×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
  • ×
×
  • ◄ الوثيقة.
  • ◄ الأقسام.
  • ◄ المثبتة.
  • ◄ الأعضاء.
  • ◄ الأكثر قراءة «1».
  • ◄ الأكثر قراءة «2».
  • ◄ القرآن.
  • ◄ استقبال المشاركات.
  • الأعضاء
  • ﴿المقالات﴾
    • ريادة الأعمال في المملكةِ العربيةِ السعوديةِ : فرص وتحديات نحو النمو.
    • تحقيق المخطوطات : الخطوات - الشروط والأهمية - القواعد والمناهج.
    • تاج الحضارة : المفهوم ــ الواقع ــ الإشكالية «2» - تأملات.
    • الاتجاهات النفسية الاجتماعية «3» ــ بحث علمي.
    • تاج الحضارة : المفهوم ــ الواقع ــ الإشكالية «1» - تأملات.
    • الأدب الإسلامي : (الأسس والقيم والمعايير) ــ محاضرة علمية.
    • فيلسوف بدون فلسفة ــ محاضرة علمية.
    • الإبداع (الماهية والمعوقات في عالمنا العربي) ــ محاضرة علمية.
    • قال يا ويلتا أَعجزتُ أنْ أكون مِثل هذا الغراب : تأملات.
    • ستة سيجما : (التعريف ــ النشأة) العلاقة بالجودة.

    الرئيسية.

    ■ 02- قسم : الثقافة الأسرية.

    د. عبدالخالق سيد أحمد أبو الخير
    د. عبدالخالق سيد أحمد أبو الخير.
    إجمالي المشاركات : ﴿35﴾.
    1432/09/01 (06:01 صباحاً).

    فإذا فرغتَ فانصبْ ۝ والى ربكَ فارغبْ : الشباب والفراغ بين الإنجاز والضياع.

    ■ قال أبو العتاهية ــ رحمه الله :
    بكيت على الشباب بدمع عيني = فلم يغن البكاء ولا النحيب
    فيا أسفا أسفت على شباب = نعاه الشيب والرأس الخضيب
    عريت من الشباب وكنت غضا = كما يعرى من الورق القضيب
    فيا ليت الشباب يعود يوما = فأخبره بما فعل المشيب

