من أحدث المقالات المضافة في القسم.

عمر علي باسيف.
عدد المشاركات : 58
1436/04/15 (06:01 صباحاً).
عدد المشاهدات :: ﴿﴿10263﴾﴾

أم سليم بنت ملحان : صحابية.
الصابرة، التي طلبت مهرها الإسلام !
نتناول اليوم سيرة لؤلؤه من لألي العقد الفريد من الصحابيات الجليلات رضي الله عنهن إنها الصحابية الجليلة أم سليم رضي الله عنها، المرأة التي ضربت أروع صوار الإيمان بالله وبرسوله والصبر في سبيل الله التي ركنت عن ملذات الدنيا وزخرفها وأما نساء اليوم كثير منهن استسلمت لأعدائها من الكفار والمنافقين وطبقت أفكارهم غير عابئة بدينها ولا حول ولا قوة إلا بالله، فمن هي أم سليم ؟

هي الصابرة التي طلبت مهرها الإسلام أم سليم بنت ملحان رضي الله عنها، بشرها النبي صلى الله عليه وسلم (بالجنة، فقال : "دخلتُ الجنة، فسمعتُ خشفة (حركة) بين يدي، فإذا أنا بالرميصاء بنت ملحان" متفق عليه، تُري ماذا عملت تلك السيدة لتكون من أهل الجنة ؟ وماذا عن حياتها ؟
إنها آمنتْ باللَّه، وآثرتْ الإسلام حين أشرقتْ شمسه على العالم، وتعلمتْ في مدرسة النبوة كيف تعيش المرأة حياتها، تصبر على ما يصيبها من حوادث الزمان، كى تنال مقعد الصابرين في الجنة، وتفوز بمنزلة المؤمنين في الآخرة.
فقد فقدت "الرميصاء" ابنها الوحيد، وفلذة كبدها، وثمرة حياتها، حيث شاء اللَّه له يمرض ويموت، فلم تبكِ ولم تَنُحْ، بل صبرتْ واحتسبتْ الأجر عند اللَّه، وأرادت ألا تصدم زوجها بخبر موت ابنه، وقررت أن تسوق إليه الخبر في لطف وأناة، حتى لا يكون وقْع الخبر سيئًا، عاد أبو طلحة، وقد كان غائبًا عن هذه الزوجة الحليمة العاقلة، فما إن سمعت صوت زوجها - حتى استقبلته بحفاوة وبوجه بشوش، وقدمت له إفطاره - وكان صائمًا - ثم تزينت له زينة العروس لزوجها ليلة العرس، أقبل أبو طلحة يسألها عن الولد، وقد تركه مريضًا قبل أن يخرج، فتجيب في ذكاء ولباقة : هو أسكن من ذي قبل.
ثم تتحيَّن الزوجة الصابرة الفرصة، فتبادره في ذكاء وفطنة بكلمات يحوطها حنان وحكمة قائلة له : يا أبا طلحة، أرأيت لو أن قومًا أعاروا أهل بيت عارية، فطلبوا عاريتهم، أيمنعونهم ؟ قال : ليس لهم ذلك، إن العارية مؤداة إلى أهلها، فلما انتزعت منه هذا الجواب، قالت : إن اللَّه أعارنا ابننا، ثم أخذه مِنَّا، فاحتسِبْه عند اللَّه، قال : إنا للَّه وإنا إليه راجعون، ووجد في نفسه مما فعلت زوجته.
فلما لاح الفجر، ذهب أبو طلحة إلى النبي (يخبره بما كان من زوجه أم سليم)، فيقول النبي "بارك اللَّه لكما في ليلتكما" البخاري.

يقول أحد الصحابة : إنه وُلد لأم سليم وزوجها من تلك الليلة عبدالله بن أبى طلحة فكان لعبدالله عشرة من الولد، كلهم قد حفظ القرآن الكريم، وكان منهم إسحاق بن عبدالله الفقيه التابعي الجليل.

