أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. عبدالرحمن حمود الغامدي.
إجمالي القراءات : ﴿5493﴾.
عدد المشــاركات : ﴿12﴾.

نحن والوتساب.
■ الحمد لله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم) (النحل : 18)، نعم نتقلب فيها ليلاً ونهار ومن هذه النعم المستجدة برامج التواصل الاجتماعي الإلكترونية (الفيس بك - تويتر - الواتساب) فبفضل الله قربت البعيد، ونقلت الجديد، وسهلت التواصل، ويسرت نقل العلم، ومعرفة الأخبار، إلا أن هذه الوسائل سلاح ذو حدين، ولنا معها وقفات .

■ أيها الكريم :
هل تعلم أنه بمجرد ضغطة زر واحدة أو اثنتين (إعادة إرسال) مع النية الصادقة واحتساب الأجر والاختيار الصحيح تكتب لك ملايين الحسنات، قال رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ دَعَا إِلَى هُدىً كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئاً) لكن أيها الكريم أيضاً بضغطة زر قد يقع أحدنا في شر عظيم، وتثقل كاهله السيئات العظام، فعندما يساهم أحدنا في نشر كذب، أو مقطع محرم، أو غيبة أو نميمة أو استهزاء، وإليك تكملة الحديث (وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلاَلَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئاً) أخرجه مسلم.
إن المتأمل في كثير من الرسائل التي تصل إلى أجهزتنا ليعجب أشد العجب كيف يجرؤ من أرسلها على إرسالها، فالمسلم الحق لا ينقل شيئاً إلا بعد أن يتثبت، ولا يرضى بنشر الكذب والإشاعات، ويترفع عن نشر المقاطع المخلة بالآداب.

■ هيا بنا نراجع الرسائل التي يكثر تبادلها عبر هذه البرامج - فإذا استثنينا الخير الموجود فيها - وتوقفنا عند كثير من الرسائل سنجد أيها الكرام أننا نقع في أخطأ كبيرة منها :
1- نشر الفساد والمجون : فإن أحدنا ليأثم بالنظر إلى هذه المقاطع : (المشتملة على نساء كاسيات عاريات وفسق ومجون) فكيف إذا أرسل المقطع وشاهده الألوف من الناس.
قال رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم : (كُلُّ أَمَّتِى مُعَافًى إِلاَّ الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ المجاهرة أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلاً، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ، فَيَقُولَ يَا فُلاَنُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللهِ عَنْهُ).
يقول الشاعر :
إذَا لَمْ تَخْشَ عَاقِبَةَ اللَّيَالِي • • • وَلَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا تَشَاءُ
فَلاَ وَاَللَّهِ مَا فِي الْعَيْشِ خَيْرٌ • • • وَلاَ الدُّنْيَا إذَا ذَهَبَ الْحَيَاءُ
يَعِيشُ الْمَرْءُ مَا اسْتَحْيَا بِخَيْرٍ • • • وَيَبْقَى الْعُودُ مَا بَقِيَ اللِّحَاءُ

2- نشر الكذب : فكم من رسالة يرسلها أحدنا بدون تثبت تشتمل على معلومات كاذبة ومن ذلك : (أخبار عن زيادة رواتب، وتعينات، وفصل فلان، وتصريحات فلان) روى البخاري في صحيحه من حديث سمرة بن جندب - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في حديث الرؤيا الطويل : (فأتينا على رجُل مستلق لقفاهُ، وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد، وإذا هو يأتي أحد شِقّي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخراه إلى قفاهُ، وعيناهُ إلى قفاهُ) قال : (ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول، فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح الأول كما كان، ثم يعود فيفعل به مثل ما فعل به المرة الأولى) فسأل عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقيل له : (إنه الرجل يغدو من بيته فيكذبُ الكذبة تبلغ الآفاق).
وأشد أنواع الكذب الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال : (لا تكذبوا علي فإنه من كذب علي فليلج النار) رواه البخاري، كم من مخلص ساهم في نشر حديث لم يصح عن رسول الله، وكم من محب فعل ذلك ؟!
ولا عذر لأحدنا : لأن الأصل التثبت قبل الإرسال، ثم أن معرفة صحة الحديث متيسرة عبر البرامج الحديثة ومن لم يستطع فالترك أولى، يقول يَحْيَى بْن مَعِين : (من لم يكن سمحاً في الحديث كان كذابا، قيل له : وكيف يكون سمحاً ؟ قَالَ : إذا شك في الحديث تركه) وعن الشافعي أن مالكاً كان إذا شك في شيء من الحديث تركه كله.

3- إلحاق الضرر بالآخرين : من ذلك : (التحذير من سلعة بدون التأكد، نشر أرقام لمتبرعين، التحذير من مَحَالّ معينة، أخبار عن أشخاص فيها تشويه لسمعتهم علماء وعامة) والقاعدة الشرعية : تقول : الأصل في المضار التحريم، ودليلها قوله صلى الله عليه وسلم : (لا ضرر ولا ضرار)، وقوله صلى الله عليه وسلم : (من ضارّ أضر الله به، ومن شاق شاق الله عليه).

■ وهذه خطوات إجرائية لضمان الاستفادة من هذه الخدمة العظيمة :
1- اختيار الوقت المناسب للتعامل مع الخدمة، فلا يصح أن تشغلك هذه الخدمة عن طاعة (قران - درس - جلوس مع الأهل - مع الوالدين) أو على حساب عمل رسمي.
2- التمحيص والتدقيق قبل الإرسال (كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع) فلا يرسل إلى بعد التثبت لكي لا يقع في المحذور.
3- استثمار الخدمة في التواصل، والدعوة وطلب العلم ونشر الفائدة، وتقوية الصلات، بالموعظة الحسنة، والدعاء، والحكمة والقصة، والخبر الصادقة، والطرف البريئة.
4- مناصحة المتجاوز على الخاص
تعمدني بنصحك في انفرادي • • • وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع • • • من التوبيخ لا أرضى استماعه
وإن خالفتني وعصيت قولي • • • فلا تجزع إذا لم تعط طاعة

5- تربية الأبناء على ذلك، وبيان فضل وخطر هذه البرامج.

■ أيها الكرام :
ما أجمل أن نستثمر نعم الله في طاعة الله.