
اسمُ الكاتب : د. حامد مصطفى المكاوي.
عدد المشاهدات : ﴿4379﴾.
عدد المشـاركات : ﴿25﴾.
بسم الله الرحمن الرحيم
البعث أكبر حقيقة كونية «1».
◄ يدل على ثبوت البعث من بعد الموْتِ : إمكانه عقلا، فالأصل في إيجاد المعدوم وإحياء الأموات، هو الإمكان، فإعادة المعدوم :
1- إما أن تمتنع لذاته.
2- أو للازم من لوازمه.
3- أو لعارض قد يعرض له.
لا جائز أن تمتنع إعادة المعدوم لذاته. أو للازم من لوازمه. لأنه لو امتنعت إعادته لشيء من ذلك، لامتنع وجوده أولا، لكن التالي باطل، فبطل ما أدى إليه، وهو امتناع إعادة المعدوم، وثبت إمكانها.
أو بمعنى آخر : وجود الناس أولا، دليل على إمكان إيجادهم ثانيا.
فلو امتنع إيجادهم ثانيا – (من يعيدنا) - لامتنع إيجادهم أولا – (قل الذي فطركم أول مرة ..) - الإسراء (51) – (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله، فأنى يؤفكون ؟ !) -.
وأما بطلان الثاني فمسلم به.
وأما الملازمة فبيانها أن المعاد مثل المبدأ، بل عينه، ولأن الكلام في إعادة المعدوم بعينه - أي جميع أفراد الإنسان بعينهم أي بذراتهم التي أخذت صورة مختلفة عن صورة المادة التي كان عليها حيث تبخرت غازا وتحولت ترابا - ويستحيل كون الشيء ممكنا في وقت - بأن وجد، فوجود الإنسان يدل على إمكانية وجوده - ممتنعا في وقت - بأن يكون تحوله لغاز وتراب محيلا لوجود مرة أخرى- للقطع بأنه لا أثر للأوقات فيما هو بالذات - أي أن الزمن لا علاقة له بخلقه، فهو ظرف للأحداث، غير مؤثر في الشيء القائم بذاته عند ابتداء وجوده ، أو عند إعادة وجوده-
ولا جائز أن تمتنع إعادة المعدوم لعارض عرض له -أي اختلاف أعراض أو صفات غير لازمة، فالنوم مثلا عارض، والمرض عارض، والحركة عارضة، والسكون عارض، والتفرق عارض - إذ لو امتنعت إعادته لذلك العارض - كتفرق ما اجتمع بجسم الإنسان في حياته بالموت، وتحوله إلى تراب وغاز - لأمكن وجوده بعد عدمه عند ارتفاع ذلك العارض - أي أن العرض كالتفرق لا يدوم، وليس بصفة لازمة، فكما عرض لجسم الإنسان التفرق، فإنه لا يدوم تفرقه، وإلا كان لازما، ولو كان لازما ما اجتمع من قبل (بمعنى أنه لو كان لازما التفرق للمواد التي خلق منها الإنسان وليس بعارض يمكن ارتفاعه، لما وجد الإنسان من هذه العناصر المجتمعة) ومن ثم لا بد من وقت يرتفع فيه ذلك العارض، ويحل محله ضده وهو الاجتماع -المقتضي لامتناع وجوده بعد عدمه، بالنظر إلى ذات ذلك الشيء من حيث هو، فالموجود الثاني هو عين الموجود الأول، وبالتالي فلا وجه صحيح لمن قال : إن العود، وهو الوجود الثاني -مثل وجود الإنسان بعد موته وعدمه- أخص من مطلق الوجود، وهو الوجود الأول -مثل وجود الإنسان قبل موته وعدمه في الدنيا- ولا يلزم من إمكان الأعم، وهو مطلق الوجود، إمكان الأخص، وهو العود.
وتوضحيه أنه ما دام الموجود الثاني هو عين الموجود الأول. فلا وجه لما يقال من أن العود وهو الوجود ثانيا، أو الوجود مقيد بقيد، هو كونه بعد عدم، فيكون أخص من مطلق الوجود، وهو الوجود الأول، ولا يلزم من جواز الأعم جواز الأخص. لا يقال ذلك لبطلانه من حيث أن الوجود الثاني عين الوجود الأول، فليس في المسألة عموم وخصوص حتى يقولون بأنه لا يلزم من إمكان هذا إمكان ذاك. ثم إن المعدوم بعد وجوده ممـكن، وكل ممكن قابل للوجود، فذلك المعدوم قـابل للوجود، ودليل كون المعدوم قابل للوجود استحـالة انقلاب الشيء من كونه ممكنا إلى كونه ممتنعا.
