من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

أبلة كوثر ﴿2921﴾.
بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. حمدادو بن عمر.
إجمالي القراءات : ﴿7621﴾.
عدد المشــاركات : ﴿6﴾.

عبدالباقي بن زيان الشعاعي : شيخ.
■ التعريف بالشيخ عبدالباقي بن زيان الشعاعي (1857 - 1927م /1274 - 1348هـ) :
لقد صدق القائل : "يفنى الرجال وتبقى مآثرهم عبر مرّ العصور والأزمنة"، لابد لنا أن نستلهم نحن الباحثون والدارسون والمؤرخون من تجارب أسلافنا وتوظيفها أحسن توظيف، ومحاولة تنقيحها وتحقيقها وإضافة ما يمكن إضافته من معارف وخبرات تتناسب ومتطلبات عصرنا اليوم وأقصد بذلك تراثهم العربي الإسلامي، من خزائن مخطوطات ومكتبات التي تحوي مما لا شكّ في طياتها كنوزا وأسرارا قد لا تعدّ ولا تحصى، فيا يلهف نفسي على ضياعها وإهمالها، وتركها فريسة سهلة المنال في يد المستشرقين غير المنصفين يعبثون بها كيفما شاؤوا، ولربّما وظفّوها لأغراضهم.
ومن بين هذه الخزائن خزانة الشيخ عبدالباقي بن زيان الشعاعي بوادي الجمعة التابعة لولاية غليزان وقد حاولنا أن نشير إليها ونلفت انتباه الباحثين إليها كسابقاتها - خزانة الشيخ البشير محمودي بالبرج - وهذا حتىّ يتسنىّ للباحثين التعرّف أكثر على تراث أجدادهم والعناية به ولما إخراجه من دائرة النسيان.

● نسبه :
هو الشيخ عبدالباقي بن أحمد بن محمد الطاهر بن محمد بن محمد بن أحمد بن الطاهر بن زيان الحاج بن يوسف بن زيان بن الشيخ محمد العربي المكنى بابن شعاعة الشريف الحسني الإدريسي، كما أورده الشيخ سعيد العقباني التلمساني في إحدى تآليفه.

● ولادته :
ولد الشيخ عبدالباقي يوم الأحد 11 جمادى الأولى عام 1274هـ الموافق لـ 1857م، وهو ما تثبته لنا بعض الوثائق التاريخية الهامة التي نقلت بخط المؤلف بقوله : قد وجدت بخط عمي الشيخ مصطفى بن الطاهر بن زيان الشعاعي في شأن تاريخ زيادتي ما نصه : الحمد لله وحده ازداد لأخينا الشيخ أحمد مولود وسميناه عبدالباقي على الشيخ عبدالباقي المصري الشارح - شارح مختصر خليل - في شهر الله المعظم جمادى الأولى في يوم الأحد لانقضاء إحدى عشر يوماً من سنة 1274هـ، انتهى حرفاً بحرف وكتب عبدالباقي أحمد.

● تكوينه وستده العلمي :
تعلم الشيخ عبدالباقي بن زيان الشعاعي مبادئ القراءة والكتابة على ثلة من الشيوخ الأجلاء المعروفين بالباع الطويل في العلوم العقلية والنقلية، فحفظ القرآن الكريم ثمّ تلقى علوم الشريعة من فقه وتفسير وعلوم اللغة على يد علماء جزائريين بارزين وآخرين من الدول الشقيقة كفلسطين مثلاً.

● شيوخه :
لقد نهل الشيخ عبدالباقي صور العلم والمعرفة على بعض العلماء والشيوخ ذوي الزاد المعرفي الكبير، والأسلوب الحضاري الذي اتسم به هؤلاء العلماء والشيوخ، محولة منهم في تعليمه لتلاميذهم ومريديهم حتى يتسنىّ للخلف حمل راية علم السلف ومن ثمّ تبليغه للأمةّ المحمدية جمعاء.
• الشيخ عبدالقادر بن عدة البوعبدلي.
• الشيخ سيدي الحاج محمد بن أحمد بن عبدالرحمن العزاوي.
• الشيخ علي نور الدين اليشروطي، مكث الشيخ عنده إلى أن حصل له الآذن في الطريقة الشاذلية اليشروطية.
• الشيخ المولود بن الحسين الشعيبي.

