمثل معاني هذه الآيات في أقواله وأفعاله، وهذا من أثر القرآن عليه، وبركته، فتجد عليه سمت الصالحين، ودلّهم متمثلة فيه.
ولهذا كان السلف الصالح رحمهم الله تعالى يقولون : (ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون وبنهاره إذا الناس يفطرون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصمته إذا الناس يخلطون، وبخشوعه إذا الناس يختالون. وينبغي لحامل القرآن أن لا يكون صخابًا، ولا صياحًا، ولا حديدًا) (5).
وقالوا : (لا ينبغي لحامل القرآن أن يخوض مع من يخوض، ولا يجهل مع من يجهل، ولكن يعفو ويصفح لحق القرآن؛ لأن في جوفه كلام الله تعالى، وينبغي له أن يأخذ نفسه بالتصاون عن طرق الشبهات، ويقل الضحك والكلام في مجالس القرآن وغيرها بما لا فائدة فيه، ويأخذ نفسه بالحلم والوقار، وينبغي له أن يتواضع للفقراء ويتجنب التكبر والإعجاب، ويتجافى عن الدنيا وأبنائها، إن خاف على نفسه الفتنة، ويترك الجدال والمراء ويأخذ نفسه بالرفق والأدب، وينبغي له أن يكون ممّن يؤمن شره، ويرجى خيره، ويُسلم من ضرّه) (6).
وكل ذلك ليكون قدوّة لغيره، منارًا ومشعل هداية للعامة والخاصة من المسلمين، أليس يحمل في جوفه معجزة محمد صلى الله عليه وآله وسلم الخالدة.
وحين سئلت عائشة رضي الله عنها عن خُلق النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أجابت السائل بقولها : كان خلقه القرآن أما تقرأ القرآن ؟! قول الله تعالى : ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ (القلم : 4) (7).
قال النووي : (معناه العمل به، والوقوف عند حدوده، والتأديب بآدابه والاعتبار بأمثاله وقصصه، وتدبره وحسن تلاوته) (8).
فجميع مكارم الأخلاق يجب أن تتمثل في أقوال وأفعال متعلم القرآن وقارئه، ولعل هذا الأثر التربوي العظيم هو أهم ما يميّز قارئ من غيره، وهو تأكد اتصافه بجميل الأخلاق وكريمها.
4- الإحسان في التعامل والسلوك : إن إحسان التعامل مع الآخرين مرآة يعكس للناس أثر تعلم القرآن الكريم على الفرد المسلم، ذلك أن حفظ حقوق الناس، والسماحة في البيع والشراء من الصفات التي تلقي بظلالها على القلوب، بل إن الذي يحسن معاملة الآخرين ويواجههم بما يحب أن يُواجَه به هو أهم مقومات الداعية الناجح.
قال الله تبارك وتعالى : ﴿وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ (فصلت : 34).
قال أبو السعود رحمه الله تعالى : (كأنّه وليّ حميم : بيان لنتيجة الدفع المأمور به، أي : فإذا فعلت ذلك صار عدوك المشاق مثل الولي الشفيق) (9).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : (وخالق الناس بخلق حسن) (10) فهذا أمرٌ من المخالقة مأخوذٌ من الخُلُق مع الخَلْق، أي : خالطهم وعاملهم، وتكلّف معاشرتهم بالمجاملة في المعاملة وغيرها، من نحو طلاقة وجهٍ, وخفض جانبٍ, وتلطّفٍ وإيناسٍ, وبذل ندًى, وتحمّل أذًى, فإنّ فاعل ذلك يرجى له في الدّنيا الفلاح, وفي الآخرة الفوز بالنّجاة والنّجاح (11).
وإن واقع قارئ القرآن الكريم ظاهرٌ في تعامله مع الناس، فتجد لين الجانب، ودماثة الأخلاق سمة ظاهرة يلمسها الذين يعيش في محيطهم، حتى إن نبا أحد هؤلاء في بعض الأحيان، فإن القرآن يكسر هذه الحدّة، ويعيده إلى جادة الصواب، فيسكن ويؤوب. وهذا ما يميّز قارئ القرآن عن غيره.
5- تعظيم القرآن الكريم وأهله : إن كتاب الله تعالى الذي أنزله مهيمنًا على جميع الكتب السماوية، نزل به أفضل ملائكته، على أفضل رسله محمد صلى الله عليه وآله وسلم لخير أمّة أخرجت للناس، أخرجتهم من الظلمات إلى النور حُقّ له أن يتبوأ مكانة في قلوب المسلمين تعظيمًا وإجلالاً.
فغدا المسلمون يعرفون بسمت خاص مع كتاب الله تعالى، فيحرصون على الطهارة عند تلاوته بكل أبعادها وزواياها؛ طهارة البدن وطهارة المكان وطهارة اللباس وطهارة الفم، وفوق ذلك كلّه طهارة القلب ونقاؤه من الشرك والريب والشك، كلّ ذلك من أثر تعلمهم للقرآن الكريم. قال الله تعالى : ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ • فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ • لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ (الواقعة: 77 - 79). وقال صلى الله عليه وآله وسلم في كتابه إلى أهل اليمن : (لا يمسّ القرآن إلاّ طاهر) (12).
وإن ممّا يؤكد تعظيم القرآن في قلب قارئه أنّ الله تعالى صانه وهو في سمواته، قال الله تعالى : ﴿كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ • فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ • فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ • مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ • بِأَيْدِي سَفَرَةٍ • كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾ (عبس : 11 - 16) وقال تعالى : ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ • فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾ (البروج : 21 - 22).
