رزق الله حسن اليزيدي.
عدد المشاركات : 25
1444/02/04 (06:01 صباحاً).
عدد المشاهدات : ﴿﴿3965﴾﴾
تدريس علم التاريخ في ضوء التربية الإسلامية.
◄ إن التربية الإسلامية لم تقتصر على جونب معينة من حياة الفرد والجماعة ولا على زمان ومكان ولم تتجاهل المتغيرات والمستجدات الطارئة بل هي شاملة لنواحي الحياة (الدنيا ـ الآخرة) مقتضاها أن يعيش العبد عبدا لله مكرماً، قال الله تعالى : (وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون) ويعيش مكرماً عن سائر المخلوقات لإنه المستخلف في الأرض قال الله تعالى : (ولقد كرمنا بني آدم).
إن للتربية ينابيعها التي تستقى منها، فأسماها القرآن الكريم والسنة النبوية وما أجمع عليه السلف الصالح ثم تأتي الوسائل التي تؤصل في الأجيال هذه التربية وتتعهدها، ولم يكن التاريخ بمنأى عن التربية إذا أحسن تفسيره فهو يتحدث عن أحداث ماضية وشخصيات وأماكن، فالتاريخ عبرة ومنهج وبما أنه كذلك نجد أن كل أمة من الأمم تهتم به وتأصل ماضيها يما وعى في نفوس الأجيال.
يقول الدكتور محمد بن صامل السلمي في كتابه منهج كتابة التاريخ الإسلامي وتدريسه : (فاستخدام التاريخ في المجال التربوي من أنفع الوسائل لتربية الأجيال, والتربية بالأحداث من أهم الوسائل التي أستخدمها القرآن الكريم والرسول صلى الله عليه وسلم في إقرار الموازين والقيم, والنظرة إلى التعقيبات في سورة آل عمران تكفي دلالة على أهمية أستخدام التاريخ في التربية, وعظيم الثمرة التي تجنى من ذلك) ص 53 ـ ط 1.
والمتدبر للقرآن الكريم وهو أجل المصادر التربوية والتاريخية يجد فيه آيات تتلى عن الأمم السالفة تحكي ثقافاتهم ومدى حضارتهم وأساليب رقيهم وعوامل نهايتهم ليعتبر اللاحقون وبما أن المقال عن المجال التربوي أتحدث عن جانبين من التربية لا ثالث لهم هما الجانب المظلم للتربية والآخر المشرق.
■ أولاً : الجانب المظلم للتربية.
قال الله تعالى : (قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون) (البقرة : 170).
وقال تعالى : (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۚ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ) (المائدة : 104).
وقال الله تعالى : (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون ) (الزخرف : 22).
إنها التربية الفاسدة التي تغلق العقل عن عن معرفة الحق وإتباعه حيث نسب أولئك عدم إتباعهم للحق على التربية والتنشئة التي تربوا علها.
■ ثانياً : الجانب المشرق للتربية.
وفي الجانب المضيء للتربية نماذج من الصالحين ـ لا يخلو زمان أو مكان منهم ـ الذين نشئوا أبنائهم على التربية الإلهية التي تهدف أن يعيش الإنسان عزيزاً بكونه عبداً لله تعالى ومكرماً على المنهج الرباني الذي أراده لهم جلت قدرته, فها هو يعقوب عليه السلام يسأل أبنائه عن حالهم بعده على أي دين سيكونون فأجابوه أنهم على دين التوحيد قال الله تعالى : (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (البقرة : 133) إنها وصية إبراهيم عليه السلام لبنيه حين أسلم لله رب العالمين قال الله تعالى : (ووصى يها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنيَ إن الله أصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون) (البقرة : 132).
ولقمان عليه السلام وهو يعظ ابنه ويوصيه قال الله تعالى : (وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بُني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم) (لقمان : 13).
ثم نقرا في سورة مريم عليها السلام تجليات واضحة نستنبطها من حين وضعت عيسى عليه السلام, إنكار قومها عليها لعدم علمهم في بادئ الأمر أن ولادتها لعيسى عليه السلام آية ومعجزة ولم يكن لهم من الأمر شئ إلا حين بدئوا يذكرونها بسيرة والديها وتربيتهم لها قال الله عز وجل : (يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) (مريم : 20).
والله نزهها عن ذلك وجعل عيسى عليه السلام معجزة خالدة إلى يوم القيامة وإ ن مثله عند الله كمثل آدم خلقه من تراب قال تعالى : (وإن مثل عيسى كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) (آل عمران : 59).