    ■ وقال أيضًا:
    إن الشباب والفراغ والجدة • • • مفسدة للمرء أي مفسدة

    ها هم أبناءنا في إجازتهم بعد أشهر من الدراسة مرت كلمح البصر.. وهي فراغ كبير يكون نعمة لشباب وفتيات، ونقمة على آخرين منهم، والمؤمن الحق لا فراغ عنده، بل هو في شغل دائم ما دام في الدنيا، وفترة شغله الذهبية هي فترة الشباب، والله تعالى خاطب نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ۝ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) أي: إذا تفرغت من أشغالك، ولم يبق في قلبك ما يعوقه، فاجتهد في العبادة والدعاء. ولا تكن ممن إذا فرغوا وتفرغوا لعبوا وأعرضوا عن ربهم وعن ذكره، فتكون من الخاسرين. فالمعنى إذا أتممت عملاً من مهام الأعمال فأقبل على عمل آخر بحيث تعمر أوقاتك، ولا يبقى فراغ في حياتك. قال رجل لعمر بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى: «لو تفرغت لنا، فقال عمر: وأين الفراغ؟ ذهب الفراغ فلا فراغ إلا عند الله تعالى»،
    ولو نظرنا في أحوال الصالحين من أسلافنا لوجدنا أنهم فهموا هذه الآية، وحققوا مقصدها، وعملوا بمقتضاها؛ فهم في انتقال من عمل إلى آخر. وعند فراغهم من واجبات معايشهم يشتغلون في بناء آخرتهم، وعند قضاء عمل صالح ينتقلون منه إلى آخر، فلا يبقى في حياتهم فراغ ولا بطالة، ويؤدون كل وظيفة في وقتها فلا تأجيل ولا تسويف حتى لا تتراكم الأعمال ويعسر إنجازها، أو تنجز بلا إتقان.
    وفي وصية أبي بكر لعمر رضي الله عنهما حين استخلفه على الناس قال له: "إني موصيك بوصية إن أنت حفظتها: إن لله حقا بالنهار لا يقبله بالليل، وإن لله حقا بالليل لا يقبله بالنهار، وإنه لا يقبل نافلة حتى تؤدى الفريضة". فهذا قانون في العمل يستوعب الوقت، ولا يدع مجالا لفراغ، ويؤدي إلى الانضباط والإتقان، والصحابة رضي الله عنهم أنجزوا من الأعمال والفتوح وتبليغ العلم ونشر الإسلام وبناء الدولة في سنوات قلائل ما لم ينجزه غيرهم، ولهم في كل ميدان أعمال، وفي كل مجال إنجاز، حتى طغت أعمالهم ومنجزاتهم على سنوات أعمارهم.
    ومن يصدق أن أبا بكر ما تولى الخلافة إلا سنتين، فكسر فيها المرتدين في أنحاء الجزيرة، وجمع القرآن، وناوش الفرس والرومان، وثبت أركان الدولة، وقضى على النفاق والردة، كل ذلك في سنتين فقط، وهكذا من بعده من الخلفاء، ومن سائر الصحابة رضي الله عنهم، نقرأ سيرهم فنجد إنجازات كبرى، وإنتاجًا غزيرًا مع أن أعمارهم في الإسلام قليلة؛ لأنهم بذلوا أعمارهم وأوقاتهم لله تعالى، فلا فراغ لديهم أبدًا، فبورك لهم في أوقاتهم وأعمالهم حتى فاقت منجزاتهم أعمارهم.
    وكل من حذف فكرة الفراغ من رأسه، وشغل نفسه بما ينفعه؛ كان له من الإنجاز والإنتاج ما يسره، وكأنها سنة مضطردة حتى مع الكفار، فمنهم من كان له إنتاج كثير جدًّا، لا يقدر عليه الجماعة من الناس، ولو قرئت سيرهم لكان القاسم المشترك فيها أنه لا فراغ عندهم، ولا تضييع للوقت فيما لا نفع فيه.
    ولقد كان الصغار من أبناء أسلافنا يناطحون الكبار في هممهم، ويتطلعون إلى تبوء منازلهم، ولا يحقرون في المعالي أنفسهم، ويشغلون فراغهم فيما ينفعهم، ومن ذلك ما روى البخاري من حديث ابن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: "إِنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانُوا يَرَوْنَ الرُّؤْيَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُصُّونَهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ الله، وَأَنَا غُلاَمٌ حَدِيثُ السِّنِّ، وَبَيْتِي المَسْجِدُ قَبْلَ أَنْ أَنْكِحَ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَوْ كَانَ فِيكَ خَيْرٌ لَرَأَيْتَ مِثْلَ مَا يَرَى هَؤُلاَءِ..." وقد رأى رؤيا كانت سببًا في محافظته على قيام الليل، والشاهد هنا: أنه كان يقيس نفسه بالكبار، ويزري بها لما لم تصل إلى ما وصلوا إليه، حتى بلغ مناه، ورأى ما يرون. وفي شباب التابعين عروة بن الزبير رضي الله عنهما، الذي صار من كبار فقهاء المدينة، وما نال الفقه والعلم إلا بشغل فراغه بما ينفعه، وجانب ما لا نفع فيه، وكان يجيل فكره في آيات القرآن يستخرج العلم والفقه منها، ويسأل عما أشكل عليه يقول رحمه الله تعالى قلت: «لِعَائِشَةَ زَوْجِ النبي صلى الله عليه وسلم وأنا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ أَرَأَيْتِ قَوْلَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا) فَمَا أُرَى عَلَى أَحَدٍ شَيْئًا أَنْ لاَ يَطَّوَّفَ بِهِمَا؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: كَلَّا، لَوْ كَانَتْ كَمَا تَقُولُ، كَانَتْ: فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَطَّوَّفَ بِهِمَا... " الحديث.
