من أحدث المقالات المضافة.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : زهير محمد مليباري.
إجمالي القراءات : ﴿5559﴾.
عدد المشــاركات : ﴿15﴾.

كيف يتحقق التجريد في الفن الحديث ؟
■ إذا أخذنا مفهوم التجريد الذي يتصل بالأشكال التي تحمل دلالات واقعية، نجد أن معظم الفنون القديمة والحديثة تتصف بالتجريد. فالفنان مهما بلغت دقته في نقل عناصر الطبيعة لا يستطيع أن يحاكيها بشكل واقعي، (باستثناء الصورة الفوتوغرافية) فالفن الذي يحاكي الطبيعة يختلف عن مطابقة الواقع وعلى هذا الأساس من الابتعاد عن الواقع، يصبح العمل الفني عمل مجرد. وبهذا يصبح كل عمل فني يتصف بالتجريد، فالتصوير في الفن التشكيلي عامة "سواء قديماَ أو حديثاَ" ما هو إلا تعبير وترجمة أو تلخيص أو تبسيط أو تحوير لعناصر الطبيعة ومهما كانت القدرة الفنان على المطابقة الواقعية، فلابد أن يتدخل حسه ومشاعره وذاتيته فالعمل الفني، بهدف الوصول إلى تناسب علاقاتها أو أجزاءها وتمثيل عمومياتها. بهذا فأن التجريد في الفن هو مجرد محاولة لتجريد الطبيعة من عناصرها التفصيلية، والاكتفاء بالتعبير عن الجوهر، أي استبقاء ما هو جوهري وأساسي أو ما هو ثابت وباقي، فالموضوع أو الطبيعة محورة أو مصاغة بصياغة جديدة مجردة من تفصيلاتها الأساسية للوصول إلى التعبيرات الجوهرية للبناء الشكلي، دون أن تفقد الأشكال دلالاتها الطبيعية.

وهذا المفهوم للتجريد في الفن يتحقق بنسب ودرجات متفاوتة في الاتجاهات والأساليب الفنية المختلفة، ويعني ذلك أن العمل الفني هو صورة مختلفة في بعض جوانبها وتفاصيلها عن الأشكال الأصيلة في الطبيعة فالموضوع أو الطبيعة تمثل نقطة البداية عند الفنان وتمثل الانطلاقة، كما تمثل النهاية أيضاَ, غير أن بعض الاتجاهات التشكيلية مثل التكعيبية، قد تلخصت واختزلت الأشكال إلى درجة كبيرة وابتعدت بها عن دلالاتها المعروفة, مما يصعب معه التعرف على صلتها بالطبيعة، فجعل نقاد الفن يطلقون عليه مصطلح (أشكال نصف تمثيلية أو نصف تجريدية).