وقد أجمل القرطبي رحمه الله تعالى صورًا من تعظيم القرآن الكريم رعاية لحرمته وقدسيته، فقال : (ومن حرمته إذا وضع المصحف أن لا يتركه منشورًا، وألاّ يضع فوقه شيئًا من الكتب، حتى يكون أبدًا عاليًا لسائر الكتب علمًا كان أو غيره، ومن حرمته أن يضعه في حجره إذا قرأ، أو على شيء بين يديه، ولا يضعه على الأرض. ومن حرمته ألاّ يمحوه من اللوح بالبصاق، ولكن يغسله بالماء. ومن حرمته أن لا يتوسّد المصحف، ولا يعتمد عليه، ولا يرمي به إلى صاحبه إذا أراد أن يناوله. ومن حرمته أن لا يكتب على الأرض) (13). وقال رحمه الله تعالى : (وقد وصفه الله بأنه في كتاب مكنون، لا يمسه إلاّ المطهرون، فإذا كان فوق السموات مكنونًا محفوظًا أولى، ألا ترى أنه منهيّ أن يمسّه إلا طاهر، فأولى أن ينهى أن يعرضه للإهانة أو يغفل عنه، فيصيبه غبار البيت إذا كُنّس، أو الدخان، أو يعمل عليه حسابه، أو مفتاح حانوته، إلاّ أن يكون مصحفان فيوضع أحدهما فوق الآخر فيجوز) (14).
أمّا تعظيم حملة كتاب الله، وتوقيرهم، وإجلالهم، فيكفي في ذلك قول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : (إن لله أهلين من الناس) قالوا : يا رسول الله، من هم ؟ قال : (هم أهل القرآن، أهل الله وخاصته) (15).
أي حفظة القرآن، يقرأونه آناء اللّيل وأطراف النّهار، العاملون به، فهم أولياؤه المختصّون به، اختصاص أهل الإنسان به (16) قال المناوي : (سُمّوا بذلك تعظيمًا لهم، كما يقال بيت الله) (17).
وقول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : (إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه، والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط) (18).
ولا شكّ أن هذه المنزلة التي لحملة كتاب الله تعالى تؤثر في سلوكهم فيرتفعون عن العامّة في تصرفاتهم، ليكونوا مشاعل هدًى لهم، نماذج للأمّة تهتدي وتقتدي بأقوالهم وفعالهم.
6- الجمع بين العلم والعمل : كان السلف رحمهم الله تعالى لا يتعلمون حروف القرآن بعيدًا عن تعلمهم لمعانيه، لذا كان أخذهم للقرآن أخذًا للعلم والإيمان معًا، لا انفصام في تعلمه وأخذه عندهم، ومنه : قول أنس رضي الله عنه : (كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جدّ فينا) أي : عظم (19). ذلك لجمعهم بين العلم والعمل، كما قال أبو عبدالرحمن السلميّ : (حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنهم كانوا يأخذون من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشر آيات، فلا يأخذون في العشر الأخرى؛ حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل. قال : فتعلمنا العلم والعمل) (20).
ذلك أخذ الصحابة للقرآن من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتلك طريقتهم في تعليم التابعين القرآن تربية على العلم والعمل.
فقارئ القرآن، ومتعلمه، وارث لميراث النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، جامعٌ له بين صدره، لذلك كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخاطب حاملي كتاب الله بقوله : (يا معشر القراء ارفعوا رؤوسكم فقد وضح لكم الطريق فاستبقوا الخيرات لا تكونوا عيالا على الناس) (21) لذا فتوجيه الطلاب في حلق التحفيظ إلى العلم، يجد قبولاً في نفوسهم، واستعدادًا له، فإذا ما وضعت البرامج الجيّدة لذلك الأمر، وتربوا على صغار العلم قبل كباره، استطاعت حلقات تحفيظ القرآن الكريم أن تكون الانطلاقة للعلماء الربانيين. وقلّ أن تجدّ عالمًا ربانيًّا إلاّ وكانت حلقات تحفيظ القرآن الكريم هي اللبنة الأولى في بنائه العلمي.
فعليه أن يُدرك أن الله تعالى قد أكرمه بهذا الشرف، وجعله في مصافّ العلماء، فينبغي عليه أن يدأب على مدارسة معانيه، وتفهمه، والعمل به، فهو يملك النور الذي ينير للناس طريقها إلى ربّها، وهل بعد ذلك الشرف من شرف.
7- علو الهمّة : إن المواظبة على حلق تحفيظ القرآن الكريم، ومجالس تعليمه ليست من السهولة التي يصبر عليها كل أحد لذا فإن عزوف الطالب عن مجالس اللهو، وصبره على حلق تحفيظ القرآن تربية له على الهمّة العالية، ينشأ من صغره على تحديد أهدافه، والسعي إليها.
وفي قصة ابن عبّاس رضي الله عنهما مثلٌ، يقول : (لما مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قلت لرجل من الأنصار : هلمّ يا فلان، فلنطلب العلم، فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحياء. قال : عجبًا لك يا بن عباس، ترى الناس يحتاجون إليك، وفي الناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من فيهم ؟! قال : فتركت ذاك، وأقبلت أطلب، إن كان الحديث ليبلغني عن الرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فآتيه فأجلس ببابه، فتسفي الريح على وجهي، فيخرج إليَّ، فيقول : يا بن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ما جاء بك ؟ ما حاجتك ؟ فأقول : حديثٌ بلغني ترويه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فيقول : ألا أرسلت إليَّ، فأقول : أنا أحقّ أن آتيك. قال : فبقي ذلك الرجل؛ حتى أن الناس اجتمعوا عليَّ. فقال : هذا الفتى كان أعقل مني) (22).
