من أحدث المقالات المضافة.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : بخيت عبدالقادر الزهراني.
إجمالي القراءات : ﴿12064﴾.
عدد المشــاركات : ﴿24﴾.

طبيعة العلاقة بين المعلم والتلميذ في مؤسسات التعليم.
■ المعلم بديل للأب. يمر الطفل خلال السنوات الأولى من حياته بخبرات عدوانية بسبب ما يفرضه الوالدين عليه من قيود تكون أحياناً مصحوبة بالقسوة، هذه المشاعر التي كان الطفل يوجهها نحو الوالدين تتحول إلى أشخاص آخرين يشغلون عملاً له من طبيعته عمل الوالدين ولهذا يجد المعلمون أنه قد تحولت إليهم نفس المواقف التي كان الطفل يقفها حيال والديه، فنجد التلميذ الذي يكره والده بسبب قسوته عليه، قد يجد في المدرس متنفساً لا يستطيع أن يجده في المنزل، فتنتقل الكراهية الناشئة من قسوة الوالد إلى المعلم بحكم ما بين المعلم والوالد من أوجه الشبه في عقل الطفل وقد تنشأ كراهية التلميذ لمدرسه لأسباب أخرى منها شعور الطفل بعدم الأمن بسبب ما يحدث في الأسرة من شجار بين الوالدين أو مرض أحدهما أو تدهور اقتصادي يصيب الأسرة .. الخ، كل ذلك يجعل الطفل يفقد الثقة بنفسه وبالناس وبالمدرسة وبالمدرسين، وهنا يتخذ التلميذ من السلطة ممثلة في مدرسية هدفاً للعدوان.
والواقع أن المعلم بالنسبة إلى الطفل أب في صورة جديدة، وعواطف الطفل نحو الأب عواطف متناقضة تتضمن المحبة القوية والكراهية القوية والطفل يميل إلى كبت الكراهية، بل وإعلاء عناصرها بتحويلها إلى كراهية الشر والرذيلة والاعتداء فالمدرس هدف لما قد يكون مكبوتاً من كراهية الطفل لأبيه وإذا كان سلوكه مع تلاميذه سلوك جبروت وعسف فإن هذا يشجع على تحيل شخصه بعوامل الكراهية، بل وأكثر من ذلك فإن المدرس يملي على الأطفال طرق السلوك ومبادئ الأخلاق وفكرة الواجب، يمزج هذه الأفكار في أنفسهم بصورة العسف والقهر فتصبح هذه الأفكار والمبادئ نفسها محملة بآثار الصراع والكراهية، فيخلق أطفالاً قد يعملون الواجب ولكنهم لا يحبونه، يخلق أشخاصاً قد يكونون طيبي الخلق ولكنهم غير سعداء بطيب خلقهم، يعملون الواجب ويتبعون الفضيلة بنفس الروح التي تجعلنا نتجرع الدواء المر والجرعة المقززة.

يجب على المدرس إذن أن يغلب جانب الحب في نفس التلميذ لكي يساعده على إعلاء نزاعه ولكي يسهل له في مستقبل حياته الهدوء والسعادة فيجعله سعيداً بأن يعيش، سعيداً بأن يؤدي الواجب يجب أن يكون الأب الذي يهيئ لأبنائه الصغار الجو المناسب الذي يميلون إليه فكم من معلم محبوب أثر في تلاميذه أكبر الأثر فجعلهم يشغفون بأقل الأشياء جاذبية وأكثرها جفافاً.
وهناك ناحية أخرى تبين أهمية الدور الذي يقوم به المعلم كأب بديل، فبعض الأطفال لا يشعرون بالأبوة الحقيقية، وهم لذلك يبحثون عن علاقات عاطفية مع شخص ما يستطيع أن يحل محل الوالدين.
وهنا يحين للمعلم فرصة مواتية لأن يقدم لهؤلاء الأطفال القلقين المضطربين ما يحتاجون إليه من عطف وأمان والغريب أن هؤلاء التلاميذ الذين يكونون في أشد الحاجة إلى محبة المعلم وعطفه واهتمامه، هم الذين لا يمكن احتمالهم بسبب ما يصدر عنهم من سلوك شاذ، ذلك أنهم يتباهون بأعمال الشغب والعدوان داخل فصل الدراسة.