من أحدث المقالات المضافة.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : عبدالله خلف الغامدي.
إجمالي القراءات : ﴿4461﴾.
عدد المشــاركات : ﴿10﴾.

الجودة مطلب شرعي.
■ الجودة ــ كمفهوم وممارسة ــ مطلب شرعي، فقد وردت آيات قرآنية كثيرة تدعو إلى الإخلاص في العمل، قال الله تعالى : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) (الملك : 2).
وإتقان العمل قال الله تعالى : (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ ۚ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ۚ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) (النمل : 88).
وترغب في العمل الصالح، قال الله تعالى : (وقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) (التوبة : 105).
وتحث على التعاون قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا ۚ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ۚ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا ۘ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (المائدة : 2).
وتحفيز الأفراد والجماعات قال الله تعالى : (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ۖ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ ۚ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (يونس : 26).
ووجوب الوقاية من الأخطاء قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (التحريم : 6).
والمشاركة في اتخاذ القرار قال الله تعالى : (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) (الشورى : 38).
والحث على خدمة المستفيد قال الله تعالى : (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل : 125)، وغيرها من الآيات القرآنية الكريمة.

كما ورد في الحديث الشريف ما يؤكد هذه المعاني ومنها قوله عليه الصلاة والسلام : (إن الله يحب إذا عمل أحدم عملاً أن يتقنه) وقوله : (أعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك) وقوله : (إن الله كتب الإحسان في كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته) أغتنم خمساً قبل خمس (حياتك قبل موتك وصحتك قبل مرضك وفراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك).

ومن هنا : فإن الجودة بمعناها الواسع تتجلى بوضوح في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، لأنها تهتم بصلاح أمر الدنيا والآخرة للأفراد والجماعات على حد سواء بل إن الفرد المسلم مطالب بالعمل الصالح حتى وإن قامت الساعة معلنة نهاية الحياة الدنيا وعايش هذه اللحظة الرهيبة، يقول عليه الصلاة والسلام : (إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها) وخلاصة القول أن عمل المسلم (عبادة) لله رب العالمين وطاعة لرسوله عليه الصلاة والسلام وهو بذلك يقتضي الإخلاص وجوباً وليس اختياراً لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا.

● المشاركة من أجل تحقيق الجودة :
حين يتحول الخطاب من قول "أنا" إلى قول "نحن" فحينئذ نستطيع القول بأننا بدأنا نسير في رحلة الجودة، إذ أن النجاحات الفردية رغم أهميتها يظل أثرها محدوداً مقارنة بالنجاحات الجماعية، العمل التشاركي يجعل كل فرد منا لديه قناعة تامة بأن لدى الأفراد الآخرين أيضاً قدرات ومواهب وحماسة كما أن لديه الاستعداد ليكون هو أيضاً مصدر إلهام للآخرين ليكونوا أكثر إيجابية، وقد حث القرآن الكريم على العمل سوياً وبإيجابية قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا ۚ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ۚ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا ۘ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (المائدة : 2)، وقال عليه الصلاة والسلام : (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) متفق عليه.