وبعد هذا نجد أن القدوة لها اثرها في سلوك الفرد عاطفيا ووجدانيا من خلال الآيات القرآنية التي تحدثت عن نموذجين من أصناف الناس في الربية والتنشئة، فالنموذج الأول هو التربية على ما وجده الآباء من تربية فاسدة تغلق وتحجر العقل أن يتبع الحق ويسلكه في حياته, والنموذج المشرق المتمثل في التربية الإلهية التي أراد الله تعالى أن يعيشها الإنسان.
يقول الدكتور عبدالرحمن النحلاوي عن أسلوب القرآن الكريم : (إنه يفرض الإقناع العقلي مقترنا بإثارة العواطف والانفعالات الإنسانية, فهو يذلك يربي العقل والعاطفة متمشياً مع الفطرة في البساطة وعدم التكلف, وطرق باب العقل مع القلب مباشرة وهذا لعمري أفضل طريقة أهتدى إليها علم النفس لتربية العاطفة, إنها تكرار إثارة الانفعالات مع تجارب سلوكية مشحونة بهذه الانفعالات كلما أثير هذا الموضوع, وهل العاطفة إلا ذلك الاستعداد الوجداني والانفعالي ؟ فإذا ربي مع العاطفة سلوك مثالي تتطلبه تلك العاطفة فقد بلغت التربية ذروتها في توحيد النفس واستنفاذ طاقتها لخير الإنسانية) (أصول التربية الإسلامية وأساليبها - ص 22 - ط 2).
عدد المشاهدات : ﴿﴿3965﴾﴾
تدريس علم التاريخ في ضوء التربية الإسلامية.
◄ إن التربية الإسلامية لم تقتصر على جونب معينة من حياة الفرد والجماعة ولا على زمان ومكان ولم تتجاهل المتغيرات والمستجدات الطارئة بل هي شاملة لنواحي الحياة (الدنيا ـ الآخرة) مقتضاها أن يعيش العبد عبدا لله مكرماً، قال الله تعالى : (وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون) ويعيش مكرماً عن سائر المخلوقات لإنه المستخلف في الأرض قال الله تعالى : (ولقد كرمنا بني آدم).
إن للتربية ينابيعها التي تستقى منها، فأسماها القرآن الكريم والسنة النبوية وما أجمع عليه السلف الصالح ثم تأتي الوسائل التي تؤصل في الأجيال هذه التربية وتتعهدها، ولم يكن التاريخ بمنأى عن التربية إذا أحسن تفسيره فهو يتحدث عن أحداث ماضية وشخصيات وأماكن، فالتاريخ عبرة ومنهج وبما أنه كذلك نجد أن كل أمة من الأمم تهتم به وتأصل ماضيها يما وعى في نفوس الأجيال.
يقول الدكتور محمد بن صامل السلمي في كتابه منهج كتابة التاريخ الإسلامي وتدريسه : (فاستخدام التاريخ في المجال التربوي من أنفع الوسائل لتربية الأجيال, والتربية بالأحداث من أهم الوسائل التي أستخدمها القرآن الكريم والرسول صلى الله عليه وسلم في إقرار الموازين والقيم, والنظرة إلى التعقيبات في سورة آل عمران تكفي دلالة على أهمية أستخدام التاريخ في التربية, وعظيم الثمرة التي تجنى من ذلك) ص 53 ـ ط 1.
والمتدبر للقرآن الكريم وهو أجل المصادر التربوية والتاريخية يجد فيه آيات تتلى عن الأمم السالفة تحكي ثقافاتهم ومدى حضارتهم وأساليب رقيهم وعوامل نهايتهم ليعتبر اللاحقون وبما أن المقال عن المجال التربوي أتحدث عن جانبين من التربية لا ثالث لهم هما الجانب المظلم للتربية والآخر المشرق.
■ أولاً : الجانب المظلم للتربية.
قال الله تعالى : (قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون) (البقرة : 170).
وقال تعالى : (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۚ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ) (المائدة : 104).
وقال الله تعالى : (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون ) (الزخرف : 22).
إنها التربية الفاسدة التي تغلق العقل عن عن معرفة الحق وإتباعه حيث نسب أولئك عدم إتباعهم للحق على التربية والتنشئة التي تربوا علها.
■ ثانياً : الجانب المشرق للتربية.