وإما أن يمتنع لصفات صارت لازمة له، كقيام العدم بماهيته -كتحول جسم الإنسان لتراب وغاز- وبالتالي امتناع الحكم عليه، والإشارة إليه، وامتناع وجوده ثانيا لهذه اللوازم، لا يقتضي امتناع وجوده أولا، وبالتالي لا يصلح قياس إمكان وجود المعدوم ثانيا على وجوده أولا، والجواب بأن هذه الصفات لا تصير لازمة له، بل جائزة الانفكاك عنه، لماذا ؟ لأنه لو امتنع وجوده ثانيا لأمر لازم له، لامتنع وجوده أولا، كما لو امتنع لذاته ؛ لأن لازم الشيء لا يفارقه، ولا ينفك عنه، كما أن الماهية الموصوفة بامتناع الحكم عليها، والإشارة إليها، ممكنة الوجود، وليست ممتنعة الوجود لماذا ؟ لأنه كما لا تكون الماهية الموصوفة بالوجود بعد العدم - مثل وجود الإنسان في الآخرة بعد عدمه في الدنيا - واجب الوجود، أو ممتنع العدم، كذلك لا تكون الماهية الموصوفة بالعدم بعد الوجود - مثل انعدام الإنسان بموته، وتحلل جسمه لتراب وغاز- ممتنع الوجود، أو واجب العدم، بل هو أقرب للوجود.
بمعنى أنه كما أن : إمكان وجود الإنسان أولا بعد العدم، غير واجب، فكذلك وجود الإنسان ثانيا بعد العدم، غير ممتنع، بل هو أقرب إلى الوجود، والعلم دل على أن الإنسان لا ينطبق عليه ما أوردوه من قيام العدم بماهيته، والحكم عليه، والإشارة إليه، إذ لا ينعدم الإنسان كلية، بل يبقى من الإنسان عجب الذنب حاملا لصفاته الوراثية، ولا تقبل خلاياه الفناء بالطرق أو الحرق، أو الإذابة في أقوى الأحماض، وفي ذلك يقول -جل في علاه- : (قد علمنا منا تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ) -سورة ق 4- والكتاب الحفيظ هو عجب الذنب، وبدليل قول النبي -عليه الصلاة والسلام- : "ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظمًا واحدًا، وهـو عجب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة".
البعث : يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث.
◄ يدل على ثبوت البعث من بعد الموْتِ : إمكانه عقلا، فالأصل في إيجاد المعدوم وإحياء الأموات، هو الإمكان، فإعادة المعدوم :
1- إما أن تمتنع لذاته.
2- أو للازم من لوازمه.
3- أو لعارض قد يعرض له.
لا جائز أن تمتنع إعادة المعدوم لذاته. أو للازم من لوازمه. لأنه لو امتنعت إعادته لشيء من ذلك، لامتنع وجوده أولا، لكن التالي باطل، فبطل ما أدى إليه، وهو امتناع إعادة المعدوم، وثبت إمكانها.
أو بمعنى آخر : وجود الناس أولا، دليل على إمكان إيجادهم ثانيا.
فلو امتنع إيجادهم ثانيا – (من يعيدنا) - لامتنع إيجادهم أولا – (قل الذي فطركم أول مرة ..) - الإسراء (51) – (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله، فأنى يؤفكون ؟ !) -.
وأما بطلان الثاني فمسلم به.
