بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : محمد عمير الخالدي.
إجمالي القراءات : ﴿7617﴾.
عدد المشــاركات : ﴿20﴾.

قال ذو الجلال والإكرام مخاطبا نبيه ومصطفاه في سورة المعارج : (فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا) (5).
■ وقال جل في علاه : (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) (الحجر : 85).
■ وقال رب العزة سبحانه وتعالى : (وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا) (المُزّمل : 10).

■ فما هو (الصبر الجميل ؟) و (الصفح الجميل ؟) و (الهجر الجميل ؟).
هذا هو كلام جميل ونفيس لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى أنقله لكم للفائدة والتذكير.

● سئل الشيخ الإمام، العالم العامل، الحبر الكامل، شيخ الإسلام، ومفتي الأنام، تقي الدين بن تيمية رحمه الله، عن الصبر الجميل، والصفح الجميل، والهجر الجميل، وما أقسام التقوى والصبر الذي عليه الناس ؟
● فأجاب رحمه الله : الحمد لله أما بعد فإن الله أمر نبيه بالهجر الجميل، والصفح الجميل، والصبر الجميل، فالهجر الجميل هجر بلا أذى، والصفح الجميل صفح بلا عتاب، والصبر الجميل صبر بلا شكوى، قال يعقوب عليه الصلاة والسلام : (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله) مع قوله : (فصبر جميل، والله المستعان على ما تصفون) فالشكوى إلى الله لا تنافي الصبر الجميل.

ويروى عن موسى عليه الصلاة والسلام أنه كان يقول : اللهم لك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وبك المستغاث، وعليك التكلان.

ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : (اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، أنت رب المستضعفين وأنت ربي، اللهم إلى من تكلني ؟ أإلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري ؟ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي غير أن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت الظلمات له، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن ينزل بي سخطك، أو يحل علي غضبك، لك الغنى حتى ترضى) قلت (محمود) : وهذا الدعاء لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انظر حديث رقم 1182 في ضعيف الجامع.

وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقرأ في صلاة الفجر : (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) (يوسف : 86) ويبكي حتى يسمع نشيجه من آخر الصفوف ! بخلاف الشكوى إلى المخلوق.

قرئ على الإمام أحمد في مرض موته أن طاوساً كره أنين المرض وقال : إنه شكوى، فما أنّ حتى مات ! وذلك أن المشتكي طالب أن الحال، إما إزالة ما يضره أو حصول ما ينفعه، والعبد مأمور أن يسأل ربه دون خلقه، كما قال تعالى : (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَارْغَب) (الشرح : 7-8).

وقال صلى الله عليه وسلم لابن عباس : (إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله).

ولا بد للإنسان من شيئين :
1- طاعته بفعل المأمور، وترك المحظور.
2- وصبره على ما يصيبه من القضاء المقدور.
فالأول هو التقوى والثاني هو الصبر، قال تعالى : (هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ۚ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (آل عمران : 119) إلى قوله : (إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ۖ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) (آل عمران : 120).
وقال تعالى : (بَلَىٰ ۚ إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ) (آل عمران 125). وقال تعالى : (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (آل عمران 186).
◄ المصدر : جامع الرسائل, الجزء الأول الصفحة الأولى ــ بتصرف يسير.