من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : عبدالله علي الخريف.
إجمالي القراءات : ﴿5343﴾.
عدد المشــاركات : ﴿27﴾.

واقع تطبيق مشروع تطوير العلوم والرياضيات.
■ مقدمة :
في البداية لا بد أن أنقل لكم من الميدان التربوي تحديداً ومن النوع الصادق والمجتهد والمتميز من الزملاء المعلمين الذين تعاملوا مع المناهج المطورة بأسلوب رائع ترحيبهم الكبير بهذه المناهج ونظرتهم الشاملة إليها على أنها منهج متكامل لا كتاب أو مقرر.
وإن هذه النظرة الواعية هي أهم الخطوط وأكثرها وضوحاً وأقربها للوصول إلى تحقيق الأهداف بشكل منظم ودقيق.
إن التعامل مع هذا المشروع الكبير من منطلقات مطبعية قصيرة المدى وعلى اعتبار أن ما حصل لا يعدو عن كونه تغييراً في المظهر الخارجي للكتاب المقرر وتزويده ببعض الرسومات التوضيحية فحسب.
إن فهم الأمر من نظرة علوية شاملة تتمثل في اعتبار الأمر منهجاً متكاملاً وخطة تفصيلية لصناعة منهج علمي وعملي متميز يتعامل مع الواقع بكل تفاصيله ويشرك لخدمة تنمية معارف الطلاب ومهاراتهم كامل المشهد بكل وسائل الاتصال الحديثة وكل التقنيات والوسائل والأساليب.
ولكن ذلك بالطبع يفترض نوعاً محدداً من المعلمين الذين يملكون الاستعداد المعنوي والفني لكذا مشروع كبير ومميز, كما يفترض واقعاً تجهيزياً متكاملاً أو قريباً من التكامل, كما يفترض قناعة سابقة بأن كل جديد سيواجه برفض التغيير, وأخيراً فلا بد من تأهيل وتدريب مستمر للمعلمين الذين يقومون على هذه المناهج.

■ يتمحور الأمر إذا في أربعة محاور :
● رفض التغيير والممانعة من قبل المعلمين خاصة.
● حاجة المناهج إلى المزيد من الوسائل المحققة لأهداف المشروع ولعناصر التطوير.
● غياب نظام رقابي محاسبي لمتابعة تطبيق المشروع.
● الضعف الفني والعلمي لدى العديد من المعلمين.

الأمور الأخرى تعتبر تفصيلية وثانوية أو أبعد لا يمكن لأي عمل أن ينفك عنها, كما لا يمكن أن تعتبر معيقاً حقيقياً يجب التوقف عنده طويلاً.
وأخيراً : فإننا نتفاءل كثيراً في أن يكون هذا المشروع طريقاً إلى النجاح وإلى بناء متكامل من العمل التربوي التعليمي الذي يبني أبناء الوطن والوطن.

■ مقاومة التغيير.
مع أن الكثير من القائمين على بناء المشاريع ورسم سياساتها لا يغفلون هذه النقطة أهميتها إلا أن الآليات التنفيذية تكاد تخلو من توصيف للمشكلة واقتراح للحلول ورسم شامل للتصور المبدئي وللتعامل معها كواقع مزعج تتعثر البدايات كثيراً بسبب ذلك.
إن المعلم الذي استمر يقدم منهجا لسنوات لن يندمج ويكون عراباً بالقدر الكافي لمنهج جديد، ولن يسمح باقتحام حتى الخطوط الأمامية لحصونه المانعة والرافضة للتغيير إلا بعد جهد جهيد وتحويل متدرج للقناعة الأولى بناء على نجاحات ظاهرة للحال الجديد. إن التعامل مع الأمر من منطلق الأمر والنهي والواجبات والقوانين وحده لا يكفي، إن ذلك قد ينجح في المصنع أو المزرعة ولكنه قطعاً لن يكون جيداً في المدرسة ما لم يملك المعلم قوة داخلية تدفعه ليكون أحد الجنود الصادقين لتنفيذ أهداف المشروع، ولكن لو تحقق ذلك فإن الكثير من الصعوبات ستختفي, والكثير من العقبات ستزول, والكثير من النجاح سيظهر.
إن المراهنة على عامل الزمن وأنه كفيل بتقليص سماكة مقاومة التغيير سيكون على حساب الطالب وعلى حساب إفادته بشكل سريع وعملي من المنهج الجديد.
إن بحث الأمر أثناء التخطيط للمشروع وقبل خطواته الأولى وطرح الحلول العملية وتسهيل كل المشكلات قد يخفف من الأمر ويحوله إلى مشكلة صغيرة فحسب.