فتوجيه الطلاب إلى حلق تحفيظ القرآن الكريم، ينمي عندهم هذا الجانب وهو الاهتمام بالأمور العالية، مع عدم إغفال جانب الترفيه في حقّهم.
8- تحصيل الحياة الطيبة : الحياة الطيّبة المصاحبة للطمأنينة وراحة النفس، لا توجد بمعزلٍ عن كتاب الله تعالى، بل توجد في رياضه وتهب نسائمها من حِلَقه، خذ لنفسك وتأمل أين نزل القرآن، نزل في أمّة كانت ترزح تحت أعباء الجاهلية، قد اكتست من الجهل سربالاً، جعلت الواحد منهم يعبد الأصنام، ويسجد للأوثان التي يصنعها من التمر، ثم إذا جاع أكلها، وإذا كان في فلاة اختار أربع حجارة، وضع ثلاثًا منها لقدره، واتّخذ الرابعة إلهًا (23).
قال جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه : (كنّا قومًا أهل جاهلية؛ نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام، ونسبي الجوار، يأكل القوي منّا الضعيف) (24).
ثم نزل عليهم القرآن فقلب حالهم، وغيّر حياتهم : (فكنا على ذلك؛ حتى بعث الله إلينا رسولاً منّا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله تعالى لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمر بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام. فصدقناه، وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به، فعبدنا الله وحده، فلم نشرك به شيئًا، وحرّمنا ما حرّم علينا، وأحللنا ما أحل لنا) (25).
فهذا الهُدى الذي أنزله الله تعالى من أخذ به، أكرمه الله تعالى بالحياة الطيّبة، ومن أعرض عنه شقي في الدنيا والآخرة.
قال الله تعالى : ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (النحل : 97).
قال ابن كثير : (هذا وعد من الله تعالى لمن عمل صالحًا، وهو العمل المتابع لكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم من ذكر أو أنثى من بني آدم، وقلبه مؤمن بالله ورسوله، وأن هذا العمل المأمور به مشروع من عند الله بأن يحييه الله حياة طيبة في الدنيا، وأن يجزيه بأحسن ما عمله في الدار الآخرة، والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت) (26).
وقال الله تعالى ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّى هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاىَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى. وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمَى. قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِى أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً • قَالَ كَذالِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذالِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى﴾ (طه : 123 – 126).
قال القرطبي : (ومعنى ذلك : أن الله تعالى جعل مع الدين التسليم والقناعة، والتوكل عليه، وعلى قسمته فصاحبه ينفق ممّا رزقه الله تعالى بسماح وسهولة، ويعيش عيشًا رافغًا، كما قال الله تعالى : ﴿فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾. والمعرض عن الدين، مستول عليه الحرص الذي لا يزال يطمح به إلى الازدياد من الدنيا، مسلط عليه الشح الذي يقبض يده على الإنفاق، فعيشه ضنك، وحاله مظلمة، كما قال بعضهم : لا يعرض أحد عن ذكر ربه إلا أظلم عليه وقته، وتشوش عليه رزقه، وكان في عيشه ضنك) (27).
9- تسهيل طريق الخير : رأيتُ ذلك، ولمستُ أثره، أجد طلاب التحفيظ يجدون أوقاتًا للمرح، ويجدون أوقاتًا للجدّ والاجتهاد والتحصيل فتجدّ تحصيلهم الدراسي ممتازًا، فتشعر أن ذلك من بركة انتظامه في حلق التحفيظ، أن الله تعالى يسهل له أموره، وييسر له أسباب الفلاح والنجاح. أليس هذا الطالب يسلك سبيله كل يوم إلى حلق الذكر يبتغي علمًا، وأيّ علم، تعلم كتاب الله تعالى ومدارسته، ألم يقل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : (ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له به طريقًا إلى الجنة) أخرجه مسلم.
ومن دلائل ذلك أن الله تعالى يزيل العقبات أمامه التي تحول دون انقطاعه عن طلب العلم وتحصيله، فتجد التوفيق والسداد حليفه، وأبواب العلم تشرع أمامه، بل تجده موفقًا لفعل الخير، مُعانًا عليه، لأنّ الأعمال الصالحة هي أبواب الجنّة.
قال ابن القيّم : (وقد تظاهر الشرع والقدر على أن الجزاء من جنس العمل فكما سلك طريقًا يطلب فيه حياة قلبه ونجاته من الهلاك سلك الله به طريقًا يحصل له ذلك) (28).
كل ذلك بركة إخلاصه في تعلم القرآن، وطلبه للعلم.
10- الصحبة الصالحة : لن يظفر أحد بصحبة صالحة مثل ما يظفر الطالب في حلق تحفيظ القرآن الكريم، فحلق التحفيظ مناخًا صالحًا لأن يجتمع فيه المسلم مع أخيه المسلم على ذكر الله تعالى، ويفترقا على ذكر الله تعالى، ليكون أحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ذكر منهم : (ورجلان تحابا في الله؛ اجتمعا عليه، وتفرقا عليه) أخرجه البخاري
فطلاب تحفيظ القرآن الكريم، لا تجمعهم دنيا، ولا يشتركون في مصلحة دنيوية حاضرة، بل لا يضمهم إلا إرادة تعلم كتاب الله تعالى، وتلاوته، ومذاكرته، تحفهم الملائكة، وتغشاهم السكينة، فهم في بيت من بيوته.
فهم من أرجى الناس لأن يشملهم هذا الصنف من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة.