وفي الجانب المضيء للتربية نماذج من الصالحين ـ لا يخلو زمان أو مكان منهم ـ الذين نشئوا أبنائهم على التربية الإلهية التي تهدف أن يعيش الإنسان عزيزاً بكونه عبداً لله تعالى ومكرماً على المنهج الرباني الذي أراده لهم جلت قدرته, فها هو يعقوب عليه السلام يسأل أبنائه عن حالهم بعده على أي دين سيكونون فأجابوه أنهم على دين التوحيد قال الله تعالى : (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (البقرة : 133) إنها وصية إبراهيم عليه السلام لبنيه حين أسلم لله رب العالمين قال الله تعالى : (ووصى يها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنيَ إن الله أصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون) (البقرة : 132).
ولقمان عليه السلام وهو يعظ ابنه ويوصيه قال الله تعالى : (وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بُني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم) (لقمان : 13).
ثم نقرا في سورة مريم عليها السلام تجليات واضحة نستنبطها من حين وضعت عيسى عليه السلام, إنكار قومها عليها لعدم علمهم في بادئ الأمر أن ولادتها لعيسى عليه السلام آية ومعجزة ولم يكن لهم من الأمر شئ إلا حين بدئوا يذكرونها بسيرة والديها وتربيتهم لها قال الله عز وجل : (يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) (مريم : 20).
والله نزهها عن ذلك وجعل عيسى عليه السلام معجزة خالدة إلى يوم القيامة وإ ن مثله عند الله كمثل آدم خلقه من تراب قال تعالى : (وإن مثل عيسى كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) (آل عمران : 59).
وبعد هذا نجد أن القدوة لها اثرها في سلوك الفرد عاطفيا ووجدانيا من خلال الآيات القرآنية التي تحدثت عن نموذجين من أصناف الناس في الربية والتنشئة، فالنموذج الأول هو التربية على ما وجده الآباء من تربية فاسدة تغلق وتحجر العقل أن يتبع الحق ويسلكه في حياته, والنموذج المشرق المتمثل في التربية الإلهية التي أراد الله تعالى أن يعيشها الإنسان.
يقول الدكتور عبدالرحمن النحلاوي عن أسلوب القرآن الكريم : (إنه يفرض الإقناع العقلي مقترنا بإثارة العواطف والانفعالات الإنسانية, فهو يذلك يربي العقل والعاطفة متمشياً مع الفطرة في البساطة وعدم التكلف, وطرق باب العقل مع القلب مباشرة وهذا لعمري أفضل طريقة أهتدى إليها علم النفس لتربية العاطفة, إنها تكرار إثارة الانفعالات مع تجارب سلوكية مشحونة بهذه الانفعالات كلما أثير هذا الموضوع, وهل العاطفة إلا ذلك الاستعداد الوجداني والانفعالي ؟ فإذا ربي مع العاطفة سلوك مثالي تتطلبه تلك العاطفة فقد بلغت التربية ذروتها في توحيد النفس واستنفاذ طاقتها لخير الإنسانية) (أصول التربية الإسلامية وأساليبها - ص 22 - ط 2).
◄ إن التربية الإسلامية لم تقتصر على جونب معينة من حياة الفرد والجماعة ولا على زمان ومكان ولم تتجاهل المتغيرات والمستجدات الطارئة بل هي شاملة لنواحي الحياة (الدنيا ـ الآخرة) مقتضاها أن يعيش العبد عبدا لله مكرماً، قال الله تعالى : (وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون) ويعيش مكرماً عن سائر المخلوقات لإنه المستخلف في الأرض قال الله تعالى : (ولقد كرمنا بني آدم).
إن للتربية ينابيعها التي تستقى منها، فأسماها القرآن الكريم والسنة النبوية وما أجمع عليه السلف الصالح ثم تأتي الوسائل التي تؤصل في الأجيال هذه التربية وتتعهدها، ولم يكن التاريخ بمنأى عن التربية إذا أحسن تفسيره فهو يتحدث عن أحداث ماضية وشخصيات وأماكن، فالتاريخ عبرة ومنهج وبما أنه كذلك نجد أن كل أمة من الأمم تهتم به وتأصل ماضيها يما وعى في نفوس الأجيال.
