بسم الله الرحمن الرحيم

من أحدث المقالات المضافة في القسم.

فوائد المرض ﴿5566﴾.

اسمُ الكاتب : محمد أحمد الأكوع.
عدد المشاهدات : ﴿2141﴾.
عدد المشـاركات : ﴿56﴾.


حِملٌ ثقيلٌ .. يفطر الفؤاد ويفتت الأكباد !
قال تعالى : (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) (الحجرات : 13).
(أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَتْرُكُونَهُنَّ الْفَخْرُ فِي الْأَحْسَابِ وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ وَالْاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ وَالنِّيَاحَةُ) صحيح مسلم.
طُبِعت النفس البشرية على حب التفاخر والتكاثر, ولا سيما العرب - المتقدمون منهم والمتأخرون, إلا من رحم ربي -, ولا غرو فهم قومٌ جُبِلوا على الفخر والخيلاء, حتى أفرط بعضهم وسقط في مهلكة الكِبر, والعياذ بالله.
سطع نور الإسلام, وبُعِث خير الخلق صلوات الله وسلامه عليه متممًا لمكارم الأخلاق وحاضًا على محاسن الصفات, نابذًا العنصرية الجاهلية والتفاخر المذموم, ومهذِّبًا للفخر المحمود في الشجاعة والكرم والإيثار والمروءة وغير ذلك من ميادين المجد والسؤدد, جاعلًا من التقوى المعيار الأوحد للتمايز والتفاضل, وأذهَب عن القوم عبية الجاهلية وتعظمها بآبائها, ولم يفرق بين عربي ولا عجمي ولا بين أسود وأبيض ولا بين حبشي ولا قرشي إلا بصالح الأعمال والقربى من الرحمن, فهو السبب الذي تتقطع عنده الأسباب والنسب الذي تتضاءل عنده الأحساب.

ما سبق هو تمهيدٌ وتوطئةٌ لا محيص عنها, أيها القارئ الكريم, كي يَعمر وجدانك ويذكي شعلة إيمانك قبس من هذا الدين العظيم الذي نشر الضياء في أصقاع الأرض, هذا في المقام الأول, وآخِرًا حتى تستبعد سوء الظن وتخزي الشيطان الرجيم, وتحسن الظن بالعبد الفقير.
محبكم في الله, مسلم عربي, ولِدَ في مهبط الوحي وقبلة المسلمين, من عائلة بسيطة الحال, تعيش في هذه البقعة الطاهرة منذ قرن ونصف, وقد نُسِبوا إلى بلد عربي وانقطعت صلاتهم بأهاليهم في البلد الأم لعوادي الزمان وتصرم الأعوام, ولسبب شخصي أو بالأحرى هو خلاف عائلي أكره الجد الأكبر على شد عصا الارتحال والهجرة وحيدًا فريدًا, عندما كانت الدُول تحت راية الخلافة المحتضرة آنذاك.
لا أخفيكم بأن لقب العائلة قد سبب بعض المواقف الطريفة لمحبكم وإخوانه وأبناء عمومته فيأتيكم أحدهم ويسأل مثلاً ما هذا الاسم ؟ ممن القوم ؟ فأقول "ينحدر أجدادي من البلد الفلاني, وأنا مسلم عربي, ويقال بأننا أسديون قرشيون, وهذا لا يهمني, فكفى بالإسلام شرفًا وبدين محمد - صلى الله عليه وسلم - نسبًا", ويأتي أحد ساقطي المروءة, دينه رقيق ووجهه صفيق, ويقول لك "أنت كذا وكذا, أيها الدخيل على موطن الأصيل", فأعرض عن جهله ولا ألق بالاً لحمقه, وأسأل الله الثبات.
جاء الجيل الجديد من الأسرة, وبدأ يسأل كثيرًا, متأثرًا بمجتمعه المحيط, الذي بدأت نعرات الجاهلية تشوه صورته وتمزق لحمته, والله المستعان, أقول بدئوا يسألون ما هي قبيلتنا ؟ إلى من ننتسب ؟ فأقول وما يهمكم في هذا الأمر ؟ إذا قلت لكم بأنكم كذا أو كذا ؟ هل ستدخلون الجنة بأنسابكم ؟ أم بأعمالكم بعد رحمة ربكم ؟ فينبرى لي أكبرهم ويقول لي بأعمالنا ورحمة الكريم, ولكن الناس مستأمنون في أنسابهم, يعرفنها ليصلوا بها أرحامهم ويحفظنها لأبنائهم.
ثم أستطرد "الناس تحفظ أنسابها ولو نُسِبت لبلدانها, فالإمام الترمذي نُسب إلى ترمذ ولكن نسبه إلى بني سُليم المضرية" أطرقت مليًا ثم أثنيت على قوله, وأفضيت الأمر إليه أي أمر البحث عند المعمرين من العائلة والبحث عما يصلنا بأهلينا في ذلك البلد البعيد, مع التأكيد على التوثيق والتمحيص وأن تكون نيته خالصة للمولى عز وجل, وأن يبحث بعقلية المتشكك, ولا يقبل كل ما يلق إليه إلا بعد نقض وتدقيق شديد, فهذه أمانة سوف نُسأل عنها, وألقيت في روعه الحديث النبوي بأنه ملعون من انتسب لغير قومه, أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
بعد بحثٍ مضني - بدأ من الصفر تقريبًا - استمر ما يقارب العامان, وتواصُل مع النسابة الثقات في ذلك القُطر وغيره, مع النظر في أعمدة النسب المحققة وربطها بسلسلة العائلة, والتثبت منها في بلاد الأجداد, ولتطمئن القلوب ونُعذَر عند الواحد المعبود بأننا قد بلغنا المجهود, بلغ الأمر القيام بالفحص للحمض النووي ومقارنة الصبغة الوراثية بمثيلاتها للأقارب وللقبيلة التي ننتمي إليها, بل للقبائل القرشية والبطون الهاشمية الصريحة الموثّقة. حُسِم الأمر بأننا من نسل حبر الأمة عبدالله بن العباس رضي الله عنهما. رحماك يا ربي.
لا أخفيكم يا أحبة بأن علمي بهذا الأمر أثقل علي كاهلي ونقض علي عاتقي, ولكأن سلسلة النسب هذه قيدٌ يحيط بعنقي ويطبق على روحي ويجعل حسابي عسيرًا بين يدي ربي وخجلي كبيرًا عند مقام المصطفى صلوات الله وسلامه عليه وفي حضرة جدي رضي الله عنهما والله المستعان.
مرت بي لحظات, ولكأني ندمت على هذا البحث, وقالت لي نفسي الظلوم "رب جهل خير من علم" رحماك يا ربي.
مضى من العمر الكثير, وبقي القليل, وما زالت الذنوب كثيرة والحسنات ضئيلة ورحمتك واسعة وفضلك كبير يا رحمن يا رحيم.
يا آل محمد, يا أحفاد السبطين الحسن والحسين, يا من نحبهم بمحبته صلى الله عليه وسلم, ثقلت المؤونة وبعدت الشقة وزادت المشقة, فقد مدت لكم الأعناق ووقرت محبتكم القلوب, أيتها العترة الطاهرة الشريفة، لعمري إنه لأمرٌ عسير والولوج في المنزل ليس كمعاينته ! هذا ونحن بنو عمومتكم بنو العباس نحوم حول الحمى, فكيف بالوقوع فيه ؟ ثبتنا الله وإياكم وأعاننا على مرضاته.
|| محمد أحمد الأكوع : عضو منهل الثقافة التربوية.

التسلسل الزمني: 1433/01/01 (06:01 صباحاً).