11- تقويم اعوجاج السلوك : كيف نقضى على الأخلاق السيئة الفردية في تعلم القرآن في حلق التحفيظ ؟ إنّ حلقات التحفيظ القرآن مكان مبارك، تتمثل فيه أخلاق حملة كتاب الله تعالى في أقوالهم وأفعالهم، أناسٌ يتناصحون فيما بينهم، يتمثلون هدي كتاب ربّهم، ويترجمون معانيه في حياتهم، ويجهدون في جعله واقعًا يعيشونه.
في هذه الأجواء ينشأ طالب حلقات تحفيظ القرآن الكريم، ينشأ بين قدوات يترسم خطاهم، ويستقيم بتقويمهم.
وكم هي الأخلاق السيئة التي عجزت الأسرة عن تقويم اعوجاجها، نجحت حلقات تحفيظ القرآن الكريم في دفعها، وعلاجها.
وإنّه لنورٌ على نور، إذا اجتمعت جهود القائمين على حلقات تحفيظ القرآن الكريم مع جهود الوالدين في الأسرة في اكتشاف الأخلاق السيئة وعلاجها ودفعها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع :
(1) أخرجه الترمذي في فضائل، باب فيمن قرأ حرفًا من القرآن (2910) من حديث. قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
(2) أخرجه البخاري في فضائل القرآن، باب اغتباط صاحب القرآن (5026) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3) أضواء البيان (3/443).
(4) أخرجه مسلم في الذكر والدعاء، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن والذكر (2699) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(5) روي عن ابن مسعود رضي الله عنه. الدر المنثور (7/21).
(6) روي عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما. تفسير القرطبي (1/21).
(7) أخرجه أحمد في مسنده (6/91)، ومسلم في صلاة المسافرين، باب جامع صلاة الليل (746).
(8) أخرجه أحمد في مسنده (6/91)، ومسلم في صلاة المسافرين، باب جامع صلاة الليل (746).
(9) تفسير أبي السعود (8/14).
(10) أخرجه الترمذي في البر والصلة، باب ما جاء في معاشرة الناس (1987) من حديث أبي ذر رضي الله عنه. قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.
(11) انظر : تحفة الأحوذي (6/104).
(12) أخرجه مالك في الموطأ، كتاب النداء للصلاة، باب الأمر بالوضوء لمن مس القرآن (468).
(13) تفسير القرطبي (1/28 - 30).
(14) التذكار في أفضل الأذكار (ص 112 - 113).
(15) أخرجه ابن ماجه في المقدمة، باب فضل من تعلم القرآن، وعلّمه (215)، والنسائي في الكبرى (5/17) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. وصححه الحاكم في المستدرك (1/743)، وقال في مصباح الزجاجة (ص 29) هذا إسناد صحيح، رجاله موثقون.
(16) انظر : حاشية السندي (1/20).
(17) فيض القدير (3/67).
(18) أخرجه أبو داود في الأدب، باب في تنزيل الناس منازلهم (4843) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
(19) أخرجه أحمد في مسنده (3/120)، وأخرجه ابن حبان في صحيحه (الإحسان 3/19) بلفظ (عُدّ فينا ذا شأن).
(20) أخرجه أحمد في مسنده (5/410).
(21) ذكره النووي في التبيان (ص 29).
(22) أخرجه الحاكم في المستدرك (1/188).
(23) انظر : تلبيس إبليس لابن الجوزي (ص 75).
(24) أخرجه أحمد في مسنده (5/291)، وصححه ابن خزيمة (4/13).
(25) التخريج السابق.
(26) تفسير ابن كثير (2/286).
(27) تفسير القرطبي (11/285 - 295).
(28) مفتاح دار السعادة (1/71).
الدكتور عبدالرحمن بن جميل قصاص ـ أستاذ مشارك بكلية الدعوة وأصول الدين ـ جامعة أم القرى ـ مكة المكرمة.
الأثر التربوي والخلقي لتعليم القرآن الكريم ــ تجربة علمية # (1432/02/01).
|| د. أحمد محمد أبو عوض : عضو منهل الثقافة التربوية.
◄ المبحث الأول : الأثر التربوي والخُلقي لتعليم القرآن الكريم على الفرد.
بحمد الله تعالى ثنيتُ ركبي في هذه الحلق، متعلمًا أمسك بألواحي، وأتلقى عن معلمي، فيقوّم عوج لساني ويسدد خلله، وسوف أحاول بيان بعض الآثار التربوية والخلقية التي شعرتُ بها، ولمستها في تجربتي، من ذلك :
1- حفظ الأوقات واستثمارها : إنّ الطالب في حلق تحفيظ القرآن الكريم يقضي فيها ما لا يقل عن ساعتين يوميًا في قراءة القرآن الكريم، واستظهار آياته، وللمنعم للنظر أن يتأمل قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول : ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف) (1).
فينظر أي حفظ للأوقات واستثمار لها في حلق تحفيظ القرآن الكريم، ولو أجرينا معادلة يسيرة في سورة الفاتحة، ونظرنا إلى عدد حروفها ومضاعفة المجموع عشر مرات، مع ما تأخذه من وقت لقراءتها، لرجونا أن يكون الطالب في حلق تحفيظ القرآن الكريم أحد الاثنين الذين جاء ذكرهم في قول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : (لا حسد إلا في اثنتين؛ رجل علمه الله القرآن، فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فسمعه جار له، فقال : ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان، فعملت مثل ما يعمل. ورجل آتاه الله مالاً، فهو يهلكه في الحق، فقال رجل : ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل) (2).
