من أحدث المقالات المضافة.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. حامد مصطفى المكاوي.
إجمالي القراءات : ﴿5520﴾.
عدد المشــاركات : ﴿23﴾.

الانتساب لمسمى الإسلام فرض على المسلمين.
■ قال الله تعالى : (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) -آل عِمْرَان من الآية 103-.
قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم - : "والذي نفس محمد بيده لتفترقنَّ أمتي على ثلاث وسبعين فرقةٌ، واحدةٌ في الجنة، واثنتان وسبعون في النار".

■ من هي الفرقة الناجية ؟ هل هي السلفية أو الصوفية أو السنة المحمدية، ثم بعد ذم بعض أتباع التيمية للقيمية، هل هي التيمية أو القيمية أو الوهابية أو .. ؟
فتلك الفرق تختلف في الفروع، ويراد لها أن تصور بصورة الأصول ظلما وعدوانا وبغيا وفسادا وتفريقا بين المؤمنين، وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل.
الحق أنه لا تزال البشرية تعاني من أصحاب الميول العدوانية، وذلك قدرها وهم لا يرتاحون في حوار ما ــ ما لم يفسقوا ويبدعوا ويكفروا، وربما لم يهدأ لأحدهم بال حتى يرى دماء تراق، ومنازلا تهدم، ومدنا تخرب، ودولا تمزق وحرثا يهلك، ونسلا يباد.

■ إن الجواب على هذا السؤال يقتضي ..
● أولا : تحديد المراد بالمصطلح.
فهل المراد بمصطلح (الفرقة الناجية) الفرقة الناجية من دخول النار أو الفرقة الناجية من الخلود في النار ؟
فإذا كان المراد بها الفرقة الناجية من دخول النار، فالفرقة الناجية في الحديث النبوي، هي :
1- الفرقة المقرة باللسان، المذعنة بالجنان، بكل ما علم من الدين بالضرورة (الإجماع - التواتر) والعاملة بالأركان، ثم المحسنة في الأعمال (الإيمان والإحسان).
وإذا كان المراد بها الفرقة الناجية من خلود النار، فالفرقة الناجية، في الحديث النبوي هي :
2- الفرقة المقرة باللسان، المذعنة بالجنان، بكل ما علم من الدين بالضرورة (الإجماع - التواتر) وهو الراجح.

● وثانيا : إيراد الأدلة على صحة ذلك التفسير الراجح للمصطلح، وهي كما يلي :
1- التعريف الثاني يشمل جميع المسلمين، حيث إنهم السواد الأعظم، كما جاء في رواية حسنة، قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم - : "افترقت بنو إسرائيل على إحدى وسبعين فرقةً - أو قال : اثنتين وسبعين فرقةً - وتزيد هذه الأمةُ، فرقةً واحدة، كلها في النار إلا السواد الأعظم" فالجماعة هي : السواد الأعظم، وأهل السنة والجماعة في رأيي، هم السواد الأعظم.
2- هذا ما يتوافق مع ما ورد بالحديث، من أن المسلمين ثلثا أهل الجنة، ولما كان لكل واحد مقعد في الجنة ومقعد في النار ، فهذا يعني أننا سنمر بأزمان يتفوق فيها عدد المسلمين على غيرهم بكثير، ويستمر ذلك أزمنة عديدة ودهورا مديدة، فلا تعجل فإن ذلك كائن لا محالة، وسيكون حاصلا بعز عزيز أو بذلك ذليل، وليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار.
3- يؤيد استنباطي هذا، ما ورد برواية أخرى : "فقيل له : ما الواحدة ؟ قال : ما أنا عليه اليوم وأصحابي" فلم يقل مع عليه أنا فحسب (السنة) ولا ما عليه أصحابي فحسب (الأثر) ولا الصوفية فحسب (الصلاح والولاية) ولا غير ذلك، بل قال : "ما أنا عليه وأصحابي" وقد كانوا على عمل متفاوت، كما نحن اليوم فيهم المحسن، وفيهم المؤمن، وفيهم المسلم، وبلغ بهم الاختلاف إلى حد الاقتتال، كما حدث بين الصحابيين الجليلين، علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ومعاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهما - وإنما جمعهم، وأبقى مسمى الإسلام لهم رغم اختلافهم واقتتالهم، اتفاقهم فيما بينهم على ما علم من الدين بالضرورة، وما لا يسع المسلم إلا التصديق به والإذعان له من مسائل أصول الدين وفروعها الهامة، ولذلك اتفقوا - رغم الاختلاف الواصل إلى حد الاقتتال - على مسمى الخوارج وأنهم شر خلق تحت أديم السماء.
4- بما أن الخير في الأمة إلى يوم الدين، فإن الخير يتمثل في القدر الفكري الجامع بين المسلمين، والقاسم المشترك بينهم، وهو : الإقرار باللسان، والإذعان بالجنان، بكل ما علم من الدين بالضرورة (التواتر - الإجماع) وذلك تعريف الإسلام، الذي يعرف به المسلم، وبهذا يستبين سواء السبيل، وهو أن لزوم اسم الإسلام، طوق نجاة من التفرق، والغثي كغثاء السيل، ولذلك هو فرض على كل مسلم، قال الله تعالى : (ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول عليكم شهيدا وتكونوا شهداء على الناس) -الحج من الآية 78- فأما أن نتباين تحت مسميات مفرقة من بعد ما جاءنا العلم والبينات بغيا بيننا، فلا تدري أفراد الأمم الداخلة في الإسلام، مع من يشهدون الدخول في الإسلام، مع المتسمين بالسلفية أو المتسمين بالصوفية أو السنة المحمدية أو التيمية أو القيمية أو الوهابية أو .. فذلك ما ينجم عن التفريط في ذلك الاسم الجليل، الدال على السلام، ذلك الاسم القيم المبارك, المحبوب، الخير، المتسامح، المرغوب (الإسلام).
وصلى وسلم الله على سيدنا محمد وآله وصحبه.