من أحدث المقالات المضافة في القسم.

جميل للغاية ﴿2476﴾.
جميل .. ولكن ﴿2358﴾.

د. أكرم محمد مليباري.
عدد المشاركات : 28
1434/02/01 (06:01 صباحاً).
عدد المشاهدات :: ﴿﴿2073﴾﴾

بوحٌ روح.
الحمدُ لله وحده والصلاةُ والسلامُ على خير مرشدٍ ومعلمٍ نبينا محمدٍ وعلى أله وأصحابه إلى يوم الدين، وبعد ..
فقد أحببت أن أبوحَ إليك عزيزي القارئ، بعضاً مما يتلجلجُ في صدري؛ وأرجو أن ينال ذلك استحسانك. فأقول ومن الله الحول والطول :
ذات مرة كنت أسيرُ في أحد الطرق بالسيارة، فرأيت سيارةً تكادُ تسقط أجزاؤها و هي تصارع الطريق؛ فلم أعرف ماهي سنةَ صنعها ولم أعرف كيف كان صاحبها يقودها؛ ولسانُ حال صاحبها ربما يقول : (كم تضعني هذه السيارة المتهالكةُ في حرجٍ شديدٍ أمام الناس وأمام أصحاب السيارات الفارهة، أو حتى أصحاب السيارات العادية، فترى ماذا يقولون في أنفسهم عني وعن هذه السيارة الخَربة ؟!).
فحمدت الله تعالى ونظرت إلى سيارتي، وقلتُ : كم أنا محظوظٌ ولله الحمد فلدي سيارةٌ جيدة تُقلني وعائلتي، وتسير بنا بكل راحةٍ ورفاهية. وسألتُ الله تعالى أن يرزقَ من رأيته وهو يعاني صعوبةَ الحياة وتكاليفها، الرزق الحسن؛ وقلت في نفسي : لو أن صاحبنا لديه مالاً يكفيه لشراء سيارة جيدة؛ لربما فعل ذلك من غير ترددٍ ولكن لسانَ الحال أبلغُ من المقال ! إن الله قادرٌ على أن يضعني في موقف ذلك الرجل المسكين، فحمدت الله مرةً أخرى وسألته أن يدم علي نعمه وأن لا يحرمني إياها.

وكم من أُناسٍ يعيشون حرماناً وحياةً قاسية؛ يصارعون فيها عداوة الفقر الشرسة، التي لا ترحمهم غير أن رحمةَ الله تعالى هي أقربُ لهم، فلا يعلمون الحكمة من أن ذلك الحرمان؛ هو عطاءٌ خفي، فلو أن الله تعالى أغدق عليهم النعم تترى؛ لعاد العطاءُ نقمةً عليهم فهو سبحانه أعرف بحالهم؛ وليس لدي ما أقول غير ذلك؛ إذ أن الله عز وجل هو الكريم والمُعطي، فلا يعجزه ولا يُنقصُ من خزائنه شيء؛ ليعطيهم كل ما يتمنونه؛ ولكنه تعالى قد يدخرُ لهم ذلك في الآخرة، أو ليدفع عنهم ضراً عظيماً، لا يعلم كبره وعظمه إلا هو تعالى وهو العليم الخبير.

إن القناعةَ أعتبرها (سُلطةً وملكاً عظيماً) على النفس، فمتى ما كانت هي المتحكمة في حياتنا، وجدنا أنفسنا راضين بما آتاه الله تعالى إيانا؛ فنحمده على نعمه، ثم نقوم بتحسين ما يمكن تحسينه، أو الرضى بالقضاء والقدر.
قال بعض السلف : صحبتُ أهلَ الترف فلم أجد أكبر همّا مني، أرى دابة خيراً من دابتي، وثوباً خيراً من ثوبي، ثم صحبتُ أهلَ التواضع فاسترحت.

وهذه خاطرةٌ قد اختلجت في صدري، فأحببتُ أن أسوقها إليك عزيزيَ القارئ؛ وهي أن من نصاحبهم ونماشيهم لهم من التأثير على حياتنا؛ الشيءُ الكبير؛ فالذي يصاحبُ أهلَ العز والثراء والترف، ولم يكن مثلهم فسوف يجدُ في نفسه الشعورَ بالنقص؛ مما يترتب عليه نتائجُ كثيرةٌ، تظهرُ على حياته وتطلعاتِه بعد حينٍ من الزمان ! فنحنُ في زمنٍ قلَّ فيه - مع الأسف - من يميلُ إلى الرضى بما لديه من مُعطيات وممتلكات فالكثيرُ الكثير يركضُ ركضاً تنقطعُ فيه الأنفاسُ لحيازة ما يمكن حيازته من ملاذٍ وطيبات، مع تغافل ما أعده الله من النعيم في جنات الخلود ! والبعضُ يريدُ ذلك من أجل أن يكون في مصاف كبار القوم وعليتهم وحسب - بحسب تصنيفه - فلا يشعر هو بالنقص والدونية !
ولا أقصدُ من حديثي هذا أن يحي َالإنسانُ في شظفٍ من العيش ويقاسي مرارة الحياة ! ولكن عليه أن يتذكر من هو دونه، وأقل منه وحسب، وأن يحمد الله تعالى على ما لديه، والله وليُ الأمر والتدبير.
image الفلسفة التطبيقية : فن المقاربة.
|| د. أكرم محمد مليباري : عضو منهل الثقافة التربوية.