غير أن الوقت الذي يقضيه الطالب في حلق التحفيظ يُحْفَظُ فيه من أمور كثيرة إن لم تؤثر فيه سلبًا، فإنها لن تجرّ إليه نفعًا.
2- زيادة الإيمان : إن النفس تزكو، والإيمان يزداد بصحبة القرآن الكريم، سواء أكان ذلك في حلق تحفيظ القرآن الكريم أو كان القارئ في خلوة بعيدًا عن أعين الناس.
وقد صرّح الله تبارك وتعالى بزيادة الإيمان عند تلاوة كتابه، والاستماع إليها ومذاكرتها في أكثر من آية، قال الله تعالى : ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ (الأنفال : 2).
وقال الله الكريم الرحيم : ﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ (التوبة : 124).
قال الشنقيطي رحمه الله تعالى : (فكل هذه الآيات فيها الدلالة على أنهم إذا سمعوا آيات ربهم تتلى تأثروا تأثراً عظيماً يحصل منه لبعضهم البكاء والسجود ولبعضهم قشعريرة الجلد ولين القلوب والجلود ونحو ذلك) (3).
وقال رسول الله الهُدى صلى الله عليه وآله وسلم : (وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده) (4).
قال النوويوفي هذا : (دليل لفضل الاجتماع على تلاوة القرآن في المسجد وهو مذهبنا ومذهب الجمهور) شرح صحيح مسلم.
3- التميز : إن الذي يتعلّم القرآن الكريم في حلق تحفيظ القرآن الكريم أو في غيرها، يجد من نفسه ميلاً إلى تمثل معاني هذه الآيات في أقواله وأفعاله، وهذا من أثر القرآن عليه، وبركته، فتجد عليه سمت الصالحين، ودلّهم متمثلة فيه.
ولهذا كان السلف الصالح رحمهم الله تعالى يقولون : (ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون وبنهاره إذا الناس يفطرون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصمته إذا الناس يخلطون، وبخشوعه إذا الناس يختالون. وينبغي لحامل القرآن أن لا يكون صخابًا، ولا صياحًا، ولا حديدًا) (5).
وقالوا : (لا ينبغي لحامل القرآن أن يخوض مع من يخوض، ولا يجهل مع من يجهل، ولكن يعفو ويصفح لحق القرآن؛ لأن في جوفه كلام الله تعالى، وينبغي له أن يأخذ نفسه بالتصاون عن طرق الشبهات، ويقل الضحك والكلام في مجالس القرآن وغيرها بما لا فائدة فيه، ويأخذ نفسه بالحلم والوقار، وينبغي له أن يتواضع للفقراء ويتجنب التكبر والإعجاب، ويتجافى عن الدنيا وأبنائها، إن خاف على نفسه الفتنة، ويترك الجدال والمراء ويأخذ نفسه بالرفق والأدب، وينبغي له أن يكون ممّن يؤمن شره، ويرجى خيره، ويُسلم من ضرّه) (6).
وكل ذلك ليكون قدوّة لغيره، منارًا ومشعل هداية للعامة والخاصة من المسلمين، أليس يحمل في جوفه معجزة محمد صلى الله عليه وآله وسلم الخالدة.
وحين سئلت عائشة رضي الله عنها عن خُلق النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أجابت السائل بقولها : كان خلقه القرآن أما تقرأ القرآن ؟! قول الله تعالى : ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ (القلم : 4) (7).
قال النووي : (معناه العمل به، والوقوف عند حدوده، والتأديب بآدابه والاعتبار بأمثاله وقصصه، وتدبره وحسن تلاوته) (8).
فجميع مكارم الأخلاق يجب أن تتمثل في أقوال وأفعال متعلم القرآن وقارئه، ولعل هذا الأثر التربوي العظيم هو أهم ما يميّز قارئ من غيره، وهو تأكد اتصافه بجميل الأخلاق وكريمها.
4- الإحسان في التعامل والسلوك : إن إحسان التعامل مع الآخرين مرآة يعكس للناس أثر تعلم القرآن الكريم على الفرد المسلم، ذلك أن حفظ حقوق الناس، والسماحة في البيع والشراء من الصفات التي تلقي بظلالها على القلوب، بل إن الذي يحسن معاملة الآخرين ويواجههم بما يحب أن يُواجَه به هو أهم مقومات الداعية الناجح.
قال الله تبارك وتعالى : ﴿وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ (فصلت : 34).
قال أبو السعود رحمه الله تعالى : (كأنّه وليّ حميم : بيان لنتيجة الدفع المأمور به، أي : فإذا فعلت ذلك صار عدوك المشاق مثل الولي الشفيق) (9).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : (وخالق الناس بخلق حسن) (10) فهذا أمرٌ من المخالقة مأخوذٌ من الخُلُق مع الخَلْق، أي : خالطهم وعاملهم، وتكلّف معاشرتهم بالمجاملة في المعاملة وغيرها، من نحو طلاقة وجهٍ, وخفض جانبٍ, وتلطّفٍ وإيناسٍ, وبذل ندًى, وتحمّل أذًى, فإنّ فاعل ذلك يرجى له في الدّنيا الفلاح, وفي الآخرة الفوز بالنّجاة والنّجاح (11).
وإن واقع قارئ القرآن الكريم ظاهرٌ في تعامله مع الناس، فتجد لين الجانب، ودماثة الأخلاق سمة ظاهرة يلمسها الذين يعيش في محيطهم، حتى إن نبا أحد هؤلاء في بعض الأحيان، فإن القرآن يكسر هذه الحدّة، ويعيده إلى جادة الصواب، فيسكن ويؤوب. وهذا ما يميّز قارئ القرآن عن غيره.