كانت أم سليم مؤمنة مجاهدة تشارك المسلمين في جهادهم لرفع راية الجهاد والحق، فكانت مع أم المؤمنين السيدة عائشة - رضي اللَّه عنهما - يوم أُحد، فكانتا تحملان الماء وتسقيان العطشى، وفى يوم حنين جاء أبو طلحة يُضحك رسول اللَّه (من أم سليم، فقال : يا رسول الله هذه أم سليم معها خنجر ؟ فقالت : يا رسول الله إن دنا منى مشرك، بقرت به بطنه).

ولم تكتف الغميصاء بالمشاركة في ميدان الجهاد، بل اشتهرت مع ذلك بحبها الشديد للعلم والفقه، فعن أم سلمه - رضي الله عنها - قالت : جاءت أم سليم إلى رسول اللَّه (فقالت : إن اللَّه لا يستحيى من الحق، فهل على المرأة من غُسل إذا احتلمت ؟ فقال "إذا رأت الماء" (فغطَّتْ أم سلمه وجهها حياءً) وقالت : أو تحتلم المرأة ؟
قال : "نعم .. تَرِبَتْ يمينُكِ فبِمَ يُشْبِهُـهَا ولدُها ؟" البخاري.

وقد اختلفوا في اسمها، فقيل، سهلة، وقيل : رُميلة، وقيل : رُميتة، وقيل : أنيفة، وتعرف بأم سليم بنت ملحان بن خالد بن زيد ابن حرام من الخزرج من بنى النجار، تربطها بالنبي صلى الله عليه وسلم (صلة قرابة، ذلك أن بنى النجار هم أخوال أبيه، وهى أخت حرام بن ملحان، أحد القراء السبعة، وأخت أم حرام زوجة عبادة بن الصامت تزوجت "مالك بن النضر" فولدت له أنس بن مالك.

وذات يوم جاءت أم سليم إلى زوجها مالك بن النضر - وكانت قد أسلمت، وهو لا يزال على شِركه - فقالت له : جئتُ اليوم بما تكره ؟ فقال : لا تزالين تجيئين بما أكره من عند هذا الأعرابي (يقصد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قالت : كان أعرابيّاً اصطفاه الله واختاره، وجعله نبيّا، قال : ما الذي جئتِ به ؟ قالت : حُرِّمت الخمر، قال : هذا فراق بيني وبينك، فمَات مشركًا وتقدم "أبو طلحة" إلى أم سليم ليخطبها وذلك قبل أن يسلم، فقالت له : أما إني فيك لراغبة، وما مثلك يُرد، ولكنك رجل كافر وأنا امرأة مسلمة، فإن تسلم، فذلك مهري، لا أسألك غيره، فأسلم أبو طلحة وتزوجها، وفى رواية أنها قالت : يا أبا طلحة ألستَ تعلم أن إلهكَ الذي تعبده خشبة نبتتْ من الأرض نَجَرَها حبشي بن فلان ؟ قال : بلي، قالت : أفلا تستحي أن تعبدها ؟ لئن أسلمت لم أُرِدْ منك من الصداق غير الإسلام، فأسلم، قالت : يا أنس - (انس بن مالك رضي الله عنه) ! زوِّج أبا طلحة فكان ابنها وليَّها في عقدها - من زوجها الأول، قال ثابت : فما سمعنا بمهر قط كان أكرم من مهر أم سليم : الإسلام، وكان النبي (يزور أم سليم - رضي الله عنها - ويتفقد حالها، فسُئل عن ذلك، فقال : "إني أرحمها، قُتل أخوها معي" الطبراني وأخوها هو "حرام بن ملحان" قتل في بئر معونة شهيدًا في سبيل الله تلك هي أم سليم، عاشت حياتها تناصر الإسلام، وتشارك المسلمين في أعمالهم، وظلت تكافح حتى أتاها اليقين، فماتت، ودُفنتْ بالمدينة المنورة، رحمها الله تعالى ورضي الله عنها.

اللهم أرزقنا إيماناً ويقيناً بك يا ارحم الراحمين .. إنك ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
• الغميصاء أو الرميصاء : إنما سميت بهذا الأسم لصغرها وقله ضوئها، من غمص العين، لأن العين إذا غمضت صغرت.
|| عمر علي باسيف : عضو منهل الثقافة التربوية.