بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : محمد عبدالعزيز الحارثي.
إجمالي القراءات : ﴿3224﴾.
عدد المشــاركات : ﴿31﴾.

من سمات العلماء وطلاب العلم : التسبيح
هناك فئة من الناس يحرمون أنفسهم في مجالسهم وسياراتهم، وفي مكاتبهم وأوقاتهم من ذكر عظيم خفيف على اللسان عظيم عند الله، ودواء للقلب وعلاج للعقل وغذاء للروح؛ تلهج به ألسنة أهل الجنة ورد في القرآن الكريم بلفظه أكثر من ثمانين مرة، وورد بمعناه في القرآن كلِّه، هو - من أحب الكلام إلى الله، ومن أفضل الذكر عند الله، ما رطب به المؤمن لسانَه إلا وعظّم اللهَ تعالى وأثنى عليه ونزهه عن صفات المخلوقين ونزهه من كل نقص، هذا الذكر يكفر الله به خطايا المذنبين ويثقل به يوم القيامة ميزان الصالحين يوم تخف موازينُ أهل الشقاء والضياع موازينُ المغضوب عليهم والضالين.
إنّه التسبيح.
قال تعالى في سورة الأحزاب: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42)] ومعنى التسبيح أن ننزه اللهَ عن كل نقص وسوء لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ، إذا قلنا سبحان الله فهذا يعني أن الله هو الواحد الأحد الفرد الصمد، لا مثيل له ولا شريك له ولا ضد له ولا ند له خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ، فسبحان من لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار. سبحان من يرى مَدَّ الْبَعُوضِ جَنَاحَهَا في ظُلْمَةِ اللَّيْلِ الْبَهِيمِ الألْيَلِ وَيَرَى نِيَاطَ عُرُوقِهَا في نَحْرِهَا وَالْمُخُّ مِنْ تِلْكَ الْعِظَامِ النُّحَّلِ، سبحان من يسبح له من في السماوات والأرض، سبحان الواحد الأحد المنزه عن ظلم أي أحد [إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40) سورة : النساء]، سبحان الله تعني أن الله لا يأمر بالفحشاء ولا يريد لعباده المنكر قال الله تعالى في سورة الأعراف: (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا ۗ قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ۖ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (28). معنى التسبيح هو أن نثبت ما أثبته الله لنفسه وأثبته رسوله من الأسماء والصفات، والإيمان بمعانيها وآثارها من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.
ما من أحد إلا ويسبح الله؛ قال الله تعالى في سورة الإسراء: [تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44)].
لقد كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُكْثِرُ مِن قَوْلِ: سُبْحَانَ اللهِ وبِحَمْدِهِ أسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إلَيْهِ؛ وهذا يدل على أن مكانة التسبيح عند الله عظيمة، وله فضائل عديدة ومن هذه الفضائل أن التسبيح مع الحمد والصلاة يشرح الصدور ويسعدها مهما كان انقباضها وضيقها وحزنها قال سبحانه وتعالى والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)، والتسبيح يفرج الله به وينجي المؤمنين عند وقوعهم في الغم والشدائد فقد نجى الله تعالى يونس عليه السلام عندما ابتلعه الحوت وكان في ظلمات ثلاث في بطن الحوت ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت. قال عز وجل في سورة الأنبياء: (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ {87} فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ)، وقال صلى الله عليه وسلم: (كلمتان خفيفتان على اللسان, ثقيلتان في الميزان, حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده, سبحان الله العظيم) وقال عليه الصلاة والسلام : ((مَن قال سُبحانَ اللهِ العظيمِ وبحَمدِه غُرِسَتْ له نخلةٌ في الجنةِ)). ومن فضائل التسبيح تكفير الخطايا مهما كثرت ففي الحديث: (وَمَن قالَ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، في يَومٍ مِئَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ ولو كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ) ولكن بشرط اجتناب كبائر المعاصي لقوله تعالى: (إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا).

أحدث المقالات المضافة إلى القسم.