من أحدث المقالات المضافة.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. أحمد محمد أبو عوض.
إجمالي القراءات : ﴿7313﴾.
عدد المشــاركات : ﴿722﴾.

الفلسفات التربوية «02».
■ يمكن القول أن فلسفات التربية الحديثة في الغرب تعاني من نقص في تنظيم الحاجات الإنسانية وتحقيق التكامل بين الحاجات المعنوية والحاجات الجسدية.
فالمثالية انبرت عن الحاجات الجسدية واجتزت الحاجات العليا.
أما الفلسفة الواقعية فقد انبرت عن الحاجات المعنوية واكتفت بالحاجات المادية.
أما الفلسفة البراغماتية فتذبذبت بين النوعين من الحاجات حسب تقلب الزمان والمكان.
لذلك انتهت هذه الفلسفات إلى التركيز على بقاء النوع البشري وهملت العمل على رقي النوع البشري، وصارت لا تمد الإنسان في التربية بصورة واضحة عن الغاية التي خلق لأجلها ولا الكيفية التي حدث بها هذا الخلق والى أين سينتهي مصيره.
كما أن المفهوم الذي قدمته عن علاقة الإنسان بالإنسان وعلاقات الإنسان بالكون والمحيط هو مفهوم غائم مضطرب متناقض يتعرض للتبديل والنقص من آن لآخر، لذلك هبطت الفلسفات عن الهدفين الأساسيين : بقاء النوع البشري ورقيه، وانحسرت غاياتها وأهدافها في تسليح أعراق بشرية معينة لتعيش على حساب أعراق أخرى (البقاء للأقوى).
كذلك انعكس النقص في الغايات والأهداف على الوسائل سواء أكانت وسائل المعرفة أم وسائل التطبيق المعرفي والتربوي, فاقتصرت مناهج المعرفة المنبثقة عن الفلسفات التربوية الحديثة على العقل والحواس وأهملت الوحي. وغياب الوحي الصحيح من مناهج المعرفة المذكورة أدى إلى مبالغة هذه المناهج في دور العقل واستعماله في غير ميدانه والتصور أنها من خلال العقل وحده ستخترق الوجود المحسوس إلى عالم الغيب كله وتكشف عن مصدره وخلقه ومصيره، ثم تستثمر هذه المعرفة لبقاء النوع البشري ورقيه. وحينما فشلت في تحقيق ذلك انحسرت في قوقعة العالم المادي المحسوس وأقامت تطبيقاتها التربوية طبقا لهذه الدائرة الضيقة. ولكن هذه التطبيقات فشلت ولم تستطع حتى الين تحقيق الهدف الأدنى هدف بقاء النوع البشري والحفاظ عليه.
كذلك اقتصرت المعارف والعلوم المتولدة من خلال وسيلة العقل والحواس وحدهما على الميادين المادية المحسوسة دون أدنى معرفة عن قضايا المنشأ والمصير. ولقد انعكست هذه الجزئية في المعرفة والتربية على ميدان الحياة المادية نفسها حيث لم تقدم فلسفات التربية الحديثة تصوراً واضحاً عن علاقة الإنسان بالحياة بل قدمت تصور مبعثه دوافع الإنسان وغرائزه وخلاصة هذا التصور إن الحياة الراقية هي معرض استهلاك ونتيجة لهذا النقص لم تستطع أن تبلور القيم اللازمة لتقييم ثمار المعرفة وتركتها لتتشكل في حدود رغبات الأفراد وحاجاتهم المادية كذلك فصارت القيم كمناديل الورق التي تستعمل لا زالت القاذورات العالقة بالأيدي والثياب ثم إلقاءها في سلة المهملات.

image الفلسفات التربوية «1».
image الفلسفات التربوية «2».