
د. محمد الصفى بن عبدالقادر
عدد المشاركات : ﴿65﴾
التسلسل الزمني : 1439/03/01 (06:01 صباحاً)
عدد القراءات : ﴿2618﴾
المغرب : محمد العروصي ــ فنان تشكيلي.
◄ قراءة في أعمال التَّشْكِيلِيِّ محمد العروصي : سمفونية لونية عاشقة وتجريد لا متناهي.
"وظيفة الفنان ليس أن يرسم ما يراه ولكن أن يعبر عن الدهشة التي يسببها ما يراه وينجح في التعبير عنها بقوة" الفنان الفرنسي "ما تيس".
لا يمكن لنا قراءة أي لوحة تشكيلية إلا من خلال معجم الفنان الذي أخرجها لحيز الوجود، حتى يكون القول بمساحة الموضوع وعمقه، وإذا جاز لنا هذا القول عندها سنعرف كيف يتبوأ الفنان التشكيلي محمد العروصي مكانة بارزة وبجدارة يستحقها في الوسط التشكيلي المغربي، حيث نلاحظ عند تشكيل لوحاته الفنية ووضع اللمسات الأخيرة عليها، أن منتوجه قبل النضج والانتهاء منطوٍ على تشفيرات لا يعرف كنهها سوى المعني بتخليقها (محمد العروصي) وذلك يعني أن ترويضه للمساحات التي يولدها في اللوحة، تنقل بانوراما جمالية ذات شعرية متميزة كتلك الشعرية التي تنجزها القصيدة التي تدعو للسلام والتسامح والتعايش الحضاري بين أبناء هذا الكون ! فيما الألوان فهي رشيقة متناغمة تهب سيرها الأبدي وللخطوط لديه خطابها الجمالي المنزو في كل لوحة ملامسا سحر الأمكنة، خالقا بذلك حوارا متسلسلا بين معجم اللوحة الأولى واللوحة الثانية أو الثالثة .. الخ، وهمسات ابداعية خلاقة مما أنتج لنا السيرورة التشكيلية المكانية الجمالية، كما نرى الفنان المبدع محمد العروصي مستخدما في لوحاته نسخ التجريدي الصافي هو عبارة عن خطوط متوازنة في التركيب والتأويل المعاكس، أي والمخالف لمنطوق اللوحة المتناقضة حتى تضيف البهجة والبعد البصري ومضاداتها،الألوان مع بعضها والضوء والظل، واستعمال المساحات الفارغة اللذين تمليء اللوحة بهما.
فهو أحد التشكليين المغاربة الذي عشق اللون والريشة، وحضن المراسم، ليتمكن من دراسة أكاديمية زادت من مؤهلاته وعشقه لتجليات العمل الفني النابع من نياط القلب، المتشبع بالروح المتناغمة، فهو من المغامرين القلائل الباحثين عن قيمة التجريد اللوني المطلق في فضاء الحداثة اللونية المعبرة عن روح المعنى، فاللون وحده هو نقطة الارتكاز الأساسية في فنه، إذ يعتمد في تشكيله اللوني على مدى أو مركز معين في اللوحة، يكثف فيه إيقاعاته اللونية بحيث تتداخل الطبقات اللونية فيما بينها ضمن مركزية الفكرة، فهو يحول كل ما يجول بخاطره إلى فيض من الألوان المتداخلة والمتجاورة بقصدية ليست عفوية، بل تختزن نكهة من مزاج المكون المغربي الأصيل، مؤسسا بذلك مدرسة لونية خاصة به، تداخل فيها التوازن التجريدي بين العلاقة الشكلية والتعبيرية الباطنية، مشكلا سمفونية تحاول أن تجمع أزمنه متفاوته في لحظة واحدة من خلال هارمونية بصرية تعيد رسم معالم الواقع وفق رؤية فلسفية، تحمل الجوهر لتحيله إلى ما ورائية قصدية تتناغم بين الصفاء الروحي والتأمل العقلي.
إننا بتفحصنا لأعمال محمد العروصي نجد ذلك الترابط الموضوعي بين الشعر واللون والفلسفة والموسيقى. فقد لازم صورا حية وسهلة الانقياد لفهمنا، إن اشتغاله الفني يبتدئ من اهتمام هذا الفنان بفنون عصر النهضة وطبّعت صوره المستلة مواضيعها من طبيعة المشاهد التي نألفها في تجاربنا البصرية المعتادة. غير أن الفارق هو في التوليف الصوري وفي إنشاء الموضوعات المركبة، وفي اقتراح الصيغ المثلى في تغيير الاحتمالات الشكلانية للأشياء المرئية، بتغيير احتمالاتها المكانية على نحو مثير بحيث أنها تخلق شعورا بالارتحال إلى زمن لا يشبه زماننا. إنه عالم الأحلام، ومنه نقول أنه يمتلك المقدرة على التلوين ويهتم بالتفصيلات الدقيقة جدا، وغالبا ما يأتي اهتمامه هذا ليؤكد خبرة معرفية وفنية وحسية استطاع الفنان الكبير أن يكتسبها عبر تجربة امتدت سنوات عديدة جعلته يفاجأ المتلقي من اللحظة الأولى لفعل المشاهدة، بتحقيق حالة من الإبهار والتساؤلات، تجعله ينشد ببصره نحو اللوحة متفحصا عالمها المفترض، دون أن يجد لها إجابة واحدة بل عدة إجابات متداخلة فيما بينها وهو ما يجعلنا نعود لنقطة الانطلاقة أن للفنان محمد العروصي معجمه الخاص.
|| د. محمد الصفى بن عبدالقادر : عضو منهل الثقافة التربوية.
