من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

مثلث الكوتش ﴿4494﴾.
بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : خالد صابر خان.
إجمالي القراءات : ﴿7286﴾.
عدد المشــاركات : ﴿122﴾.

التقاعد ليس نهاية المطاف.
■ المتقاعد رجل هدته السنون، أمضى جل حياته في الوظيفة واكتسب خبرة لا يستهان بها في مجال عمله وأحيل للتقاعد لبلوغه السن القانونية وقد يكون في قمة نشاطه وأكثر إنتاجية ولكن حيل بينه وبين عمله لتقاعده. أفلا يستحق منا نظرة تكريم له ولمسة وفاء تقديراً لما قدمه من جهد خلال سنوات عمله يستحق منا وقفة إجلال له. وقفة ترفع من معنوياته. وقفة تجعله يشعر بأنه مازال محل تقدير واحترام زملائه ومحبيه وبأنه وإن تقاعد عن العمل لم يتقاعد عن مسيرته في الحياة.
المتقاعد قد يشعر بأن دوره انتهى، وأنه لم بعد هناك حاجة إليه، وأنه سوف ينسى، ولن يعيره أحد الاهتمام كما كان في سابق عهده، وربما يصاب بكآبة وإحباط عندما تحين ساعة التقاعد، وعندما ينقطع عنه زملاؤه الذين كانوا معه في عمله.

حضرت شخصياً حفلة تكريم لأحد الزملاء المتقاعدين فلفت نظري أنه بالرغم من ابتسامته إلا أن هناك مسحة حزن على وجهه، فتساءلت حينها ترى ما السبب ؟
هل سأكون مثله عندما أتقاعد ؟ علماً بأنه تقاعد عن العمل وهو في قمة نشاطه بل من أنشط المدراء الذين عرفتهم في حياتي. ولكن هي سنة الحياة. لماذا يحاول بعضهم تحطيم معنويات المتقاعد وتكسير مجاديفه ؟ يخبره بأن يلزم سجادته ويتفرغ لطلبات البيت والزوجة وكأنه لم يعد يصلح لأي عمل أخر، يشعره بطريقة غير مباشرة بأنه لم يبقى لديه سوى انتظار المصير المحتوم !
ألا يعلم هؤلاء أن بعض المتقاعدين ربما يكون أكثر نشاطا منهم وأكثر إنتاجية.
ألا يعلم هؤلاء أن بعض المتقاعدين كان أكثر انضباطاً والتزاماً من زملائه بالدوام عند تقاعده.
ألا يعلم هؤلاء أن بعض المتقاعدين كان مبدعاً ومنظماً في عمله وكان يمكن أن بكون أكثر إبداعاً لولا تقاعده.
ألا يعلم هؤلاء أن المتقاعد لديه خبرة يمكن أن يستفاد منها وأن بصماته في عمله تبقى بعد تقاعده.
ألا يعلم هؤلاء أن المتقاعد في حاجة إلى من يشعره بأنه ما زال قادراً على العطاء لولا تقاعده.
ألا يعلم هؤلاء بأن دورهم آت لا محالة وسيحالون يوماً إلى التقاعد.
ألا يعلم هؤلاء أن المتقاعد لديه أحاسيس ومشاعر يجب مراعاتها عند ساعة تقاعده يجب أخذها بعين الاعتبار عند التحدث إليه لأن بعضهم للأسف يتحدث إليه في حفل التقاعد وكأنه يواسي المتقاعد ويعزيه في فقد وظيفته بقوله (الله يعينك الله يجعل خاتمتك حسنه، خذ لك سجادة وألزم مصلاك، روح شوف طلبات المدام) هذا الكلام لا غبار عليه وكلها أعمال حسنة ولكنها تقال وكأنها دعوة لاعتزال الناس والمجتمع.

وأقول للمتقاعد لا تستسلم ولا تعير أهتماماً لما قد تسمعه من الآخرين بل يجب أن يكون التقاعد دافعاً لك لبداية حياة جديدة لممارسة ما تريده من أعمال وهوايات محببة إليك كنت تعجز عن القيام بها عندما كنت على رأس العمل ولا تجد الوقت الكافي لها.
ما أجمل أن يكون التقاعد فرصة لصلة الأرحام وتفقد أحوالهم وللقيام بالأعمال الخيرية التي تقربه إلى الله.
ما أجمل أن لا يبخل المتقاعد بخبرته لمساعدة من التحقوا بالعمل حديثاً.
ما أجمل أن يقوم المتقاعد بمساعدة المحتاج وأن يفرج كربته.
ما أجمل أن يخصص المتقاعد وقتاً لزيارة أصدقاؤه القدامى والسؤال عنهم.
ما أجمل أن يتحلى المتقاعد بابتسامة تعلو محياه وبسعة الصدر عند التعامل مع زوجته شريكة حياته التي شاركته هموم الحياة وأن يكون لطيف المعشر معها عرفاناً منه بدورها في تربية الأبناء.
ما أجمل أن يخصص المتقاعد وقتاً للسؤال عن جيرانه وزيارة المريض منهم ومشاركة أفراحهم وأتراحهم.
هناك الكثير من الأعمال يمكن أن يقوم بها المتقاعد إذا أحسن استغلال وقته بما يعود عليه بالنفع في دنياه وأخرته. يجب أن لا يستسلم ويتقاعد عن الحياة كما تقاعد عن العمل. وقد ورد عن الإمام علي كرم الله وجهه (أعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا وأعمل لأخرتك كأنك تموت غدا).

■ ما ذكرته عن المتقاعد هو مجرد وجهة نظر، فإن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي، والله من وراء القصد.