    فاستشكل معنى الآية وهو حدث صغير، ولولا تدبره للقرآن، واشتغاله بما فيه من الفقه لما استشكل ذلك، فلا عجب أن يكون بعد ذلك من كبار الأئمة في الفقه؛ لأنه شغل صباه وشبابه في العلم، ومن أتباع التابعين الإمام المشهور مالك صاحب المذهب، وما كان له أن يكون إماما لو أضاع مقتبل عمره، وسنوات شبابه في الفراغ والبطالة، قَالَ رحمه الله تعالى: "كُنْتُ آتِي نَافِعاً، وَأَنَا غُلاَمٌ حَدِيْثُ السِّنِّ...فَيَنْزِلُ مِنْ دَرَجِه، فَيَقِفُ مَعِي، وَيُحَدِّثُنِي، وَكَانَ يَجْلِسُ بَعْدَ الصُّبْحِ فِي المَسْجِدِ، فَلاَ يَكَادُ يَأْتِيْهِ أَحَدٌ". إنه لم يسلك جادة أقرانه، واختص بنافع وحده، فحين زهد الطلبة فيه لازمه هو، وأين ذكر أقرانه؟! وذكر مالك قد ملأ ما بين الخافقين، ومذهبه في الفقه والفتيا بلغ المشرقين، قالت حفصة بنت سيرين رحمها الله تعالى: "يا معشر الشباب، خذوا من أنفسكم وأنتم شباب؛ فإني والله ما رأيت العمل إلا في الشباب". وهي وصية جربتها هذه المرأة الصالحة، ووعاها الكهول والشيوخ، ولكن أكثر شباب اليوم وفتياتهم في غفلة عنها؛ فأوقاتهم تضيع هدرًا، وأعمارهم تذهب سدى، ولم يحققوا شيئًا يستحق ما عاشوه من أعمار ينفع أمتهم، ويخلد ذكرهم، ويرثه من بعدهم، والأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورثوا العلم فمن أخذه فقد أخذ بحظ وافر، والعلماء كذلك لم يورثوا للأمة مالاً، وإنما ورثوا العلم، وإنما ورث المال تجار الأمة وأثرياؤها وملوكها، فذهب المال، واندرس ذكر أهله، وبقي العلم وبقي ذكر أهله، سواء كان علمًا دنيويًّا انتفع به الناس، أو كان علمًا أخرويًّا وهو الأفضل ،إن أعظم مشكلة تواجه الآباء والأمهات مع أولادهم هي أيام الإجازات حيث العطالة والبطالة، فلا محاضن تربوية مغرية تستوعبهم، وتشغل أوقات فراغهم، ولا مؤسسات ربحية تشغلهم وتدربهم وتشجعهم، حتى الأحياء السكنية لا يوجد فيها ما يستوعب شباب الحي فيما ينفعهم إلا جهودا تطوعية اختيارية، ضعيفة القدرات والإمكانات، لا تستوعب إلا القليل منهم، إن أعظم استثمار تستثمره أمة من الأمم هو الاستثمار في الإنسان ببنائه وتعليمه وتأهيله، والأمم المتقدمة في الصناعة ما تقدمت إلا ببناء الإنسان بناء صحيحا، وأفضل مرحلة للاستثمار في الإنسان هي مرحلة الشباب؛ حيث القوة والذكاء والإقدام. إن للشباب إقدامًا ومواهب إذا ما صرفت فيما ينفع صرفها الشباب فيما يضرهم ويؤذي أمتهم، والظواهر السيئة التي نراها من الشباب هي تعبير عن المواهب والإقدام ولكن بطريقة غير صحيحة.
    إن الفراغ قاتل لأصحابه، وإن تهميش الشباب عن أدوارهم في الحياة، والحيلولة بينهم وبين مهماتهم اللائقة بهم أفرز جيلا من الشباب والفتيات كثير الضجر والملل، دائم الشكوى والتأفف، لا ينفك عن طلب الترفيه والإسراف؛ لطرد الملل والسأم، ولم يستطع ذلك رغم ما يمتلكه من وسائل الراحة والرفاهية.. تراه إن خرج من بيت أهله أصابه الملل، وإن عاد إليه صاحبه الضجر، لا يدري ماذا يريد؟ وسبب ذلك عجزه عن إنجاز أي شيء، وإحساسه أنه مجرد رقم في البشر، لا أثر له عند أهله ولا مجتمعه ولا أمته.. هذا الإحساس القاتل هو الذي أفرز جنون الشباب فعبروا عنه بما ترونه من أذية أنفسهم وأذية الآخرين، إنكم ترون عمال البناء يعملون أعمالاً شاقة تحت الشمس اللافحة والحر الشديد، والواحد منهم يترنم بأنشودة وهو يعمل، ولا يصيبه الضجر والملل رغم بُعده عن أهله وذويه؛ لأنه لا فراغ لديه للملل والسأم، ويحس بطعم الحياة؛ لأنه ينجز شيئًا لنفسه وأهله. بينما الفارغ من شبابنا يمل من كل شيء، ويرى هؤلاء العمال فيرحمهم وهو أولى بالرحمة منهم فهم في شغل وإنجاز وسعادة، وهو في فراغ قاتل يفتك به. وليعلم كل شاب أنه حين يجد نفسه في فراغ فليستعد للهم والغم وأنواع الأمراض النفسية؛ فالفراغ يجعل الإنسان لا شيء، وينقله من ميادين الأعمال إلى مخادع الأوهام والأحلام، ومن الإنجاز والإنتاج إلى العطالة والبطالة..
    هذا الفراغ الذي هو مع الصحة نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، وهما سبب العمل والإنتاج، ينقلبان إلى سلاحين فتاكين، يفتكان بالأفراد والأمم إذا لم يستثمرا استثمارا صحيحًا، (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ۝ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ).

    ■ واختم مقالي لبيتين جملين لأبي السبطين علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين قال عن زمن الشباب :
    شيئان لو بكت الدماء عليهما • • • عيناي حتى تأذنا بذهاب
    لن تبلغ المعشار من حقيهما • • • فقد الشباب وفرقة الأحباب

    هذا ما جاد به القلم وسمح به الوقت فإن أصبت فمن الله وحده وإن أخطأت فمني ومن الشيطان الله واستغفر الله من زلل وخطأ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
    ■ انطلاق منتدى منهل الثقافة التربوية: يوم الأربعاء المصادف غرة شهر محرم 1429هـ، الموافق التاسع من يناير 2008م.
    ■ المواد المنشورة في مَنْهَل تعبر عن رأي كاتبها. ويحق للقارئ الاستفادة من محتوياته في الاستخدام الشخصي مع ذكر المصدر. مُعظَم المقالات أعيد ترتيب نشرها ليتوافق مع الفهرسة الزمنية للقسم.
    Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
    Copyright© Dimensions Of Information.