5- تعظيم القرآن الكريم وأهله : إن كتاب الله تعالى الذي أنزله مهيمنًا على جميع الكتب السماوية، نزل به أفضل ملائكته، على أفضل رسله محمد صلى الله عليه وآله وسلم لخير أمّة أخرجت للناس، أخرجتهم من الظلمات إلى النور حُقّ له أن يتبوأ مكانة في قلوب المسلمين تعظيمًا وإجلالاً.
فغدا المسلمون يعرفون بسمت خاص مع كتاب الله تعالى، فيحرصون على الطهارة عند تلاوته بكل أبعادها وزواياها؛ طهارة البدن وطهارة المكان وطهارة اللباس وطهارة الفم، وفوق ذلك كلّه طهارة القلب ونقاؤه من الشرك والريب والشك، كلّ ذلك من أثر تعلمهم للقرآن الكريم. قال الله تعالى : ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ • فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ • لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ (الواقعة: 77 - 79). وقال صلى الله عليه وآله وسلم في كتابه إلى أهل اليمن : (لا يمسّ القرآن إلاّ طاهر) (12).
وإن ممّا يؤكد تعظيم القرآن في قلب قارئه أنّ الله تعالى صانه وهو في سمواته، قال الله تعالى : ﴿كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ • فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ • فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ • مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ • بِأَيْدِي سَفَرَةٍ • كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾ (عبس : 11 - 16) وقال تعالى : ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ • فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾ (البروج : 21 - 22).
وقد أجمل القرطبي رحمه الله تعالى صورًا من تعظيم القرآن الكريم رعاية لحرمته وقدسيته، فقال : (ومن حرمته إذا وضع المصحف أن لا يتركه منشورًا، وألاّ يضع فوقه شيئًا من الكتب، حتى يكون أبدًا عاليًا لسائر الكتب علمًا كان أو غيره، ومن حرمته أن يضعه في حجره إذا قرأ، أو على شيء بين يديه، ولا يضعه على الأرض. ومن حرمته ألاّ يمحوه من اللوح بالبصاق، ولكن يغسله بالماء. ومن حرمته أن لا يتوسّد المصحف، ولا يعتمد عليه، ولا يرمي به إلى صاحبه إذا أراد أن يناوله. ومن حرمته أن لا يكتب على الأرض) (13). وقال رحمه الله تعالى : (وقد وصفه الله بأنه في كتاب مكنون، لا يمسه إلاّ المطهرون، فإذا كان فوق السموات مكنونًا محفوظًا أولى، ألا ترى أنه منهيّ أن يمسّه إلا طاهر، فأولى أن ينهى أن يعرضه للإهانة أو يغفل عنه، فيصيبه غبار البيت إذا كُنّس، أو الدخان، أو يعمل عليه حسابه، أو مفتاح حانوته، إلاّ أن يكون مصحفان فيوضع أحدهما فوق الآخر فيجوز) (14).
أمّا تعظيم حملة كتاب الله، وتوقيرهم، وإجلالهم، فيكفي في ذلك قول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : (إن لله أهلين من الناس) قالوا : يا رسول الله، من هم ؟ قال : (هم أهل القرآن، أهل الله وخاصته) (15).
أي حفظة القرآن، يقرأونه آناء اللّيل وأطراف النّهار، العاملون به، فهم أولياؤه المختصّون به، اختصاص أهل الإنسان به (16) قال المناوي : (سُمّوا بذلك تعظيمًا لهم، كما يقال بيت الله) (17).
وقول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : (إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه، والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط) (18).
ولا شكّ أن هذه المنزلة التي لحملة كتاب الله تعالى تؤثر في سلوكهم فيرتفعون عن العامّة في تصرفاتهم، ليكونوا مشاعل هدًى لهم، نماذج للأمّة تهتدي وتقتدي بأقوالهم وفعالهم.
6- الجمع بين العلم والعمل : كان السلف رحمهم الله تعالى لا يتعلمون حروف القرآن بعيدًا عن تعلمهم لمعانيه، لذا كان أخذهم للقرآن أخذًا للعلم والإيمان معًا، لا انفصام في تعلمه وأخذه عندهم، ومنه : قول أنس رضي الله عنه : (كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جدّ فينا) أي : عظم (19). ذلك لجمعهم بين العلم والعمل، كما قال أبو عبدالرحمن السلميّ : (حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنهم كانوا يأخذون من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشر آيات، فلا يأخذون في العشر الأخرى؛ حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل. قال : فتعلمنا العلم والعمل) (20).
ذلك أخذ الصحابة للقرآن من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتلك طريقتهم في تعليم التابعين القرآن تربية على العلم والعمل.
فقارئ القرآن، ومتعلمه، وارث لميراث النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، جامعٌ له بين صدره، لذلك كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخاطب حاملي كتاب الله بقوله : (يا معشر القراء ارفعوا رؤوسكم فقد وضح لكم الطريق فاستبقوا الخيرات لا تكونوا عيالا على الناس) (21) لذا فتوجيه الطلاب في حلق التحفيظ إلى العلم، يجد قبولاً في نفوسهم، واستعدادًا له، فإذا ما وضعت البرامج الجيّدة لذلك الأمر، وتربوا على صغار العلم قبل كباره، استطاعت حلقات تحفيظ القرآن الكريم أن تكون الانطلاقة للعلماء الربانيين. وقلّ أن تجدّ عالمًا ربانيًّا إلاّ وكانت حلقات تحفيظ القرآن الكريم هي اللبنة الأولى في بنائه العلمي.
