من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

مجرد كلام ﴿1430﴾.
متعة الفشل ﴿2803﴾.
مفاهيم ملحة ﴿3706﴾.
شذوذ وخلل ﴿5353﴾.
كالماء .. كن ﴿3417﴾.
بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. أكرم محمد مليباري.
إجمالي القراءات : ﴿2218﴾.
عدد المشــاركات : ﴿26﴾.

تساؤلات في علم المنطق : هل نتحدث ؟ الحلقة الثانية.
■ كيف حالك اليوم ؟ أنا بخير ولله الحمد.
هذا المكان الذي نمشي فيه جميل، أليس كذلك ؟ بلى هو كذلك، يشعرني أنه مكان يمنحني الكثير من الراحة والاسترخاء، وشيئاً من الحرية، برأيي إن المشي يخففُ من ضغوط اليوم الشاق، ويمنح الإنسانَ جواً مختلفاً عن جو المباني المسلّحة !
هل فكّرت يا صديقي فيما كنا نتحدث عنه المرةَ الماضية ؟ أنا أخذت وقتاً للتأمل في حديثنا عن الصداقة؛ ووجدت أن الصداقةَ تحملُ معانٍ أكبرَ وأعمق مما كنا نتصوره، ونحن لم ندرك كيف كانت الصداقة في الماضي البعيد، وعبر مرور زمنٍ طويل، ولكن نستأنس بالقصص التي تُروى هنا وهناك؛ فلا نكذّبها ولا نسلّم بها بشكل كامل، وإنما يتعين علينا أن نحكّم فيها عقولنا، ومن خلاله نستطيع أن نرسم تصوراً واضحاً عن الصداقة؛ كذلك من خلال المرحلة الزمنية التي نعبرُ في أجزاءها واحداً بعد الآخر، وبكل ما فيها من مواقف ومعايشات وردود أفعال؛ نستطيع الحكم على ما نراه ونعيشه؛ تماماً كالمكان هذا الذي نمشي فيه، من حيث ترتيبه، تنسيق الشوارع، الأشجار، الأشخاص الذين نصادفهم .. إلخ.
ولا أظنك عزيزي القارئ، تختلف معي في أن الصداقة الحقيقية قد انعدمت من الوجود؛ ولكنها شُوّهت بشكل كبير - إن صلح التعبير - لأسباب نعلمُ بعضَها، ونجهل الكثير منها، وهو ليس بشاهدنا، وإنما نحن جزءٌ من المجتمع الذي كان كبيراً، وتقلص ليصبح معولماً في قرية صغيرة تُدعى العالم بأسره !
ففي رأيي فإن بعضَ الاعتبارات الإنسانية كالصداقة مثلاً؛ ربما أخذت بالتموضع في أوجه شبهٍ، قد لا يختلف في وصفها بذلك، الكثيرُ من أفراد سكان المعمورة؛ وقد يكون السبب الأقوى لذلك؛ العولمة.
هل تريد الحديث عن موضوع آخر حتى لا أكون سبباً في مَلَلِك ! حسناً يا صديقي العزيز، ما رأيك في التحدث عن النفس ؟ هل أنت جاهز للأسئلة ؟ حسناً سأحاول ألا أتسبب لك بالصداع ! من كثرة النقاش !
صديقي العزيز، هل أنت متصالح مع نفسك ؟ حسناً دعني أوضّح ما أقول : هل تعتبر نفسك كثيرَ اللوم لما تقوم به من تصرفات، وأفعال خلال اليوم والليلة، أو مثلاً توجه اللوم لنفسك؛ لأحداث وأفعال حدثت في الماضي، سواءً القريب أو البعيد ؟ وإذا كان كذلك بالفعل؛ هل يأخذ ذلك من وقتك الكثير ؟ أو يؤثر عليك وعلى حياتك بشكلٍ عام، وبشكل سلبي ؟ فقط أريد أن أُأكد هنا أنني لست مختصاً في علم النفس، ولكنني فقط أطرح عليك وعلى نفسي أسئلة؛ أتصور أنها تُشكّلُ محوراً مهماً في الحياة بشكل عام، ولا يعني هذا أنني سأطرح حلولاً فاعلة، وإنما اجتهادية فقط، اتفقنا ؟