● رحلته في طلب العلم :
بعد أخذ الشيخ لمبادئ القراءة والكتابة على يد علماء منطقته، كان لزاما عليه أن ينمي معارفه على يد علماء خارج منطقته أولاً ثمّ خارج وطنه الأم ثانياً، وكان الأمر كذلك فأخذ علوم الشريعة والحقيقة علي يد الشيخ عبدالرحمن العزاوي السالف الذكر بزاويته بجبل تاغيت، ليسافر إلى مدينة أخرى وهي مدينة تنس ويأخذ العلم الشرعي على يد الشيخ المولود بن الحسين الشعيبي، وفي حدود سنة 1305هـ الموافق لـ 1888م يحج الشيخ عبدالباقي حجته الثالثة وهناك حصل للشيخ عبدالباقي الإذن المحمدي من طرف شيخه عبدالرحمن العزاوي الشهير بالهبري السالف الذكر.
بعدها يسافر الشيخ إلى فلسطين ليأخذ من علم شيخه الشيخ علي نور الدين اليشروطي، ويحصل له الإذن في الطريقة الشاذلية اليشروطية.
وفي حدود 1910م فرّ الشيخ من وطنه بسبب فرض فرنسا الاستعماري لقانون التجنيد الإجباري، وقررّ الهجرة إلى بلد إسلامي فاختار بلاد الشام وراح يتنقل ما بين بلاد الشام وفلسطين، واستقر المقام به بمدينة نابلس وهناك وضعت زوجته مولودا سمته النابلسي في 14 جمادى الأولى 1313هـ.

● عودته إلى الوطن :
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى عام 1918م عاد الشيخ عبدالباقي مريضا وعلى الرغم من ذلك حكمت عليه السلطات الاستعمارية بالنفي ووضع تحت الإقامة الجبرية بزاويته، ويتم له الخروج إلا بوجود ترخيص من الإدارة الفرنسية بغليزان، وبعد مكوثه مدة سنتين بمنفاه طلب من الحكومة الفرنسية السماح له بالانتقال إلى مدينة وهران وهناك كثرت زواياه وكثر مريدوه.

● الشيخ عبدالباقي والسلطات الاستعمارية :
لقد ناضل الشيخ عبدالباقي على قضيته الوطنية فراح يحرّض شعبه على تلك الانتهاكات التي كان يقوم بها الاستعمار الفرنسي بالجزائر، ويوعيه ويجمع مريديه حوله حتى يقفوا في وجه السلطات الاستعمارية ومطالبتها باستقلال الجزائر ومحاولة شعبها تقرير مصيره بنفسه.
ونظراً لمواقفه الواضحة والصلبة اتجاه الاستعمار الفرنسي، أصبح الشيخ عبدالباقي متابع قضائيا من طرف البوليس الفرنسي متابعة دقيقة تراقب كل تحركاته، وكانوا يكتبون ذلك ويسجلونه في تقاريرهم اليومية، ممّا زج به في السجن بعين تموشنت.

● مؤلفاته : خلّف الشيخ كما وافرا من المخطوطات النفيسة والكتب القيمة منها :
• كتاب الجواهر وهو كتاب يتناول مباحث فقهية وعقائدية.
• ديوان شعري به قصائد صوفية.

● تلاميذه :
كوّن الشيخ عبدالباقي جيلا لا يستهان به طلبة العلم والأئمة والأساتذة الذين استلهما من الشيخ روح الوطنية والجهاد والذبّ عن حمى الإسلام من جهة، وكيفية توظيف العلم الشرعي والحقيقي في حياة الفرد والمجتمع، وحتّى ينشرون ويبعثون القيم والمثل العليا التي استمدوها من فكر الشيخ وضحى من أجلها، من هؤلاء التلاميذ نذكر :
• الحبيب بن عبدالمالك.
• قدار محمد شارف.
• الشيخ بن شهرة.
• الحبيب شرفاوي.
وغيرهم كثير لا يتسع المقام لذكرهم.

● وفاته :
توفي الشيخ عبدالباقي يوم 15 سنة 1927م / 1345هـ بعد مسيرة حافلة بالعطاء المعرفي، ترك في انفس مريديه عمقاً وبعداً إنسانياً وحضارياً يعجز الواحد منا اليوم عن التحلي بمثله، فجزا الله عنّا شيخنا كل الجزاء وأسكنه الله فسيح جنانه آمين يا رب العالمين.
وقد تولى أمر الزاوية من بعده ابنه الشيخ النابلسي فكان يدرس بها إلى أن وافته المنية سنة 1375هـ / 1956م، ليتولى شؤونها فيما بعد الشيخ المداني وابنه الشيخ سيدي عبدالرحمن بن زيان مدير الشؤون الدينية والأوقاف لولاية مستغانم، فسدد الله خطاه وجعله خير خلف لخير سلف.
وإليك أخي الباحث فهرسة خزانة الشيخ عبدالباقي الشعاعي كما سجلها ابنه الشيخ محمد النابلسي بن عبدالباقي وبخط يده، هذا تقييد ما لدينا من الكتب وكنت عازما على أن نجعل كل فن على حدة ليسهل التفتيش عليها، ولماّ لم أجدها مستحضرة في ذهني مرتبة، عدلت إلى تقييدها كيفما تيسر.