من أحدث المقالات المضافة.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : بدرية عبدالرؤوف.
إجمالي القراءات : ﴿4963﴾.
عدد المشــاركات : ﴿103﴾.

ضوابط السلطة التقديرية في الفقه الإسلامي.
■ في الأصل يشترط لكل التصرفات الإدارية أن تكون متوافقة مع قواعد موضوعة من قبل، أي : خضوع تلك التصرفات لنصوص الشريعة الإسلامية والأنظمة الصادرة بالاستناد إليها، حتى لا تتعرض تلك التصرفات للبطلان والإلغاء، لذا يجب تقييد العمل بالسلطة التقديرية بالضوابط الآتية :
1- عدم مخالفة النص من الكتاب أو السنة : يجب على رجل الإدارة في كل تصرفاته أن ينظر في نصوص الكتاب والسنة المطهرة، فإن وجد الحكم في أحدهما منصوصاً عليه بالوجوب أو الحظر، كانت سلطته مقيدة بما هو منصوص عليه، وأما إن خيره النص، أو سكت عن بيان حكم تلك القضية، كان له الحرية في التعامل (إدارياً) إزاءها.
2- عدم مخالفة الإجماع : فإذا كانت القضية غير منصوص عليها، لا في الكتاب ولا في السنة المطهرة، فعلى رجل الإدارة أن ينظر في ما أجمع عليه علماء الأمة، لأن السلطة كما تتقيد بالنص، تتقيد أيضاً بما هو على إجماع فيُفترض أن لا يخرج عنه.
3- عدم مخالفة مقاصد الشريعة الإسلامية : إن الشريعة موضوعة لمصالح العباد، ودرء المفاسد عنهم، فمن قصد غير ما وضعت له، كان مناقضاً لها فيكون عمله باطلاً، لقوله تعالى : «ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت سعيراً» (النساء : 115)، وعليه يجب أن تكون تصرفات المكلفين سائرة في فلك هذه المقاصد، غير خارجة عنها ولا مصادمة لها، وغير ذلك معناه مخالفة التشريع في مقاصده وأهدافه.
4- عدم مخالفة العرف : جاء الإسلام لإصلاح ما فسد من أوضاع الناس، ولم يكن من أهدافه هدم ما اعتاده الناس من عادات صالحة، تعارفوا عليها جيلاً بعد جيل، وهو باحترامه للعرف يكون قد شرعه للناس، وبناء على القاعدة الفقهية «العادة محكمة»، ومقتضى ذلك استقرار المجتمع وضبط إجراء الممارسات الإدارية وفق الأعراف التي في اعتبارها مصلحة معتبرة شرعاً.
5- عدم مخالفة قواعد سد الذرائع : إن على رجل الإدارة، قبل أن يتخذ أي تصرف إداري، أن ينظر وأن يتأكد أن ذلك التصرف لا يخالف الكتاب أو السنة المطهرة أو أمراً مجمعاً عليه، ولا يخل بقصد من مقاصد الشارع، وأن يراعي العرف الذي تعارف الناس عليه. وإن سد الذرائع هو نوع من المصلحة لأنه «عبارة عن أمر غير ممنوع لنفسه، قويت التهمة في أدائه، إلى فعل محظور» أو هو الطريق، والوسائل، حتى لا تؤدي إلى آثارها المقصودة سواء أكانت محمودة، أم مذمومة، صالحة أم فاسدة، ضارة أم نافعة. لذا على الإدارة أن تعمل سلطتها التقديرية، بحيث لا يكون في قراراتها المتخذة ذريعة إلى مفسدة يمنعها الشارع.
◄ د. خالد خليل الظاهر ــ المعهد العالي للقضاء ــ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (بتصرف).