■ حاجة المناهج إلى المزيد من الوسائل المحققة لأهداف المشروع ولعناصر التطوير.
ليس سراً أن يكتشف المتصفح الأول للكتاب المقرر للمناهج أنها تحتفل بكل الأشياء الصغيرة والكبيرة من حول الطالب, وأنها تسخر كل ذلك بشكل ذكي وعملي لخدمة أهداف المنهج الشاملة, وأن المعلم سيحتاج ربما لدفع عربة محملة بالكثير من الأشياء كبائع متجول مع كل درس جديد.
ولكن الأمر الذي أود الإشارة إليه بأهمية هو حول واقع حضور كل الوسائل المكملة للمنهج في المدرسة, ولا أعني مدرسة محددة ولا أنموذجاً مثالياً, ولا مدرسة بذل مديرها ومعلموها جهودهم وأموالهم لتحقيق ذلك ولكني أعني مدرسة مزدحمة في حي شعبي في مدينة مكتظة, ومدرسة في هجرة صغيرة لا يصل إليها أي نوع من وسائل الاتصال.
وأعتبر أن هذه المدارس ستكون محرجة كثيراً أثناء التعامل مع هذه المناهج المطورة التي تفترض أن يكون كل ما ومن حولها متطوراً أو مطوراً حتى.
وأعلم بشكل عملي أن الإمكانات لن تكون مبرراً للتقاعس, ولا حجة لتضييع المنهج, ولا ذريعة أمام الناجحين لعدم تحقيق نجاحهم, كما أعلم أن دولة مثل كوريا تنجح في التعليم بلا وسائل حديثة, ولكنني أفترض أن منهجاً بني على أن يكون متفاعلاً بشكل يومي مع وسائل محددة أو مفتوحة ثم لا يجد المعلم شيئاً من ذلك وأترك للأخوة عبر هذه الورشة مناقشة الأمر.

■ غياب نظام رقابي محاسبي لمتابعة تطبيق المشروع.
ترددت كثيراً في طرح الأمر, فلا أكثر مما تحدث المهتمون بالتربية والتعليم عنه, ولا أكثر مما انتهى الحديث بالاتفاق على ضرورة أن يكون هناك نظام محاسبي رقابي متكامل يتعامل مع المعلم والمشرف وجميع العاملين في الشأن التربوي التعليمي بل في كل مؤسسات الدولة بشكل مؤسسي يربط أداءه بما يأخذ من أجر وبما يكلف من عمل.
ولكنني لا أريده جدلاً بيزنطياً غير أن وضعه في الصورة يمنحها توازناً من حيث التصور العام حول المناهج المطورة وطبيعة تعامل المعلمين معها ورفضهم أو قبولهم العملي وليس النظري للانطلاق بها ومعها إلى الطلاب والتطوير الذاتي للأداء وكل تلك الأمور التي لن تتحقق من منطلقات ودية أو تكليفات شفهية.
إن دور المدير والمشرف التربوي يمنح الأمر شيئاً من التوازن ولكنهم وبحق يلوكون الكثير من الشكوى والتذمر حيال الكثير من الصور المشوهة في الميدان.

■ الضعف الفني والعلمي لدى العديد من المعلمين.
لم يخف ولدي الصغير الذي يدرس في الصف الرابع الابتدائي شكواه من أن معلمهم يقف حائراً كثيراً أمام أسئلة بعض الطلاب عن الكثير من المسائل, كما لم يذهب عن ذكاء الصغار أن يكتشفوا بسرعة أن معلمهم ضعيف !
من خلال الكثير من الزيارات للمعلمين في المدارس, وحتى أولئك الذين يتعاملون مع صفوف مبكرة فإنك تأسف لحال المعلم حين يقف حائراً أمام تفاصيل صغيرة لأنه باختصار لا يملك شيئاً ليمنحه.
إن المشروع (المتكامل) لن ينجح مطلقاً ولن يكتب له أن يسهم في تحقيق أهدافه وفي رفع مستويات أبنائنا الطلاب ما لم يكن المعلم الذي يقوده مؤهلاً.
لا أملك الكثير من الحديث والتفصيل حيال هذه القضية المحبطة, لكنني أؤكد لكم أن مفتاح نجاح أو فشل المشروع بين يدي المعلمين والمعلمات بل هو أبعد من ذلك إنه تحديداً في عقولهم وقلوبهم, وهذا ليس حديثاً إنشائياً بلغة شاعرية, بل هو حديث دقيق يصف الواقع بكل أسى حينما لا يمنح فاقد الشيء لأنه لا يملكه قبلاً.
إن التفاصيل الصغيرة كما تقدم يمكن عرضها بشكل سريع في نقاط منقولة بأمانة عبر استبانات تم توزيعها على المدارس وكتب المعلمون من على مقاعد الدرس كل النقاط الصغيرة والكبيرة التي سأعرض الآن بعضها :
● التفاصيل أطول من الوقت.
● كتاب النشاط المستقل أصبح عبئاً.
● التكرار والاشتراك بين كتاب النشاط والكتاب المقرر همّش كتاب النشاط.
● مستوى المناهج أصعب من تفكير الطلاب !
● تكرر الأخطاء المطبعية كثيراً.
● عدم وجود حيّز كاف لكتابة الطالب داخل الكتاب.
● إشراك الميدان في صناعة المنهج قبلاً.