◄ قراءة في أعمال التَّشْكِيلِيِّ محمد العروصي : سمفونية لونية عاشقة وتجريد لا متناهي.
"وظيفة الفنان ليس أن يرسم ما يراه ولكن أن يعبر عن الدهشة التي يسببها ما يراه وينجح في التعبير عنها بقوة" الفنان الفرنسي "ما تيس".
لا يمكن لنا قراءة أي لوحة تشكيلية إلا من خلال معجم الفنان الذي أخرجها لحيز الوجود، حتى يكون القول بمساحة الموضوع وعمقه، وإذا جاز لنا هذا القول عندها سنعرف كيف يتبوأ الفنان التشكيلي محمد العروصي مكانة بارزة وبجدارة يستحقها في الوسط التشكيلي المغربي، حيث نلاحظ عند تشكيل لوحاته الفنية ووضع اللمسات الأخيرة عليها، أن منتوجه قبل النضج والانتهاء منطوٍ على تشفيرات لا يعرف كنهها سوى المعني بتخليقها (محمد العروصي) وذلك يعني أن ترويضه للمساحات التي يولدها في اللوحة، تنقل بانوراما جمالية ذات شعرية متميزة كتلك الشعرية التي تنجزها القصيدة التي تدعو للسلام والتسامح والتعايش الحضاري بين أبناء هذا الكون ! فيما الألوان فهي رشيقة متناغمة تهب سيرها الأبدي وللخطوط لديه خطابها الجمالي المنزو في كل لوحة ملامسا سحر الأمكنة، خالقا بذلك حوارا متسلسلا بين معجم اللوحة الأولى واللوحة الثانية أو الثالثة .. الخ، وهمسات ابداعية خلاقة مما أنتج لنا السيرورة التشكيلية المكانية الجمالية، كما نرى الفنان المبدع محمد العروصي مستخدما في لوحاته نسخ التجريدي الصافي هو عبارة عن خطوط متوازنة في التركيب والتأويل المعاكس، أي والمخالف لمنطوق اللوحة المتناقضة حتى تضيف البهجة والبعد البصري ومضاداتها،الألوان مع بعضها والضوء والظل، واستعمال المساحات الفارغة اللذين تمليء اللوحة بهما.
فهو أحد التشكليين المغاربة الذي عشق اللون والريشة، وحضن المراسم، ليتمكن من دراسة أكاديمية زادت من مؤهلاته وعشقه لتجليات العمل الفني النابع من نياط القلب، المتشبع بالروح المتناغمة، فهو من المغامرين القلائل الباحثين عن قيمة التجريد اللوني المطلق في فضاء الحداثة اللونية المعبرة عن روح المعنى، فاللون وحده هو نقطة الارتكاز الأساسية في فنه، إذ يعتمد في تشكيله اللوني على مدى أو مركز معين في اللوحة، يكثف فيه إيقاعاته اللونية بحيث تتداخل الطبقات اللونية فيما بينها ضمن مركزية الفكرة، فهو يحول كل ما يجول بخاطره إلى فيض من الألوان المتداخلة والمتجاورة بقصدية ليست عفوية، بل تختزن نكهة من مزاج المكون المغربي الأصيل، مؤسسا بذلك مدرسة لونية خاصة به، تداخل فيها التوازن التجريدي بين العلاقة الشكلية والتعبيرية الباطنية، مشكلا سمفونية تحاول أن تجمع أزمنه متفاوته في لحظة واحدة من خلال هارمونية بصرية تعيد رسم معالم الواقع وفق رؤية فلسفية، تحمل الجوهر لتحيله إلى ما ورائية قصدية تتناغم بين الصفاء الروحي والتأمل العقلي.
إننا بتفحصنا لأعمال محمد العروصي نجد ذلك الترابط الموضوعي بين الشعر واللون والفلسفة والموسيقى. فقد لازم صورا حية وسهلة الانقياد لفهمنا، إن اشتغاله الفني يبتدئ من اهتمام هذا الفنان بفنون عصر النهضة وطبّعت صوره المستلة مواضيعها من طبيعة المشاهد التي نألفها في تجاربنا البصرية المعتادة. غير أن الفارق هو في التوليف الصوري وفي إنشاء الموضوعات المركبة، وفي اقتراح الصيغ المثلى في تغيير الاحتمالات الشكلانية للأشياء المرئية، بتغيير احتمالاتها المكانية على نحو مثير بحيث أنها تخلق شعورا بالارتحال إلى زمن لا يشبه زماننا. إنه عالم الأحلام، ومنه نقول أنه يمتلك المقدرة على التلوين ويهتم بالتفصيلات الدقيقة جدا، وغالبا ما يأتي اهتمامه هذا ليؤكد خبرة معرفية وفنية وحسية استطاع الفنان الكبير أن يكتسبها عبر تجربة امتدت سنوات عديدة جعلته يفاجأ المتلقي من اللحظة الأولى لفعل المشاهدة، بتحقيق حالة من الإبهار والتساؤلات، تجعله ينشد ببصره نحو اللوحة متفحصا عالمها المفترض، دون أن يجد لها إجابة واحدة بل عدة إجابات متداخلة فيما بينها وهو ما يجعلنا نعود لنقطة الانطلاقة أن للفنان محمد العروصي معجمه الخاص.
|| د. محمد الصفى بن عبدالقادر : عضو منهل الثقافة التربوية.