وأما الملازمة فبيانها أن المعاد مثل المبدأ، بل عينه، ولأن الكلام في إعادة المعدوم بعينه - أي جميع أفراد الإنسان بعينهم أي بذراتهم التي أخذت صورة مختلفة عن صورة المادة التي كان عليها حيث تبخرت غازا وتحولت ترابا - ويستحيل كون الشيء ممكنا في وقت - بأن وجد، فوجود الإنسان يدل على إمكانية وجوده - ممتنعا في وقت - بأن يكون تحوله لغاز وتراب محيلا لوجود مرة أخرى- للقطع بأنه لا أثر للأوقات فيما هو بالذات - أي أن الزمن لا علاقة له بخلقه، فهو ظرف للأحداث، غير مؤثر في الشيء القائم بذاته عند ابتداء وجوده ، أو عند إعادة وجوده-
ولا جائز أن تمتنع إعادة المعدوم لعارض عرض له -أي اختلاف أعراض أو صفات غير لازمة، فالنوم مثلا عارض، والمرض عارض، والحركة عارضة، والسكون عارض، والتفرق عارض - إذ لو امتنعت إعادته لذلك العارض - كتفرق ما اجتمع بجسم الإنسان في حياته بالموت، وتحوله إلى تراب وغاز - لأمكن وجوده بعد عدمه عند ارتفاع ذلك العارض - أي أن العرض كالتفرق لا يدوم، وليس بصفة لازمة، فكما عرض لجسم الإنسان التفرق، فإنه لا يدوم تفرقه، وإلا كان لازما، ولو كان لازما ما اجتمع من قبل (بمعنى أنه لو كان لازما التفرق للمواد التي خلق منها الإنسان وليس بعارض يمكن ارتفاعه، لما وجد الإنسان من هذه العناصر المجتمعة) ومن ثم لا بد من وقت يرتفع فيه ذلك العارض، ويحل محله ضده وهو الاجتماع -المقتضي لامتناع وجوده بعد عدمه، بالنظر إلى ذات ذلك الشيء من حيث هو، فالموجود الثاني هو عين الموجود الأول، وبالتالي فلا وجه صحيح لمن قال : إن العود، وهو الوجود الثاني -مثل وجود الإنسان بعد موته وعدمه- أخص من مطلق الوجود، وهو الوجود الأول -مثل وجود الإنسان قبل موته وعدمه في الدنيا- ولا يلزم من إمكان الأعم، وهو مطلق الوجود، إمكان الأخص، وهو العود.
وتوضحيه أنه ما دام الموجود الثاني هو عين الموجود الأول. فلا وجه لما يقال من أن العود وهو الوجود ثانيا، أو الوجود مقيد بقيد، هو كونه بعد عدم، فيكون أخص من مطلق الوجود، وهو الوجود الأول، ولا يلزم من جواز الأعم جواز الأخص. لا يقال ذلك لبطلانه من حيث أن الوجود الثاني عين الوجود الأول، فليس في المسألة عموم وخصوص حتى يقولون بأنه لا يلزم من إمكان هذا إمكان ذاك. ثم إن المعدوم بعد وجوده ممـكن، وكل ممكن قابل للوجود، فذلك المعدوم قـابل للوجود، ودليل كون المعدوم قابل للوجود استحـالة انقلاب الشيء من كونه ممكنا إلى كونه ممتنعا.
وإما أن يمتنع لصفات صارت لازمة له، كقيام العدم بماهيته -كتحول جسم الإنسان لتراب وغاز- وبالتالي امتناع الحكم عليه، والإشارة إليه، وامتناع وجوده ثانيا لهذه اللوازم، لا يقتضي امتناع وجوده أولا، وبالتالي لا يصلح قياس إمكان وجود المعدوم ثانيا على وجوده أولا، والجواب بأن هذه الصفات لا تصير لازمة له، بل جائزة الانفكاك عنه، لماذا ؟ لأنه لو امتنع وجوده ثانيا لأمر لازم له، لامتنع وجوده أولا، كما لو امتنع لذاته ؛ لأن لازم الشيء لا يفارقه، ولا ينفك عنه، كما أن الماهية الموصوفة بامتناع الحكم عليها، والإشارة إليها، ممكنة الوجود، وليست ممتنعة الوجود لماذا ؟ لأنه كما لا تكون الماهية الموصوفة بالوجود بعد العدم - مثل وجود الإنسان في الآخرة بعد عدمه في الدنيا - واجب الوجود، أو ممتنع العدم، كذلك لا تكون الماهية الموصوفة بالعدم بعد الوجود - مثل انعدام الإنسان بموته، وتحلل جسمه لتراب وغاز- ممتنع الوجود، أو واجب العدم، بل هو أقرب للوجود.
بمعنى أنه كما أن : إمكان وجود الإنسان أولا بعد العدم، غير واجب، فكذلك وجود الإنسان ثانيا بعد العدم، غير ممتنع، بل هو أقرب إلى الوجود، والعلم دل على أن الإنسان لا ينطبق عليه ما أوردوه من قيام العدم بماهيته، والحكم عليه، والإشارة إليه، إذ لا ينعدم الإنسان كلية، بل يبقى من الإنسان عجب الذنب حاملا لصفاته الوراثية، ولا تقبل خلاياه الفناء بالطرق أو الحرق، أو الإذابة في أقوى الأحماض، وفي ذلك يقول -جل في علاه- : (قد علمنا منا تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ) -سورة ق 4- والكتاب الحفيظ هو عجب الذنب، وبدليل قول النبي -عليه الصلاة والسلام- : "ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظمًا واحدًا، وهـو عجب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة".