■ في كتاب (كيف نحقق الجودة ؟) يتحدث المؤلفان باتريك تونسيند وجون جيبهاردت عن المشاركة بطريقة تستحق التأمل قائلين :
● المبدأ هو أساس الحكم والمقياس والمعيار، وهناك أربعة مبادئ تتضمنها آلية الجودة :
• المبدأ الأول : الجميع يسعى إلى تحقيق الجودة : وهذا يعني أن المشاركة ليست اختياراً وأي شيء سوى ذلك سيشطر المؤسسة إلى فعَّالين ومتفرجين، ولا يعني ذلك أن جميع العاملين سيكون مؤيداً متحمساً للجودة منذ اليوم الأول بل يعني أن المخطط سيسمح بأداء كل فرد دوراً في التطوير المستمر للمؤسسة وإن لم يشرع أحد في ذلك إلا بعد أشهر من البداية الرسمية لتطبيق الآلية.
• المبدأ الثاني : لكل واحد عملاؤه وبتحديد مدلول كلمة "عميل" الذي يذهب إلى أنه "كل شخص تقدم له خدمة أو منتجاً أو معلومات" فإن الفرصة الممنوحة لكل عامل بأن يكون فاعلاً في عملية التطوير المستمر سوف تتعزز.
• المبدأ الثالث : لكل شخص أهداف تتعلق بالجودة وفي الآلية المدروسة للجودة سيكون لكل عامل فهم للكيفية التي يدعم بها تحقيق أهداف المؤسسة.
• المبدأ الرابع : التنفيذ معناه ارتقاء المستويات الأدنى في المؤسسة إلى مستوى الإدارة العليا، أما الالتزام والدعم فيتحقق بنزول المدراء إلى أماكن العمل ويجب أن يكون لآلية الجودة هيكل محدد حتى يستطيع كل منتسب التأثير في النظام ولا يقتصر الأمر على تأثير النظام في كل فرد.

● المحاسن والمساوئ في مشاركة العاملين :
قدَّم البروفيسور "ديفيد ليفين" و "جورج شتراوس" من جامعة كالفورنيا ورقة عمل كان عنوانها (مشاركة العاملين) تضمنت تحليلاً للمنافع النظرية الناتجة من مشاركة العاملين :
1- قد تؤدي المشاركة إلى اتخاذ قرارات أفضل ففي أكثر الأحيان يكون لدى العاملين معلومات تفتقد الإدارة العليا إليها، وفوق ذلك تتيح المشاركة الفرصة لسماع آراء مختلفة. من جانب آخر قد يكون العمال أقل خبرة من المدراء فيبنون قراراتهم على أسس مختلفة وحين تشترك مجموعات في اتخاذ القرارات فإن ردود الفعل على التغيير ستكون بطيئة.
2- يميل الناس إلى اتخاذ القرارات التي يبرمونها بأنفسهم ليس لأنهم يعرفون جيداً ما يتوقعون منها فحسب بل إن ذلك يساعدهم على الالتزام بها.
3- قد تشبع عمليات المشاركة وحدها حاجات لا علاقة لها بالأمور المادية مثل الإبداع والإنجاز والاستحسان الاجتماعي.
4- قد تحسِّن المشاركة مستوى الاتصالات والتعاون وفي هذه الحالة فإن العاملين يتصلون ببعضهم بدلاً من أن تتوسط الإدارة في ذلك وهذا يقلل من إضاعة الوقت.
5- يُشرف العاملين المشاركون بأنفسهم وذلك يقلل الحاجة إلى مراقبين دائمين فينقص ذلك تكاليف العمل.
6- تعزز المشاركة الشعور بالقوة والكرامة، ويصبح التراجع عن "حق" المشاركة أمراً صعباً إذا ما أقرت وترسخت.
7- تزيد المشاركة من إخلاص العاملين واندماجهم بالمؤسسة اندماجاً عاطفياً وثيقاً إذا ما نفذت آراؤهم الخاصة.
8- تؤدي المشاركة في الغالب إلى تحديد الأهداف وذلك حافز قوي للعمل.
9- تُعلِّم المشاركة العاملين مهارات جديدة وتساعد في تدريب القادة وانتقائهم.
10- إذا ما نفذت المشاركة في إطار جماعي فسيظهر عنصر جديد وهو ضغط الجماعة للعمل وفق القرارات المتبناة وإطاعتها.

ولا تخلو المشاركة من مساوئ منها : إعادة تدريب العاملين والمدراء وربما لحقتها إعادة تخطيط تقني، كما أن إخلاص العاملين واندماجهم بالمؤسسة قد يؤدي إلى أن تتحد المجموعات المشاركة المتعاضدة ضد الإدارة لتحدد الإنتاج وتمنع التغيير، ومن جانب آخر فليس عند كل شخص الرغبة القوية في الإبداع والإنجاز أثناء العمل فقد يشبعها بعيداً عن العمل.