من أحدث المقالات المضافة في القسم.

د. محمد عبدالله الشدوي عدد المشاركات : ﴿36﴾ التسلسل الزمني : 1445/01/14 (06:01 صباحاً) عدد القراءات : ﴿6158﴾

في نصرة النبي محمد ــ صلى الله عليه وسَلَّمَ : (قل موتوا بغيظكم).
لقد كانت الأمة العربية قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم قبائل متفرقة، متناحرة، جاهلة، يأكل القوي منها الضعيف، ويسطو الباطش على من لا حول له ولا قوة فيأخذ حقه، ويهتك عرضه، تعاملوا بالربا، وضيعوا الحقوق، وخانوا الأمانات، ووأدوا البنات، ولم يكن على مكارم الأخلاق منهم إلا القليل، ولو ما كانوا في قبيلة قوية لها شأنها بين القبائل العربية لما استطاعوا ممارسة الفضائل التي كانوا عليها.
نعم لم تكن للعرب قيمة تذكر قبل محمد عليه الصلاة والسلام فقد كانوا رغم شجاعتهم التي فرضتها عليهم قسوة الصحراء عبيدًا للأمم القوية من حولهم من فرس وروم وأحباش ومن تبعهم من العرب الحلفاء الذين كانوا يقطنون في أطراف الجزيرة العربية كالغساسنة والمناذرة والحميريين.
ومع بعثة النبي الكريم المرسل إلى الخلق كافة ارتفع ذكر العرب بكتاب الله الكريم : (لقد أنزلنا إليكم كتابًا فيه ذكركم).
نعم ببعثة النبي الكريم محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والسلام، علا ذكر العرب، وخرجوا من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد .
فتحوا مشارق الأرض ومغاربها بكلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) تلك الكلمة العظيم ذات الطاقة الهائلة التي أقضَّت مضاجع الأعداء والمنافقين والكفرة والملحدين وكانت عليهم اشد وقعًا من دوي المدافع وصليل السيوف، نعم لأنهم يعرفون فيما نزل الله إليهم من كتب سماوية كالتوراة والإنجيل أن نبي آخر الزمان سيكون من العرب، وسيكون نبيًا خاتمًا مرسلاً إلى الخلق أجمعين، ومن تلك اللحظة بدأت الحرب بين الحق والباطل، نعم منذ أمدٍ بعيد جدًّا، وليس وليد اللحظة بما كتبه وأنتجه شرذمة حاقدة من أفلام مسيئة لشخص النبي الكريم.
لقد حاول اليهود والنصارى منذ أمدٍ بعيد، وقبل بعثة النبي محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وقد عرفوا في كتبهم خبر بعثته، ومن أي قوم هو، وفي أي بيئة سيبعث، وفي أي زمان سيظهر، فبدأ أعداء الله ورسوله يفكرون في طريقة يصرفون بها - في زعمهم - النبوةَ عن ذلك الرجل العربي الذي ورد ذكره عندهم واسمه أحمد أو محمد، ومن هنا طرأت لهم فكرة خبيثة تتلخص في محاولتهم تخريب البيئة العربية بجميع مقوماتها التي ستنتج محمد عليه السلام فماذا فعل أعداء الله ورسوله ؟
قاموا بفتح حوانيت الخمارين في كل قبيلة، وجلبوا النساء المومسات من بلاد الروم والفرس والترك ووضعوهن في أخبية حمراء مميزة ومعروفة حتى يهتدي إليها الشباب بسهولة، وبالفعل نجحت خطتهم في أن كثيرًا من العرب أصبحوا يتهافتون إلى تلك الأماكن كما يتهافت الفراش على النار يمارسون الزنا ويشربون الخمور، ويفعلون في نواديهم المنكر، ولا يظن أحدٌ أن امرأة عربية حرة يمكن أن تمارس الزنا والدعارة إلا ما ندر، وكلٌ منا يعلم قول العربية الحرة الشريفة : تموت الحرة ولا تأكل بثدييها، وقول أخرى : ما أقبحه حلالاً - أي الجماع - فكيف به حرامًا ؟!، وكل ذلك معلوم لدينا، ولكن .. ما ذا عن محمد .. المقصود عندهم بالتدمير، والمراد بالاستهداف ؟
شاهت الوجوه، شاهت الوجوه، شاهت الوجوه، فمحمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم بعيد كل البعد عن مكائدهم، وكرههم وغيظهم : (قل موتوا بغيظكم) فمحمد في رعاية الله تعالى منذ أن كان نطفة في ظهر أبيه إلى أن قبضه الله إليه بعد أن أدى الأمانة وبلغ الرسالة، صنعه الله على عينه، وكفاه المستهزئين على مر الزمان.
ومن هنا علينا ألا نقابل مساوئ الكفرة والملحدين بما يقولون ويفعلون، وإنما يجب علينا أن نتقيهم حتى لا يسبوا الله ورسوله عدوًا بغير علم، ولنعلم يقينًا أن أولئك إنما أساؤوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام لأنهم يعرفون أنه أغلى شيء لدى المسلمين والعرب، وقد امتلأت قلوبهم حقدًا لما رأوا من علو هذا الدين العظيم، وانتشاره في جميع أصقاع الأرض، وأنه سيبلغ ما بلغ الليل والنهار رغم أنوفهم، فماذا ننتظر منهم وهم يعلمون أنهم سيهزمون ويولون الدبر، وأن شوكة الدين الذي جاء به محمد عليه السلام تحتد وتشتد يومًا بعد يوم، أرأيت لو سابك أحد من أعدائك ؟ سيسبك بأغلى شيء لديك ! متوهمًا أنه بذلك سيشفي غلاًّ يملأ صدره، فإن ساببته كنتَ مثله، وإن سكتَّ دافع الله عنك : (إن الله يدافع عن الذين آمنوا ...).
فلنقابل أعداء الله بالصبر على أذاهم فإن الصبر أقوى سلاح في مجابهة عدو مثل أولئك أما قرأتم قول الله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا) ولنتذكر أيضًا قول الشاعر :
اصبر على حسد الحسود • • • فإن صـــبرك قاتله
فالنار تـــــــأكل بعضها • • • إن لم تجد ما تأكله

■ وليكن شعارنا كلما نعق أولئك المبغضون أن نردد قوله تعالى : (قل موتوا بغيظكم).
|| د. محمد عبدالله الشدوي : عضو منهل الثقافة التربوية.