من أحدث المقالات المضافة في القسم.

جمعان عبدالله الزهراني.
عدد المشاركات : 21
1442/11/01 (06:01 صباحاً).
عدد المشاهدات :: ﴿﴿4688﴾﴾

هموم المُتقاعِد من وظيفته ــ أسئلة تستحق الإجابة.
مر كطيف عابر من أمامي فجأة. كانت خطواته متثاقلة لقد ألقت السنوات العجاف بثقلها على قسمات وجهه الحادة. وحفرت بصمات الزمن خطوطها على خارطة جسده النحيل واشتعل الرأس شيباً.
لقد شاهدت فيه زهرة بات تذوي وتذبل. وشمعة أخذ بريقها يخفت وينطفئ ويغيب بعد أن كان يملأ الدنيا ضوء وضجيجاً وصياحاً.
لقد كان ذات يوم طاقة متجددة نشطة. وشعلة متقدة متوهجة أعطي الكثير والكثير لأرضة ومجتمعه ومواطنيه.
من منا لا يعرف هذا الإنسان الرائع الذي يعيش بيننا ولا نعيره أدنى اهتمام. يبحث لنفسه عن دور ليقوم به بعد أن أمضى سنوات طويلة من عمره في خدمتنا بروح المسؤولية والانضباطية والانتماء.
خاض مسيرة شاقة طويلة صنعها بصبره وجلده وتفانيه. كان يواصل الليل بالنهار عاشقاً لمهنته التي أحبها وظل يعشها حتى النخاع.
رسم بصماته بوضوح على كل لحظة من لحظات كفاحه ومعاناته ونقش خطواته البارزة على ساحة العطاء والإبداع لكنه بعد هذه الرحلة المضنية غادر وظيفته مكرهاً كأنه ورقه نزعت من غصن شجرة.
ودع مكتبه وطباشيره وموقعه وانزوى بعيداً عن دائرة الأضواء في ركن من أركان منزله بعد أن فقد كافة صلاحياته الوظيفية تخلى طواعية حتى عن صلاحياته المنزلية واعتبر صفراً على الشمال بعد أن كان رقماً صعباً لا يقبل القسمة ويحسب له ألف حساب في معادلة الحياة وظل ينتظر بلهفة مرتبه التقاعدي مع نهاية كل شهر ذلك المرتب الذي توقف عند رقم محدد مثلما توقف به هو الزمن عند نقطة محددة هي سن التقاعد.

■ ماذا فعلنا تجاه المتقاعد ؟ سؤال يراودني.
ماذا قدمنا لهذا الإنسان الذي أفنى زهرة شبابه من أجل صنع الغد المشرق الوضاء لجميع الأجيال وقدم ثمرة تجاربه وخلاصة خبرته وجعلها تحت تصرفنا في كل مكان في المدرسة في المستشفى في المصنع في كل موقع خدمي وإنتاجي إن السؤال كبير جداً والإجابة عليه أصغر من أن تفيه حقه.
هل نسيناه ونسينا معه تلك السنوات الحافلة التي أمضاها بيننا ؟ أم تجاهلناه قصداً وعمداً ؟ ولنطوي صفحته للأبد.
يجب أن نسأل أنفسنا أين يقضي المتقاعد أوقات فراغه ؟
أمام منزله يمر الوقت أمامه تقيلاً إما في ركن أو زاوية يمر الوقت أمامه ثقيلاً رتيباً يعتريه الضجر والقلق والملل يتلاشى عدد زواره الحقيقة أننا لا نقدر هذا الإنسان حق قدره.
لماذا ؟ ولماذا ؟ ولماذا ؟ لا نقيم منتدى أو نادياً يرتاده المتقاعد ليقضى فيه وقت فراغه الكبير ؟
لماذا لا نستثمر أفكاره وتجاربه الخصبة للاستفادة بها ؟
لماذا لا يكون له مصرف خاص يتعامل معه ؟
لماذا لا يتمتع بمزايا وتخفيضات في أسعار الكهرباء والهاتف وتذاكر السفر وغيرها من الخدمات ؟ تقديراً لمسيرته الطويلة.
ألسنا جميعاً مشاريع تقاعد ؟ لأننا سنصل حتماً إذا ما أمد الله في أعمرانا سن التقاعد.
ألم تتقدم الأمم الأخرى إلا من خلال الاهتمام بمثل هذه الأمور التي من المفترض أن تكون طبيعية لدينا. من منطلق ديننا الحنيف الذي يحرص على الوفاء ويدعو للاعتراف بالجميل.

■ أسئلة تستحق الإجابة ... ولكن من المجيب !
|| جمعان عبدالله الزهراني : عضو منهل الثقافة التربوية.