فعليه أن يُدرك أن الله تعالى قد أكرمه بهذا الشرف، وجعله في مصافّ العلماء، فينبغي عليه أن يدأب على مدارسة معانيه، وتفهمه، والعمل به، فهو يملك النور الذي ينير للناس طريقها إلى ربّها، وهل بعد ذلك الشرف من شرف.
7- علو الهمّة : إن المواظبة على حلق تحفيظ القرآن الكريم، ومجالس تعليمه ليست من السهولة التي يصبر عليها كل أحد لذا فإن عزوف الطالب عن مجالس اللهو، وصبره على حلق تحفيظ القرآن تربية له على الهمّة العالية، ينشأ من صغره على تحديد أهدافه، والسعي إليها.
وفي قصة ابن عبّاس رضي الله عنهما مثلٌ، يقول : (لما مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قلت لرجل من الأنصار : هلمّ يا فلان، فلنطلب العلم، فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحياء. قال : عجبًا لك يا بن عباس، ترى الناس يحتاجون إليك، وفي الناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من فيهم ؟! قال : فتركت ذاك، وأقبلت أطلب، إن كان الحديث ليبلغني عن الرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فآتيه فأجلس ببابه، فتسفي الريح على وجهي، فيخرج إليَّ، فيقول : يا بن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ما جاء بك ؟ ما حاجتك ؟ فأقول : حديثٌ بلغني ترويه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فيقول : ألا أرسلت إليَّ، فأقول : أنا أحقّ أن آتيك. قال : فبقي ذلك الرجل؛ حتى أن الناس اجتمعوا عليَّ. فقال : هذا الفتى كان أعقل مني) (22).
فتوجيه الطلاب إلى حلق تحفيظ القرآن الكريم، ينمي عندهم هذا الجانب وهو الاهتمام بالأمور العالية، مع عدم إغفال جانب الترفيه في حقّهم.
8- تحصيل الحياة الطيبة : الحياة الطيّبة المصاحبة للطمأنينة وراحة النفس، لا توجد بمعزلٍ عن كتاب الله تعالى، بل توجد في رياضه وتهب نسائمها من حِلَقه، خذ لنفسك وتأمل أين نزل القرآن، نزل في أمّة كانت ترزح تحت أعباء الجاهلية، قد اكتست من الجهل سربالاً، جعلت الواحد منهم يعبد الأصنام، ويسجد للأوثان التي يصنعها من التمر، ثم إذا جاع أكلها، وإذا كان في فلاة اختار أربع حجارة، وضع ثلاثًا منها لقدره، واتّخذ الرابعة إلهًا (23).
قال جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه : (كنّا قومًا أهل جاهلية؛ نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام، ونسبي الجوار، يأكل القوي منّا الضعيف) (24).
ثم نزل عليهم القرآن فقلب حالهم، وغيّر حياتهم : (فكنا على ذلك؛ حتى بعث الله إلينا رسولاً منّا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله تعالى لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمر بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام. فصدقناه، وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به، فعبدنا الله وحده، فلم نشرك به شيئًا، وحرّمنا ما حرّم علينا، وأحللنا ما أحل لنا) (25).
فهذا الهُدى الذي أنزله الله تعالى من أخذ به، أكرمه الله تعالى بالحياة الطيّبة، ومن أعرض عنه شقي في الدنيا والآخرة.
قال الله تعالى : ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (النحل : 97).
قال ابن كثير : (هذا وعد من الله تعالى لمن عمل صالحًا، وهو العمل المتابع لكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم من ذكر أو أنثى من بني آدم، وقلبه مؤمن بالله ورسوله، وأن هذا العمل المأمور به مشروع من عند الله بأن يحييه الله حياة طيبة في الدنيا، وأن يجزيه بأحسن ما عمله في الدار الآخرة، والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت) (26).
وقال الله تعالى ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّى هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاىَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى. وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمَى. قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِى أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً • قَالَ كَذالِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذالِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى﴾ (طه : 123 – 126).
قال القرطبي : (ومعنى ذلك : أن الله تعالى جعل مع الدين التسليم والقناعة، والتوكل عليه، وعلى قسمته فصاحبه ينفق ممّا رزقه الله تعالى بسماح وسهولة، ويعيش عيشًا رافغًا، كما قال الله تعالى : ﴿فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾. والمعرض عن الدين، مستول عليه الحرص الذي لا يزال يطمح به إلى الازدياد من الدنيا، مسلط عليه الشح الذي يقبض يده على الإنفاق، فعيشه ضنك، وحاله مظلمة، كما قال بعضهم : لا يعرض أحد عن ذكر ربه إلا أظلم عليه وقته، وتشوش عليه رزقه، وكان في عيشه ضنك) (27).
9- تسهيل طريق الخير : رأيتُ ذلك، ولمستُ أثره، أجد طلاب التحفيظ يجدون أوقاتًا للمرح، ويجدون أوقاتًا للجدّ والاجتهاد والتحصيل فتجدّ تحصيلهم الدراسي ممتازًا، فتشعر أن ذلك من بركة انتظامه في حلق التحفيظ، أن الله تعالى يسهل له أموره، وييسر له أسباب الفلاح والنجاح. أليس هذا الطالب يسلك سبيله كل يوم إلى حلق الذكر يبتغي علمًا، وأيّ علم، تعلم كتاب الله تعالى ومدارسته، ألم يقل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : (ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له به طريقًا إلى الجنة) أخرجه مسلم.