يقول الدكتور محمد بن صامل السلمي في كتابه منهج كتابة التاريخ الإسلامي وتدريسه : (فاستخدام التاريخ في المجال التربوي من أنفع الوسائل لتربية الأجيال, والتربية بالأحداث من أهم الوسائل التي أستخدمها القرآن الكريم والرسول صلى الله عليه وسلم في إقرار الموازين والقيم, والنظرة إلى التعقيبات في سورة آل عمران تكفي دلالة على أهمية أستخدام التاريخ في التربية, وعظيم الثمرة التي تجنى من ذلك) ص 53 ـ ط 1.
والمتدبر للقرآن الكريم وهو أجل المصادر التربوية والتاريخية يجد فيه آيات تتلى عن الأمم السالفة تحكي ثقافاتهم ومدى حضارتهم وأساليب رقيهم وعوامل نهايتهم ليعتبر اللاحقون وبما أن المقال عن المجال التربوي أتحدث عن جانبين من التربية لا ثالث لهم هما الجانب المظلم للتربية والآخر المشرق.
■ أولاً : الجانب المظلم للتربية.
قال الله تعالى : (قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون) (البقرة : 170).
وقال تعالى : (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۚ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ) (المائدة : 104).
وقال الله تعالى : (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون ) (الزخرف : 22).
إنها التربية الفاسدة التي تغلق العقل عن عن معرفة الحق وإتباعه حيث نسب أولئك عدم إتباعهم للحق على التربية والتنشئة التي تربوا علها.
■ ثانياً : الجانب المشرق للتربية.
وفي الجانب المضيء للتربية نماذج من الصالحين ـ لا يخلو زمان أو مكان منهم ـ الذين نشئوا أبنائهم على التربية الإلهية التي تهدف أن يعيش الإنسان عزيزاً بكونه عبداً لله تعالى ومكرماً على المنهج الرباني الذي أراده لهم جلت قدرته, فها هو يعقوب عليه السلام يسأل أبنائه عن حالهم بعده على أي دين سيكونون فأجابوه أنهم على دين التوحيد قال الله تعالى : (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (البقرة : 133) إنها وصية إبراهيم عليه السلام لبنيه حين أسلم لله رب العالمين قال الله تعالى : (ووصى يها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنيَ إن الله أصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون) (البقرة : 132).
ولقمان عليه السلام وهو يعظ ابنه ويوصيه قال الله تعالى : (وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بُني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم) (لقمان : 13).
ثم نقرا في سورة مريم عليها السلام تجليات واضحة نستنبطها من حين وضعت عيسى عليه السلام, إنكار قومها عليها لعدم علمهم في بادئ الأمر أن ولادتها لعيسى عليه السلام آية ومعجزة ولم يكن لهم من الأمر شئ إلا حين بدئوا يذكرونها بسيرة والديها وتربيتهم لها قال الله عز وجل : (يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) (مريم : 20).
والله نزهها عن ذلك وجعل عيسى عليه السلام معجزة خالدة إلى يوم القيامة وإ ن مثله عند الله كمثل آدم خلقه من تراب قال تعالى : (وإن مثل عيسى كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) (آل عمران : 59).
وبعد هذا نجد أن القدوة لها اثرها في سلوك الفرد عاطفيا ووجدانيا من خلال الآيات القرآنية التي تحدثت عن نموذجين من أصناف الناس في الربية والتنشئة، فالنموذج الأول هو التربية على ما وجده الآباء من تربية فاسدة تغلق وتحجر العقل أن يتبع الحق ويسلكه في حياته, والنموذج المشرق المتمثل في التربية الإلهية التي أراد الله تعالى أن يعيشها الإنسان.
يقول الدكتور عبدالرحمن النحلاوي عن أسلوب القرآن الكريم : (إنه يفرض الإقناع العقلي مقترنا بإثارة العواطف والانفعالات الإنسانية, فهو يذلك يربي العقل والعاطفة متمشياً مع الفطرة في البساطة وعدم التكلف, وطرق باب العقل مع القلب مباشرة وهذا لعمري أفضل طريقة أهتدى إليها علم النفس لتربية العاطفة, إنها تكرار إثارة الانفعالات مع تجارب سلوكية مشحونة بهذه الانفعالات كلما أثير هذا الموضوع, وهل العاطفة إلا ذلك الاستعداد الوجداني والانفعالي ؟ فإذا ربي مع العاطفة سلوك مثالي تتطلبه تلك العاطفة فقد بلغت التربية ذروتها في توحيد النفس واستنفاذ طاقتها لخير الإنسانية) (أصول التربية الإسلامية وأساليبها - ص 22 - ط 2).