حسناً نعودُ لموضوعنا، هل تُحبُ نفسك ؟ أعرف ربما تقول في نفسك : (ما هذا السؤال السخيف !) أنا أعرف طبعاً أنه لا يكاد يوجد من لا يحب نفسه، ولو لمقدار قليل، ولكن عنيت بسؤالي، هل تحب نفسك لدرجة أنك تشعرُ بالثقة تجاه هذا الحب، وما يمكن أن يجعلك تحقق طموحاتٍ وأحلاماً، أنت تتوق لتحقيقها في حياتك؛ من خلال الدعم الذي يمدك به هذا الحُب ؟ هل تشعر أنك لا ترغب في قضاء بعض الوقت مع نفسك ؟ أنا شخصياً ألمس في بعض من أعرفهم؛ أنهم لا يطيقون الخلوة بأنفسهم والتفكير في أنفسهم، بأي شكل من الأشكال، برأيك تعتقد لماذا ؟
ربما تقول : (و كيف لي أن أعرف، و هل أعلم الغيب لأعلم ما يدور في أنفسهم و قلوبهم ؟) هذا قولٌ منطقي، فلا يعلم الغيب إلا الله تعالى؛ ولكن أنا أعتقد أن من الناس من يهربُ من نفسه، كهروب اللص من الشرطي ! هذا في تصوري، ولا يعني بالضرورة أن أكون على صواب، وربما يكون الهروب هذا، الذي نتحدث عنه أنا وأنت؛ له أسبابٌ كثيرة، منها ما هو معروف ومنها ما هو غير معروف.
وفي رأيٍ اجتهاديٍ، قد يكون أحد الأسباب، هو بعضُ الإخفاقات، والتعثرات التي وقع فيها الإنسانُ، في حياته وتركت في نفسه ما يمكن أن أُسمّيه (ندبات) أو (كدمات) خلّفت آلاماً متواصلةً، قد لا يخفف وطأتها إلا هذا الهروب الذي نتحدث عنه.

أذكّرك مرةً أخرى أنني لست بالمختص في علم النفس؛ ولكن ما أقوله هو مجرد مرئيات لا أكثر، فمن المحتمل بصورة كبيرة، أن ما نتحدث عنه هنا؛ يحتمل الخطأ أو الصواب، والفكرة التي أرمي إليها من هذه الاجتهادات، هي الحديث المسترسل، الذي لا يتقيد بقوانين أو دراسات مُحكّمة؛ وإنما نوع من البوح والتنظير.
هل تشعر يا صديقي بأنك ممن يُثار بسرعة، تجاه موقفٍ قد تتعرض له، خلال يومك ؟ أي أنه إذا شتمك أحدٌ مثلاً؛ تغضب غضباً شديداً؛ وبدورك تقوم أنت بتوجيه ألفاظ مقذعة أو نابية، بالمقابل كرد فعلٍ على ذلك؛ دون التريث أو التفكير فيما يمكن أن يؤدي رد الفعل الذي يصدر منك هذا ؟
هل تشعر أنك لا تستقر ولا تهدأ نفسُك بشكلٍ عام، حتى تهب لنفسك انتصاراً، ولو بجزءٍ يسير؛ حين تختلف وجهات نظرك عن وجهات نظر الآخرين، أو آراءهم، أو أنها لا تعجبهم ؟
هل تصنف الآخرين حين لا يتفقون معك في رأيٍ معينٍ، أو وجهات نظرٍ أنت تؤمن بها؛ بأنهم أغبياء أو قليلو الذكاء ؟!
هل تتمسك أو تتشدق برأيك، في أمرٍ ما حتى لو كان قابلاً للنقاش ؟
هل تعتبر أن من يختلف معك في الرأي أو ينتقدك؛ هو في الحقيقة ينتقص من شخصك أو كرامتك ؟
هل تشعر بأنك ضحيةً لجلاد ؟ ومن هو جلادك؟
هل تشعر بأنك شخصٌ قد وُضع في مكانٍ أو منصبٍ، أقل مما يستحقه مثلاً، أو غير ملائم لشخصٍ ذكي مثلك ؟
هل هناك شخصٌ في حياتك، تلقي باللوم عليه؛ حال تعرضك لموقفٍ تشعرُ فيه أنك مظلوم أو مسلوب لبعض حقوقك ؟
أشعرت يوماً أنك تشعر بالغيرة أو الحسد من أحد من الناس ؟
هل تلقي باللوم على نفسك بشكل متكرر؛ كلما تعرضت للإخفاق أو الفشل ؟
لو أن ظروفك الاجتماعية والمادية، أفضل مما هي عليه الآن؛ مالذي كنت تنوي فعله ؟ ولماذا ؟
هل تشعر بالتقرب لمن هم يشاطرونك الظروف ذاتها، أو المشابهة لظروفك بشكل كبير ؟ ومالذي يدفعك للقيام بذلك ؟
هل تشعر بأن من لم يمر بنفس المعاناة، والألم الذي تشعر به أنت؛ هو من أصحاب عدم الخبرة ؟
برأيك من يُخطئ بحقك ويضعك في موقف أنت لا تريده؛ هو يقدم لك خدمة، بحيث يُعلمك الصبر على الإساءات ؟ أم أنك لا توافق على ذلك ؟ ولماذا ؟
ما هو تصنيفك لمن يُسيئ إليك من الناس ؟
هل تشعر أن الكثير من الناس؛ يتصيدون لك الأخطاء والزلات والهفوات، دون أن يحفظوا لك معروفاً ؟
ما الذي برأيك يجعل الناس يميلون لتصيّد أخطائك وهفواتك؛ دون أن يذكروا لك معروفاً ؟

والآن يا صديقي : أريد منك أن تتأمل فيما كنا نتحدث عنه، وأنتظر منك الإجابة في اللقاء القادم، وأعتذر إذا كنت قد سببت لك الملل !
image الفلسفة التطبيقية : فن المقاربة.