ومن دلائل ذلك أن الله تعالى يزيل العقبات أمامه التي تحول دون انقطاعه عن طلب العلم وتحصيله، فتجد التوفيق والسداد حليفه، وأبواب العلم تشرع أمامه، بل تجده موفقًا لفعل الخير، مُعانًا عليه، لأنّ الأعمال الصالحة هي أبواب الجنّة.
قال ابن القيّم : (وقد تظاهر الشرع والقدر على أن الجزاء من جنس العمل فكما سلك طريقًا يطلب فيه حياة قلبه ونجاته من الهلاك سلك الله به طريقًا يحصل له ذلك) (28).
كل ذلك بركة إخلاصه في تعلم القرآن، وطلبه للعلم.
10- الصحبة الصالحة : لن يظفر أحد بصحبة صالحة مثل ما يظفر الطالب في حلق تحفيظ القرآن الكريم، فحلق التحفيظ مناخًا صالحًا لأن يجتمع فيه المسلم مع أخيه المسلم على ذكر الله تعالى، ويفترقا على ذكر الله تعالى، ليكون أحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ذكر منهم : (ورجلان تحابا في الله؛ اجتمعا عليه، وتفرقا عليه) أخرجه البخاري
فطلاب تحفيظ القرآن الكريم، لا تجمعهم دنيا، ولا يشتركون في مصلحة دنيوية حاضرة، بل لا يضمهم إلا إرادة تعلم كتاب الله تعالى، وتلاوته، ومذاكرته، تحفهم الملائكة، وتغشاهم السكينة، فهم في بيت من بيوته.
فهم من أرجى الناس لأن يشملهم هذا الصنف من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة.
11- تقويم اعوجاج السلوك : كيف نقضى على الأخلاق السيئة الفردية في تعلم القرآن في حلق التحفيظ ؟ إنّ حلقات التحفيظ القرآن مكان مبارك، تتمثل فيه أخلاق حملة كتاب الله تعالى في أقوالهم وأفعالهم، أناسٌ يتناصحون فيما بينهم، يتمثلون هدي كتاب ربّهم، ويترجمون معانيه في حياتهم، ويجهدون في جعله واقعًا يعيشونه.
في هذه الأجواء ينشأ طالب حلقات تحفيظ القرآن الكريم، ينشأ بين قدوات يترسم خطاهم، ويستقيم بتقويمهم.
وكم هي الأخلاق السيئة التي عجزت الأسرة عن تقويم اعوجاجها، نجحت حلقات تحفيظ القرآن الكريم في دفعها، وعلاجها.
وإنّه لنورٌ على نور، إذا اجتمعت جهود القائمين على حلقات تحفيظ القرآن الكريم مع جهود الوالدين في الأسرة في اكتشاف الأخلاق السيئة وعلاجها ودفعها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع :
(1) أخرجه الترمذي في فضائل، باب فيمن قرأ حرفًا من القرآن (2910) من حديث. قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
(2) أخرجه البخاري في فضائل القرآن، باب اغتباط صاحب القرآن (5026) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3) أضواء البيان (3/443).
(4) أخرجه مسلم في الذكر والدعاء، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن والذكر (2699) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(5) روي عن ابن مسعود رضي الله عنه. الدر المنثور (7/21).
(6) روي عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما. تفسير القرطبي (1/21).
(7) أخرجه أحمد في مسنده (6/91)، ومسلم في صلاة المسافرين، باب جامع صلاة الليل (746).
(8) أخرجه أحمد في مسنده (6/91)، ومسلم في صلاة المسافرين، باب جامع صلاة الليل (746).
(9) تفسير أبي السعود (8/14).
(10) أخرجه الترمذي في البر والصلة، باب ما جاء في معاشرة الناس (1987) من حديث أبي ذر رضي الله عنه. قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.
(11) انظر : تحفة الأحوذي (6/104).
(12) أخرجه مالك في الموطأ، كتاب النداء للصلاة، باب الأمر بالوضوء لمن مس القرآن (468).
(13) تفسير القرطبي (1/28 - 30).
(14) التذكار في أفضل الأذكار (ص 112 - 113).
(15) أخرجه ابن ماجه في المقدمة، باب فضل من تعلم القرآن، وعلّمه (215)، والنسائي في الكبرى (5/17) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. وصححه الحاكم في المستدرك (1/743)، وقال في مصباح الزجاجة (ص 29) هذا إسناد صحيح، رجاله موثقون.
(16) انظر : حاشية السندي (1/20).
(17) فيض القدير (3/67).
(18) أخرجه أبو داود في الأدب، باب في تنزيل الناس منازلهم (4843) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
(19) أخرجه أحمد في مسنده (3/120)، وأخرجه ابن حبان في صحيحه (الإحسان 3/19) بلفظ (عُدّ فينا ذا شأن).
(20) أخرجه أحمد في مسنده (5/410).
(21) ذكره النووي في التبيان (ص 29).
(22) أخرجه الحاكم في المستدرك (1/188).
(23) انظر : تلبيس إبليس لابن الجوزي (ص 75).
(24) أخرجه أحمد في مسنده (5/291)، وصححه ابن خزيمة (4/13).
(25) التخريج السابق.
(26) تفسير ابن كثير (2/286).
(27) تفسير القرطبي (11/285 - 295).
(28) مفتاح دار السعادة (1/71).
الدكتور عبدالرحمن بن جميل قصاص ـ أستاذ مشارك بكلية الدعوة وأصول الدين ـ جامعة أم القرى ـ مكة المكرمة.

|| د. أحمد محمد أبو عوض : عضو منهل الثقافة التربوية.