من أحدث المقالات المضافة في القسم.

د. محمد الصفى بن عبدالقادر.
عدد المشاركات : 65
1439/11/01 (06:01 صباحاً).
عدد المشاهدات :: ﴿﴿4348﴾﴾

قراءة في لوحة "الشيخ والطفل" للفنان التشكيلي المغربي محمد العروصي.
اعتبارا لما يحمله الفن التشكيلي من قراءات متعددة للعمل الواحد كونه لا يحتمل الإيديولوجيات، وفي سفر بصري بالمعرض التشكيلي المنظم ضمن فعاليات مهرجان دكالة 2018 تأخذنا لوحة التشكيلي محمد العروصي "الشيخ والصبي" لنوستالجيا الجسد وفق الزمان والمكان، بكل تجلياته كامتداد لمشاهد مجسدة في أبعاد متناصة المفارق لنفس الجسد "الإنسان" بعنفوانه وضعفه، بماضيه وحاضره، بواقعيته ومخيلته، مأخذ يأخذنا إلى رمزية الفن كطموح ووسيلة، لقد استطاع محمد العروصي أن يخلق في لوحاته نوعا من الاختلاف ما بين الذات المرسومة ونسق ألوان وتشكيلات اللوحة مشكلا علاقة ارتباطية مشحونة بمواضيع نفسية وشحنات سايكولوجية، جعلت من اللوحة تأخذ اتجاه متعدد القراءات، تتوالد فيها المعاني والدلالات، لوحة تعطيك الانطباع بأن هناك حالة تناص في حياة كل كائن حي وامتداد يبدأ بالضعف المقرون بالتطلع للأفضل وينتهي بالضعف الممزوج بالحنين للماضي، فصورة الشيخ في وضعيته توحي بفترة استرخاء مقرون بتفكير عميق صوب الماضي، - صورة الطفل – وقد يكون العكس –الطفل– ونظرة للمستقبل، لتبقى في كلتا الحالتين نفس الدلالة والرمزية، إن ما نشاهده في هاته اللوحة الفنية هو عبارة عن حوارات مشفرة بين الشيخ والطفل وبين الماضي والمستقبل وبين الجذور والأصول في بعض الأحيان. كما يمكننا كشف عوالم ومرجعيات متعدد؛ فالاشتغال البصري يرى الألوان والامتدادات، لكن الذوق يرى الجمال الأخاذ الذي يؤثث العمل، إضافة إلى تعامل الفنان محمد العروصي مع الألوان حية وحركية متحركة التي حول بها سطح اللوحة لفضاء مشتعل من التلوينات والإضاءة عبر إيقاعات معبرة عن عواطف وأحاسيس ليخرج في نهاية المطاف بسطح محمل بهمسات الروح، بلمساته المبدعة الناجمة عن حس فني رفيع.
إن لوحة "الشيخ والطفل" للفنان محمد العروسي أكدت لنا أن له فعلا القدرة على وضع المؤثرات الجمالية في أعماله الفنية الابداعية التي تجعل المتلقي تهتز لها وتجعله يعيش معها ويستمتع بها ويجعها جزء من حياته ورصيدا يزداد على مر الزمن. محمد العروصي فنان يرسم الواقع الذي يتخيله برمزية ذكية، والمعاني لهذه الرمزية قد تداخلت مع أحلامه، وتواصلت إلى مدلولاتها، وكشوفها، لتصل في النهاية إلى تأثيرات يعكسها الواقع التنفيذي على اللوحة، بمفهوم حسي مملوء بشغف الإنسانية، المتأثر بما تعرض له الفنان، والمجتمع الذي يعيش فيه.
|| د. محمد الصفى بن عبدالقادر : عضو منهل الثقافة التربوية.